تصنيف دول المغرب العربي "كمواطن آمنة" يبقى مثيراً للجدل بألمانيا حيث عبرت منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان عن قلقها من هذه المبادرة الحكومية، التي يراد منها تقصير مدة البت في طلبات اللجوء وإتاحة ترحيل طالبي اللجوء بسرعة.
القانون الأساسي الألماني يعرف الدول كمواطن آمنة "عندما يتبين مضمونا عدم وجود ملاحقة سياسية أو إنزال عقوبة غير إنسانية أو معاملة مهينة". وهذا ما هو غير متوفر في دول المغرب العربي الثلاث: المغرب والجزائر وتونس، كما أشارت إلى ذلك خبيرة شئون اللجوء لدى منظمة العفو الدولية، فيبكه يوديت.
كما أن محكمة الدستور الاتحادية أقرت بعدم إبعاد لاجئين إلى بلدان تتعرض فيها فئات اجتماعية معينة للملاحقة السياسية. وتقول يوديت إن "هذا الشرط لا تتم مراعاته في دول المغرب العربي الثلاث". وتضيف يوديت: "في مشروع القانون لا ترد بعض خروقات حقوق الإنسان أو لا يتم تصنيفها بما يكفي. ومثال على ذلك الملاحقة القانونية للمثليين الجنسيين التي تحصل في الدول الثلاث".
تحقق فردي هندريك كريمر من المعهد الألماني لحقوق الإنسان يعبر هو الآخر عن قلقه من تصنيف المغرب والجزائر وتونس كدول آمنة. ويشير كريمر إلى أن معاهدة جنيف الخاصة باللجوء واتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية تضمنان لكل شخص يبحث عن الحماية من خرق حقوق الإنسان الحق في تقديم طلب لجوء يكفل ضرورة التحقق من حالته الفردية.
وهذا التحقق الفردي يجب أن يحصل في نزاهة تامة والتي هي جزء من الأسس العامة لدولة القانون. ويقول كريمر: "على هذا الأساس نعتبر من ناحية مبدئية مشروع الدول الآمنة إشكالية مطروحة من الناحية القانونية، لأنه يُفترض هنا أن دولة ما آمنة. ولا توجد مبدئياً دول آمنة".
من جانبها عارضت منظمة "برو أزول" الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين أيضا إدراج دول المغرب العربي ضمن المواطن الآمنة، وقال رئيس المنظمة غونتر بوركهارت لصحفية "فرانكفورتر روندشاو" اليوم الخميس (14 ابريل/ نيسان 2016) إن الدولة التي يتم فيها التعذيب لا يمكن وصفها بأنها آمنة.
ونشير إلى أن كلا من حزبي الخضر واليسار الألمانيين وكذلك بعض ساسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم في ألمانيا مثل وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى بوريس بيستوريوس يعارضون أيضا الحملة التي تدعو لتصنيف هذه الدول كمواطن آمنة.
وانطلاقا من هذه المعطيات يرفض المعهد الألماني لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية مبدئيا مشروع الدول الآمنة. بل إن فيبكه يوديت من منظمة العفو الدولية تعتبر أن هذا المشروع غير بناء بالنسبة إلى اللاجئين، وتقول: "إذا صنفنا بلدان المغرب العربي كدول آمنة، فإن هناك خطر الإيحاء وكأننا أصدرنا شيكا على بياض يؤكد لهذه الدول بأنها خالية من خروقات حقوق الإنسان".
ويؤكد هندريك كريمر بأن ألمانيا ليست مجهدة بسبب التحقق الفردي من حالات اللاجئين الذين يتم إيواء غالبيتهم، حسب اعتقاده من قبل بلدان الجنوب. وهذا يؤدي بناء على النقاش الدائر حاليا، والذي يوحي وكأن جميع اللاجئين يتوجهون إلى أوروبا، إلى خلاصة خاطئة للوضع وإلى الانطباع بأن جميع الناس يفرون إلى أوروبا، وهذا يحتاج إلى تصحيح.
توظيف سياسي قرار إعلان بلدان المغرب العربي دولا آمنة يبقى مثيراً للجدل ليس فقط من ناحية حقوق الإنسان بل أيضا سياسيا. ويتمثل أحد الاعتراضات في أن ذلك لا يقلص عدد طالبي اللجوء الذين يواصلون الهجرة.
معهد كيل للاقتصاد العالمي حاول التأكد من هذه التكهنات التي لا يمكن له في النهاية تأكيد صحتها. الجمهوريات اليوغوسلافية السابقة البوسنة والهرسك وصربيا والبوسنة صُنفت في 2014 دولا آمنة. والمقارنة مع الدول "التي ما تزال غير آمنة" أظهرت أن عدد طالبي اللجوء من الدول التي صُنفت "آمنة" تراجع. ويقول ريتشارد فرانكه من معهد كيل للاقتصاد العالمي إن "حجة بعض السياسيين بأن إعلان دول آمنة يُعد سياسة رمزية بلا مفعول لعدم تراجع عدد طلبات اللجوء تُعد غير مقنعة".
واعتبر أنه "من دون إعلان تلك الدول آمنة لارتفع ربما عدد طلبات اللجوء مثلما حصل في باقي دول البلقان الغربي". وأما إذا كان تصنيف دول المغرب العربي بأنها دول آمنة سيؤدي إلى تراجع عدد طالبي اللجوء الوافدين من هناك، فهذا يبقى مفتوحا. المؤكد هو أن اللاجئين من هذه البلدان يمكن إبعادهم بسرعة، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية.