عندما أُنشئت شركة نفط البحرين (بابكو) تمّ تصميمها لتكون في خدمة الاحتياجات الصاعدة في ثلاثينات القرن الماضي، ولأنّ الطلب كان أكثر على الديزل، فإنّ المصفاة تمّ تصميمها لذلك، والبحرين تطوّرت سريعاً بسبب ما وفّرَته صناعة النفط آنذاك. وقريباً، فإنّ احتياجات الطاقة ستفرض على البحرين اللجوء لاستيراد الغاز؛ ولذا أعلن وزير الطاقة عبدالحسين ميرزا في فبراير/ شباط 2016 أنه تمّ الاتفاق مع شركة غازبروم الروسيّة على إنشاء مركز للغاز المُسال (الروسي) في البحرين.

الاتفاق المذكور يشمل استيراد الغاز المُسال وإعادة توزيع الغاز إلى دول الخليج المجاورة. وتُعتبَر هذه الفكرة حسنة، ولاسيما أنّ جميع دول الخليج، باستثناء قطر، ستحتاج في المستقبل إلى استيراد الغاز بكميّات مختلفة، وقد وقّعت مؤخراً شركة نفط الكويت عقوداً لاستيراد 2.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المُسال سنويّاً حتى العام 2020 لتلبية احتياجات الكويت.

البحرين تخطط منذ فترة لأن تتحوّل إلى مركز إقليمي لوجستي، وقد تمّ تأسيس شركة لاستيراد وتصدير الغاز المُسال، وهناك خطط لتطوير بنية تحتيّة وتوفير السفن الناقلة للغاز، ووحدة تخزين عائمة، ومنصّة لتبخير الغاز المُسال ليعود إلى حالته الغازيّة، وأنابيب تحت الماء لنقل الغاز من المنصّة إلى الشاطئ، ومرفق برّيّ لاستلام الغاز، إضافة إلى منشأة برّيّة لإنتاج النيتروجين، الخ، وكلفة هذا المشروع المخطط أن يكون جاهزاً في 2018، ستصل إلى أكثر من 600 مليون دولار.

غير أن المسافات بين الدول المنتجة والمستهلكة للغاز تحتاج إلى وسائل نقل ضخمة، وهذا بحَدِّ ذاته يُمثّلُ تحدّياً من الناحية الجيوسياسية؛ لأنّ المخاطر والشواغل الأمنيّة تفرض نمطاً مختلفاً لتعامل المستثمرين، ولاسيما أن التزوُّد بالغاز يحتاج إلى عقود طويلة الأجل، ولا توجد عادةً استعدادات سريعة لمتغيّرات العرض والطلب كما هو الحال مع النفط.

ولكن بعد تعطُّل خيارات مَدّ أنابيب غاز من دول الجوار، لأيِّ سبب كان، فقد أصبح مشروع استيراد وإعادة تصدير الغاز الطبيعي المُسال أمراً استراتيجيّاً. الحاجة ستزداد لتطوير الكثير من الاستعدادات لاستقبال وتخزين واستهلاك الغاز بحالته السائلة؛ ولذا فإنّ إشراك القطاع الخاص العالمي والمحلي سيتطلَّب جهوداً نوعيّة وسياسات بعيدة المدى تنظر إلى المستقبل عبر رؤية استراتيجية مناسبة.