طرحت المفوضية الأوروبية أمس الثلثاء (12 أبريل/ نيسان 2016) في ستراسبورغ تدابير جديدة لمكافحة انعدام الشفافية الضريبية لدى الشركات المتعددة الجنسيات، وسط عاصفة «وثائق بنما» التي شددت الضغط على جميع الدول الكبرى من أجل مكافحة التهرب الضريبي.
ويأتي عرض هذه الخطة التي وضعها المفوض الأوروبي للمسائل الضريبية الفرنسي بيار موسكوفيسي والمفوض المكلف الاستقرار المالي البريطاني جوناثان هيل، على البرلمان الأوروبي في الساعة 13,00 ت غ بعد مشاورات عامة ودراسة تقييمية، كانت مرتقبة منذ وقت طويل.
كما أنها تأتي بعد الصدمة التي هزت العالم أجمع إثر كشف الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين عن نظام تهرب ضريبي واسع النطاق.
وتقضي مذكرة المفوضية الجديدة بكشف بلدان الاتحاد «دولة بدولة» عن البيانات الحسابية والضريبية للشركات المتعددة الجنسيات، بما يشمل حجم إيراداتها وأرباحها، فضلاً عن القاعدة الضريبية وقيمة الضرائب التي دفعت في مختلف الدول الأعضاء.
وبمجرد أن يكون للشركات فرع في الاتحاد الأوروبي وإيرادات لا تقل عن 750 مليون يورو، فستلزم بنشر هذه العناصر، أياً كانت جنسياتها، سواء أوروبية أو غيرها.
أما الشركات التي لا تملك فروعاً في الاتحاد الأوروبي، فستطلب المفوضية المعلومات ذاتها ولكن في ما يتعلق بأنشطتها الشاملة في العالم بأسره، مع طلب المزيد من التفاصيل بالنسبة لأنشطتها في الدول المدرجة على قائمة الملاذات الضريبية.
كما من المفترض الإعلان الخميس عن إنشاء لجنة تحقيق برلمانية حول تبعات تسريبات «وثائق بنما» في الاتحاد، الأمر الذي رحب به النواب الأوروبيون وفي طليعتهم الخضر.
غير أن هذا المقترح لا يذهب بعيداً بما يكفي برأي العديد من المنظمات غير الحكومية التي تطالب بمزيد من الشفافية، ومن بينها منظمة «وان» التي تأسف لكون الشركات الكبرى التي يفوق إجمالي إيراداتها 750 مليون يورو، وحدها معنية بوجوب الإفصاح عن بياناتها الأساسية.
وأشارت منظمة «وان» غير الحكومية أيضاً إلى ثغرة أخرى تبقي أنشطة الشركات خارج الاتحاد الأوروبي طي الكتمان، إذ يقتصر إلزام الدول بالإفصاح عن البيانات على بلدان الكتلة الأوروبية.
وأوضحت المنظمة مؤخراً أنه «بدون هذه المعلومات، سيكون من المستحيل معرفة المزيد عن أنشطة الشركات المتعددة الجنسيات في عدد كبير من الملاذات الضريبية، وكشف مؤشرات عن اليات محتملة للتهرب الضريبي».
كما لفتت المستشارة السياسية للشئون الضريبية في أوكسفام أورور شاردوني إلى «وجود ملاذات ضريبية في الاتحاد الأوروبي نفسه، وكذلك في دول كبرى متطورة كالولايات المتحدة. بالتالي رسالتنا هي فعلاً الشفافية الضريبية للجميع».
وتندرج التدابير في سياق حملة أوسع نطاقاً باشرتها السلطة التنفيذية الأوروبية لمكافحة التهرب الضريبي بعد فضيحة «لوكسمبورغ ليكس» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.
وكشفت هذه الفضيحة عن نظام تهرب ضريبي على نطاق واسع تطبقه الشركات المتعددة الجنسيات، وسلطت الأضواء بصورة خاصة على دور بعض الدول وفي طليعتها لوكسمبورغ التي وقعت بحسب الوثائق المسربة آنذاك، اتفاقات مالية سرية مع 340 شركة متعددة الجنسيات من بينها أبل وأمازون وإيكيا وبيبسي للحد من الضريبة على الأرباح.
كما ستقترح المفوضية «وضع قائمة سوداء أوروبية للملاذات الضريبية في مهلة ستة أشهر».
العدد 4967 - الثلثاء 12 أبريل 2016م الموافق 05 رجب 1437هـ