أظهر تقرير غير حكومي اليوم الخميس (14 أبريل/ نيسان 2016) أن أكبر 50 شركة في الولايات المتحدة أخفت أكثر من تريليون دولار من أموالها في ملاذات ضريبية خارجية، وهو ما يزيد على إجمالي الناتج المحلي لقوى اقتصادية كبيرة مثل أسبانيا والمكسيك وأستراليا.
وذكرت منظمة أوكسفام المعنية بمكافحة الفقر والتمييز في العالم- في تقرير جديد- إن قائمة هذه الشركات العالمية تضم فايزر للأدوية وبنك جولدمان ساكس وداو كيميكالز للكيماويات وشيفرون للنفط وول مارت لمتاجر التجزئة وآي.بي.إم للكمبيوتر وبراكتور أند جامبل للسلع الاستهلاكية.
وتمتلك هذه الشركات أكثر من 1600 فرع مسجلة في الملاذات الضريبية أخفت من خلالها حوالي 1.3 تريليون دولار.
حمل التقرير عنوان "شروخ في القمة" وأشار إلى أن الشركات الأمريكية الخمسين حققت أرباحا تقدر بحوالي 4 تريليونات دولار على مستوى العالم خلال الفترة من 2008 إلى 2014 وحصلت على دعم هائل من الحكومة الأمريكية خلال الفترة نفسها يقدر بحوالي 11 تريليون دولار بحسب تقديرات المنظمة الموجود مقرها في بريطانيا، والتي قالت إن هذه الشركات حصلت على حوالي 27 دولارا كدعم حكومي مقابل كل دولار دفعته كضرائب اتحادية في الولايات المتحدة.
يأتي تقرير أوكسفام بعد أيام من الكشف عن أكبر عملية تسريب وثائق سرية في العالم والمعروفة باسم "وثائق بنما" التي كشفت عن تسجيل أكثر من 250 ألف شركة مملوكة لأثرياء وسياسيين وشخصيات شهيرة وشركات كبرى في الملاذات الضريبية في منطقة البحر الكاريبي من خلال شركة محاماة موجودة في بنما.
من ناحيته، قال كبير مستشاري الضرائب في أوكسفام روبي سيلفرمان "مرة ثانية لدينا دليل على حجم إساءة استغلال النظام الضريبي وبطريقة منهجية. لا يمكن الاستمرار مع الوضع الذي يتيح للأثرياء وأصحاب النفوذ عدم سداد نصيبهم العادل من الضرائب ويترك الباقي منا لكي نتحمل الفاتورة بمفردنا. يجب أن تعمل الحكومات في مختلف أنحاء العالم لإنهاء عصر الملاذات الضريبية".
يذكر أن عملية تفادي سداد الضرائب أصبحت أسلوبا معتادا في مختلف أنحاء العالم حيث تقول أوكسفام إن 90% من أكبر 200 شركة في العالم تستخدم الملاذات الضريبية لتفادي سداد كامل التزاماتها الضريبية.
كانت المفوضية الأوروبية قد كشفت يوم الثلثاء الماضي عن اقتراح لإلزام الشركات متعددة الجنسية بنشر المعلومات التفصيلية لأرباحها وضرائبها المسجلة في الملاذات الضريبية، وهو الاقتراح الذي أثار على الفور انتقادات من جانب مجموعات من النشطاء.
ويعد اقتراح المفوضية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، جزءا من خطة أوسع تستهدف التصدي لتهرب الشركات من الضرائب والذي تجسد بقوة في "وثائق بنما".
وتشير التقديرات إلى أن الملاذات الضريبية تكبد الخزانة العامة لدول الاتحاد الأوروبي حوالي 70 مليار يورو سنويا (80 مليار دولار) من الضرائب المستحقة لها.
وقال مفوض الخدمات المالية في الاتحاد الأوروبي جوناثان هيل إن "وثائق بنما لم تغير جدول أعمالنا لكني اعتقد أنها عززت عزمنا على التأكد من أنه يتم سداد الضرائب في الأماكن التي تحققت فيها الأرباح".
وأضاف أنه "باستخدام ترتيبات ضريبية معقدة، تستطيع بعض الشركات متعددة الجنسية تقليل الضرائب التي تدفعها بمقدار الثلث عما تدفعه الشركات التي تعمل في دولة واحدة".
وبحسب المقترح الأوروبي فإنه على الشركات متعددة الجنسية التي تزيد إيراداتها السنوية عن 750 مليون يورو في الاتحاد الأوروبي نشر بياناتها المفصلة الخاصة بنشاطها في كل دولة على حدة على موقعها الإلكتروني مع تحديد الأرباح التي تحققها في كل دولة والدول التي تسدد فيها ضرائب من بين دول الاتحاد الأوروبي.
ويقضي المقترح بإعلان الشركات عن أنشطتها في الملاذات الضريبية وهي الدول التي لا تلتزم بالمعايير الضريبية الدولية والتي تتواجد فيها هذه الشركات.
وبحسب أوكسفام فإن الشركات الأمريكية الخمسين الكبرى أنفقت حوالي 6ر2 مليار دولار للضغط على الحكومة الأمريكية من أجل الإبقاء على القواعد الضريبية في صالحها مع غيرها من السياسات المفيدة لها خلال الفترة من 2008 إلى .2014
وبحسب المنظمة العالمية فإن هذا الضغط يحقق عائدا لا يصدق للشركات حيث أنه مقابل كل دولار تنفقه هذه الشركات للضغط على الحكومة تحصل هذه الشركات معا على إعفاءات ضريبية بقيمة 130 دولارا وأكثر من 4000 دولار في صورة دعم حكومي متعدد الأشكال.