قالت "هيومن رايتس ووتش" أمس الثلثاء (12 أبريل/ نيسان 2016) إن المدنيين يقتلون في سورية بسبب هجمات عشوائية جديدة رغم "وقف الأعمال العدائية" الذي دخل حيز التنفيذ في 26 فبراير/شباط 2016.
بحسب منظمات حقوقية محلية وعمال إنقاذ مدنيين، شنت الحكومة واحدة من الغارات الأكثر دموية في 31 مارس/آذار على بلدة دير السفير، ما أسفر عن مقتل 31 مدنيا على الأقل، بينهن 9 نساء و12 طفلا. قال 3 شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم تكن هناك أهداف عسكرية قريبة. وفقا لمجلس حي الشيخ مقصود، وهو حي من أحياء مدينة حلب يقع تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي، أطلقت الجماعات المسلحة قذائف هاون وصواريخ محلية الصنع وقذائف مدفعية على الحي في 5 أبريل/نيسان ما أدى إلى مقتل 18 مدنيا على الأقل، بينهم 7 أطفال و5 نساء، وجرح 68. أكدت وزارة الدفاع الروسية عدد القتلى.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "رغم الانخفاض الحاصل في عدد الضحايا السوريين، مازال المدنيون يُقتلون في هجمات غير قانونية. على الدول الرئيسية التي تدفع المفاوضات في سورية - ولا سيما الولايات المتحدة وروسيا - الضغط على الأطراف المتحاربة في سورية بهدف وضع حد للهجمات غير القانونية".
يُتوقع أن تُستأنف المفاوضات بين الأطراف السورية المتحاربة يوم 13 أبريل/نيسان، لكن تجدد القتال في الأيام الأخيرة يهدد بعرقلة "وقف الأعمال العدائية".
على الولايات المتحدة وروسيا، المسؤولتان عن فريق عمل مراقبة تدابير وقف إطلاق النار في سورية الذي أنشئ في فبراير/شباط لرصد الهجمات العشوائية، اتخاذ تدابير قوية لإيقاف المزيد من الهجمات العشوائية أو استخدام الأسلحة ذات الآثار العشوائية.
أخبر أعضاء من مجموعات الدفاع المدني المحلية وفرق الإنقاذ في الغوطة الشرقية، حيث وقع هجوم 31 مارس/آذار، هيومن رايتس ووتش أن طائرة سورية قصفت مدرسة ومستشفى. قال ياسر دغمش، رئيس الدفاع المدني في الغوطة الشرقية، "هرعت إلى مكان الحادث ورأيت النساء والأطفال يركضون في كل مكان مذعورين. شاهدنا أشلاء جثث في الشارع وأناس تحت الأنقاض".
اطلعت هيومن رايتس ووتش على فيديو حول الهجوم يظهر فيه أعضاء فرق إنقاذ يحاولون إنقاذ النساء والأطفال من تحت الأنقاض والمباني المدمرة. كانت أصوات الطائرات المحلقة في سماء المنطقة مسموعة، فضلا عن أصوات انفجارات أثناء قيام عمال الإنقاذ بعملهم. يُظهر الفيديو أيضا لقطات لأطفال صغار في زيهم المدرسي وحقائبهم يهربون من المدرسة. تلقت هيومن رايتس ووتش قائمة بأسماء 31 قتيلا من مجموعة الدفاع المدني المحلية.
قال آدم الشامي، ناشط إعلامي محلي كان في دير السفير في وقت الهجوم، لـ هيومن رايتس ووتش إن مبنى الدفاع المدني دُمّر، وكذلك مستشفى ومدرسة. قالت جماعة الدفاع المدني المحلية إن هناك 14 قنبلة أُسقطت على المدينة، كما أظهرت أشرطة الفيديو المباني المتضررة، لكنها لم تُشر إن كانت للمشفى أو المدرسة اللذان تعرضا للقصف. نفى دغمش والشامي وجود أي أهداف عسكرية قريبة، ولم تصدر الحكومة السورية أي بيانات حول الهجوم.
قال الشامي: "وقع التفجير في مناطق مدنية تماما في حي عشيرة، حيث توفي أحد أفراد الدفاع المدني السوري في الهجوم."
