يسلِّط تقرير هيتي جوداه في صحيفة «الإندبندنت» يوم الأحد (13 مارس/ آّذار 2016)، الضوء على الموجة الجديدة لاستخدامات الطين، وإعادة اكتشاف التقنيات الحرفية التقليدية في «Art Show»، ومركز «تروي تاون»، وإن خصصت جزءاً منه لتناول أعمال وتقنيات إيما هارت، إلا أنها عرَّجت على أعمال عدد من المشاركين، والمهتمين والحاضرين بقوة في هذا الحقل أمثال: بيتي وودمان، كارولين أشنتري، آرون أنجيل، وجيسي واين.
هارت الحائزة على جائزة «Max Mara» الفنية للنساء للعام 2016، لديها اهتمام بمجالات عديدة مثل التصوير، والأعمال المُعتمدة على السيراميك، وكذلك التصوير على الفخار.
تتناول جوداه جوانب فنية من أعمال هارت... الخطوط العريضة على زجاجات السيراميك، وكؤوس النبيذ والصواني التي تحملها أذرع من السيراميك... ألواح الفخار التي تتألق من بين مجموعة أعمالها. هنا أهم ما جاء في التقرير، مع هوامش وتعريف ببعض المراكز والمعارض الشهيرة التي وردت في التقرير.
إنها قدرة يمكن ملاحظتها في طريق تطوُّر النحت، في خطوة باتجاه التناغم مع العالم المادي في جانبه الساكن، اعتماداً على تقنيات متطورة ووسائل إعلام ناشئة.
على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، هيمنت على الساحة الفنية أعمال استكشاف العالم الرقمي: الشغل الشاغل الذي انعكس في الوقْع والجاذبية التي أحدثتها التكنولوجيا الفائقة في المعارض الحالية مثل: «Electronic Superhighway» في «وايت تشابل» في لندن و «Imitation Game» (لعبة التزييف) في معرض الفنون بمانشستر.
مقابل هذا الحذر من الاستئصال، يظل الحاسوب مهيمناً على خلفية الكثير من المشاهد الفنية، ومن الصعب ألاَّ ترى تجدُّد الاهتمام بواحد من أعرق عناصر أشكال الفن - السيراميك - باعتباره أقل اعتماداً على التكنولوجيا وما تمثله من تحدٍ في هذا المجال، كما يردُّ مناصرو هذا الاتجاه.
هذا التوجه في العمل على السيراميك، والأعمال التي تتخذ من الطين مادتها في الأشكال الفنية، هو جزء من إعادة اكتشاف أوسع للتقنيات الحرفية التقليدية مثل النسيج، حيث يعود الطين مرة أخرى ولكن ببطء إلى الممارسة النحتية، مثل الكثير من الشرائط الرمادية التي تزيِّن ملابسك بعد زيارة للأستوديو، وفجأة تصبح مثل تلك الأشياء وكأنها في كل مكان.
الموجة الجديدة
موجة جديدة من المواهب تعزِّز حضور السيراميك في أعمالها، ومن بين تلك المواهب إيما هارت، الحائزة على جائزة «Max Mara» الفنية للنساء للعام 2016، والتي لديها اهتمام بمجالات عديدة مثل التصوير، والأعمال المعتمدة على السيراميك، وكذلك التصوير على الفخار.
في الأعمال يمكن رؤية الخطوط العريضة على زجاجات السيراميك، وكؤوس النبيذ التي قدَّمتها هارت، علاوة على الصواني التي تحملها أذرعاً من السيراميك، ومن بينها ألواح الفخار التي تتألق من بين مجموعة أعمال الفنانة. وكشفت إيما من خلال طبقات الصور على السيراميك تمكُّنها من مزج وثني للصور. ثمة ما يبدو أثراً سريعاً في الاشتغال على الطين، والذي هو على عكس الصورة، بقدرة الأول على وضع مشاعر فورية على سطحه، بالقدرة على التشكيل بطرق مختلفة.
وجَّه مناصرو «حركة الطين بكاليفورنيا»، باعتبار المادة وسيلة للنحت، من قبل جيل الشباب من الفنانين لإعادة النظر في الأعمال التي انكفأت في الظل على مدى عقود، لصالح الأعمال التي طغت عليها مادة السيراميك.
في ربيع هذا العام، خصصت إدارة معرض «ICA» مساحات للارتقاء بأعمال الرسم ونحت السيراميك بواسطة الفنانة بيتي وودمان، التي قامات بعرض أعمالها على امتداد العشر سنوات الماضية، وتضم تصميمات داخلية يدخل في تكوينها السيراميك والأواني الثنائية والثلاثية... المزهريات المرسوم عليها شخصيات نسائية ترتدي الكيمونو، ومن بين الأعمال المعروضة وتعكس الألوان الزاهية في المعرض، تلك التي أنجزتها وودمان فترة إقامتها في توسكانا في ستينات القرن الماضي، في بحثها للمرة الأولى عن السيراميك الإتروسكاني.
الطِّين مثل السحْر
بدأت وودمان حياتها الفنية في خمسينات القرن الماضي مع اكتساب حركة «كلاي كاليفورنيا» حضوراً وزخماً كبيراً، وتجلَّى ذلك في التكريم الذي أقامه لها متحف متروبوليتان للفنون بعد عشر سنوات، وهو المعرض الأول المنفرد لها في بريطانيا. وقالت وودمان: «الطين مثل السحر، حيث يمكنك صنع شيء من لا شيء، إنه مادة محبَّبة وطيِّعة فالكثير ممن نعرفهم لديهم تجارب مع الطين في بعض الأشياء المنزلية المصنوعة منه».
وودمان صرَّحت بعدم ارتياحها عندما زارت «V&A»؛ حيث وضعت أعمالها على الرف مع الأواني الأخرى، مشيرة إلى أنها لم ترد أن يُنظر إلى أعمالها في نطاق السيراميك فحسب؛ ولكنها أرادت أن يُنظر إليها في نطاق أوسع للفن».
بعودة السيراميك بعد غياب طويل إلى معرض «Art Show» في بريطانيا، والذي ظلَّت فعالياته مستمرة لخمس سنوات، تم إحياء هذه المادة المذهلة - إلى جانب مادة الطين - وضمت الأعمال تماثيل لعدد من الفنانين مثل: كارولين أشنتري وأرون أنجيل وجيسي واين.
من جهتها أعادت الفنانة الشابة كارولين أشنتري، إحياء استخدام الطين في التوظيفات الفنية، بعد تواريه على امتداد عقود. وقالت: «إن الطين يمكن أن يكون طيِّعاً جداً ومغرٍ في الوقت نفسه، وأنا أحبه»، كون أعمالها تتخذ أشكالاً متنوعة، بما في ذلك الأقمشة المنسوجة المنعقدة، ويبدو الاشتغال عليها كبيراً».
في معرضها الأخير في «Arcade Fine Arts» قدمت منحوتات تجمع بين عناصر السيراميك والقماش وبشكل معقد، استدعت بالمنحوتات، أثار الأقنعة والطقوس من خلال طيَّات موحية أو من خلال ثقوب تحملها.
ترجمة الطِّين
تجدرر الإشارة هنا إلى أن أشنتري عملت مع مادة الطين من خلال عدد من الدروس المسائية ومراكز المجتمع المختلفة، بإتاحة ورشة لها في «مركز تروي تاون»، الذي أسسه أرون أنجيل في شرق لندن مطلع العام 2014.
وكانت فرصة كبيرة لتقديم ما لديها من فنون وإبداعات؛ إذ هي أول ورشة تشارك فيها وقد أحيطت بمجموعة من الفنانين الذين يتعاملون مع الطين للمرة الأولى، وعن ذلك قالت: «كان رائعاً رؤية كيف يترجم الفنانون أعمالهم من خلال الطين، من دون أن يخبرهم أحد ما الذي يتوجب عليهم فعله؛ لكنهم وجدوا طريقهم بأنفسهم».
فيما يظل «تروي تاون» مفتوحاً لاستخدام المجتمع، هنالك حظر على إنتاج الأشياء (الأعمال) الوظيفية. آرون آنجيل ردَّ مدافعاً عن ذلك الحظر، بأن تشغيل ورشة عمل مفتوحة هو السبيل الوحيد بالنسبة له للحفاظ على أستوديو السيراميك في لندن.
وبالنسبة إلى الفنانين الراغبين في العمل، هنالك استوديوهات خاصة بالسيراميك في المدارس الفنية، أو بعض المرافق المجتمعية للفخار. وذكر الفنان أنجيل الذي واجه صعوبة في العثور على استوديوهات تسمح له بالتجريب ضمن أعماله «كانت هنالك مقاومة داخلية من تلك الإدارات، بالإضافة إلى سوء استعمال الأدوات من قبل الفنانين أو عدم فهم الأساسيات».
بموقعه في الطابق العلوي بأستدويو في مركز للفنون بـ «هاكني»، استضاف «تروي تاون» 62 فناناً مُقيماً على مدى العامين الماضيين، مثلما استضاف ورش عمل مجتمعية، وسينتقل المركز إلى مبان أكبر في أبريل/ نيسان الجاري.
حائط أنجيل الزجاجي
تم تخصيص مكان الصدارة لحائط الفنان أنجيل الزجاجي، والذي يتكون من بلاطات خزفية تتخذ شكل طابع بريد مع هيئة بروفايل للمغنى وكاتب الأغاني كريستى ماكول. وقال أنجيل: «صنعنا هذه الأعمال الفنية من الصفر، مررت بمراحل مكثفة لتصنيعها، وكنت مهووساً بها في فترة من الفترات».
«تشييد، رمْي: كل تلك الأمور عمومية جداً، ولكن التزجيج هو دائماً الإحاطة المُشفَّرة في وعاء، منذ بداية تشغيل الأشخاص استوديوهات السيراميك».
حاليا، تمتلئ رفوف الأستوديو بأعمال الفنانين السابقين، الذين وجه إليهم تكليف بالمشاركة في معرض سيراميك في تيت سانت ايفيس برعاية أنجيل والذي سيكون فنان المعرض القادم. ويقدم المعرض أعمال «تروي تاون» للأواني الفنية، إلى جانب أعمال السيراميك القديمة من قبل «حركة كلاى كاليفورنيا»، بمشاركة مجموعة من الفنانين من بينهم: ريتشارد سلى وجيليان أوندز.
إيما هارت
تمتد ممارسة إيما هارت الفنية إلى الفيديو، النحت، والتركيب. تستخدم أعمالها كوسيلة يمكن من خلالها إنتاج وتوثيق الأحداث. تحمل درجة الدكتوراه في أبحاث الفنون الجميلة من جامعة كينغستون، وتعرف أعمالها بالتجريبية الملائمة والأبحاث الغنية. غالباً ما تُقدَّم أعمال هارت في صورة استعراضات تقوم بتأديتها. تخلق المساحات وتعمل على تجهيزها لتكون متوائمة مع التماثيل، الدعائم، والمشهد عموماً. عروضها الموجهة تشمل المنحوتات ذات الأداء العالي، مثل عملها الذي أنجزته في العام 2011، والذي أطلقت عليه «TO DO»؛ حيث عمدت فيه إلى تسخير التكنولوجيا وكانت الكاميرات جزءاً لا يتجزأ من عرض وتسجيل المحتوى. يبين عمل هارت بتلك التجربة كيف أن الفن يمكن له أن يتجاوز التجربة البصرية ويملك القدرة على إثارة الحوار والتفاعل.
عرضت هارت أعمالها على الصعيد الدولي منذ أواخر العام 2000، بما في ذلك عروض في «بيرفورما 09»، و «بينالي وايتستابل»، و «مركز الفنون بكامدن» في العاصمة البريطانية (لندن)، حيث كانت فنانة مقيمة في العام 2009.
معرض مانشستر للفنون
معرض مانشستر للفنون، والذي كان يُعرف سابقاً باسم «معرض مانشستر سيتي للفنون»، متحف للفن مملوك للقطاع العام، ويقع في شارع موسلي وسط مدينة مانشستر. تم بناء مقر المعرض الرئيسي في العام 1823، من أجل تعليم المجتمع، وتحتل مجموعته اليوم ثلاثة مبانٍ متصلة، اثنان منها تم تصميمهما من قبل السير تشارلز باري. تم تصميم المبنى الذي يربط بينها من قبل «المعماريون هوبكنز» بعد الدخول في منافسة للتصميم المعماري نظَّمها المعهد الملكي للهندسة المعمارية «RIBA». تم افتتاحه في العام 2002، بعد مشروع ترميم وتوسعة كبيرة.
والدخول إلى المعرض مجاني، ويفتح أبوابه طوال أيام الأسبوع. ويضم العديد من الأعمال ذات الأهمية المحلية والعالمية، ولديه مجموعة فنية تزيد على 25 ألفاً. زار المتحف التابع له أكثر من نصف مليون شخص خلال العام، وفقاً للأرقام الصادرة في أبريل/ نيسان 2014.
ويضم المعرض سلسلة من الأعمال الفنية للمشاركة في مهرجان غلاسغو الدولي الشهر المقبل، وسيوضع بعضها في المنازل الزجاجية في حدائق Botanic Gardens في المدينة، ويمكن القول إن الفنان أنجيل الذي قدم العديد من الأعمال لتمكين فن الخزف تمتد ممارساته الفنية إلى ما وراء الطين كمادة، ويضيف أنجيل «إن المادة هي مجرد وسيلة لتحقيق غاية».
تأثير تكنولوجيا الحاسوب والإنترنت
قدَّم معرض وايت تشابل في يناير/ كانون الثاني 2016 «الطريق السريعة الإلكترونية» (2016-1966) المعرض البارز الذي يجمع بين أكثر من 100 عمل فني لإظهار تأثير تكنولوجيا الحاسوب والإنترنت على الفنانين من منتصف ستينات القرن الماضي إلى يومنا هذا.
ويضم المعرض أعمال الوسائط المتعدِّدة الجديدة، جنباً إلى جنب مع الأفلام والرسم والنحت والتصوير والتخطيط من قبل أكثر من 70 فناناً، بما في ذلك أعمال: كوري أركانجيل، روي أسكوت، جيريمي بيلي، جوديث باري، جيمس بريدل، دوغلاس كوبلاند، كونستانت دولاآرت، لين هيرشمان ليسون، فيرا مولنار، تريفور باغلين، نام جون بايك، جون رافمان، هيتو ستيرل، ريان تريكارتن، أماليا أولمان، وأولا ويغن.
تم استيحاء عنوان المعرض من مصطلح صِيغَ في العام 1974 من قبل رائد فن الفيديو الكوري نام جون بايك، الذي توقع إمكانات الاتصالات العالمية من خلال التكنولوجيا. كما يوضح المعرض، بأن شبكة الإنترنت وفرت المواد لأجيال مختلفة من الفنانين.