قال عماد داود، عضو المجلس المحلي في حي الشيخ مقصود في حلب: "أطلقت الجماعات المسلحة المعارضة صواريخ محلية الصنع وصواريخ غراد وقذائف هاون". قال نشطاء محليون إن الجماعات المسلحة بدأت الهجمات في أعقاب اشتباكات مع الميليشيات الكردية للسيطرة على شارع رئيسي.
وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قصفت الجماعات المسلحة الحي بـ 23 صاروخا في 6 مارس/آذار، ما أسفر عن مقتل 9 مدنيين بينهم 4 أطفال. في 19 مارس/آذار، قُتل 4 مدنيين، بينهم طفلان، في إطلاق صواريخ على الشيخ مقصود من حي الهلّك، الذي تسيطر عليه جماعات مسلحة. اطلعت هيومن رايتس ووتش على فيديو نُشر يوم 7 مارس/آذار يُظهر متمردين من لواء ثوار الشام يجهزون صواريخ أسطوانية مصنوعة محليا استعدادا لإطلاقها على الشيخ مقصود.
قالت بروين روج، صحفية محلية في الشيخ مقصود، في 8 أبريل/نيسان، إن القصف العنيف الذي بدأ في 5 أبريل/نيسان لم يتوقف، وإن المشفى امتلأ بالقتلى والجرحى.
أضافت: "لا يزال هناك أشخاص تحت الأنقاض في أماكن لا يمكن لفرق الإنقاذ الوصول إليها."
أظهر شريط فيديو عقب هجمات 5 أبريل/نيسان ضحايا يعالجون من صعوبة في التنفس. كما أظهر لقطات لأطفال دفنوا تحت أنقاض المباني المدمرة، وآخرون ملطخون بالدماء وملفوفون في أغطية بعد رفعهم من تحت الأنقاض.
أصدر "التحالف الوطني السوري"، وهو منظمة تضم جهات معارضة رئيسية، بيانا أدان هجمات 5 أبريل/نيسان. أصدر الناطق الرسمي لجيش الإسلام، وهي جماعة متشددة، في 7 أبريل/نيسان بيانا قال فيه: "خلال هذه المواجهات [مع الميليشيات الكردية]، قام أحد القادة الميدانيين في جيش الإسلام باستخدام أسلحة غير مصرح له باستخدامها في مثل هذه المواجهات، الأمر الذي يُعد مخالفة للقواعد الداخلية للجماعة، فتمت إحالته إلى القضاء العسكري التابع للجيش [جيش الإسلام] ".
فاوض "فريق دعم سورية الدولي"، وهو مجموعة البلدان التي تقود حملة لوقف إطلاق النار في سورية، على وقف الأعمال العدائية، حيث وافقت القوات السورية والروسية على وقف غاراتها الجوية ما عدا المواقع التي تُسيطر عليها جماعات متشددة مثل "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروفة باسم "داعش". مع ذلك، رغم انخفاض عدد القتلى المدنيين الشهر الماضي، استمرت الهجمات العشوائية ضد المناطق المدنية، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان المحلية والدفاع المدني السوري، وهو مجموعة بحث وإنقاذ تتألف من عمال متطوعين.
أعدت الولايات المتحدة وروسيا، الطرفان الرئيسان المشاركان في فريق العمل الخاص بوقف إطلاق النار في سورية، نظاما للرصد مع خط هاتفي للأفراد أو الجماعات السورية للإبلاغ عن انتهاكات وقف إطلاق النار عن طريق الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على فريق العمل تقوية آلية الإبلاغ عن الانتهاكات، لاسيما تجاه الغارات التي تقتل المدنيين، والتحدث علنا عن انتهاكات قوانين الحرب، واتخاذ التدابير اللازمة لمعاقبة وردع مثل هذه الانتهاكات.
قال نديم حوري: "مع استئناف القتال في أجزاء من سورية، على الداعمين الرئيسيين للمفاوضات التأكد من أن حماية المدنيين هي أولوية رئيسية من خلال تعزيز آلية الرصد وإرسال إشارات تحذير قوية إلى جميع الأطراف المتحاربة التي تستمر في استهداف المدنيين أو استخدام الهجمات العشوائية".