أكد تقرير لبنك الكويت الوطني تقلبات عوائد أدوات الدين في الخليج في الربع الأول 2016، وأن الإصدارات السيادية في الطليعة، وقال التقرير: شهدت عوائد أدوات الدين السيادية الخليجية تقلبات خلال الربع الأول من عام 2016، ولكنها أنهت الربع من دون تغيير يذكر عن الربع الأخير من عام 2015 ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الثلثاء (12 أبريل/ نيسان 2016).
فقد ارتفعت ثقة المستثمر وسط تعافي أسعار النفط، لكن العوائد جاءت أعلى مما كانت عليه في العام الماضي، ولا تزال وتيرة إصدار السندات السيادية هي المحرك الاول لنمو أدوات الدين تماشياً مع لجوء بعض الحكومات إلى أسواق الدين لغرض تمويل العجز الناشئ في ميزانياتها بأسعار مقبولة. وقد ارتفعت الضغوطات على السيولة المحلية تماشياً مع ارتفاع الدين بالعملة المحلية، مما دفع ببعض دول المجلس التعاون الخليجي للتوجه نحو الأسواق العالمية. لكن حذر المستثمر الاجنبي قد يشكل عائقا تجاه تلك الاصدارات.
وارتفعت عوائد أدوات الدين السيادية مقارنة بالربع الأخير من عام 2015، لتصل إلى أعلى مستوى لها في يناير، لتبدأ بالتراجع تدريجياً خلال بقية الربع الأول من عام 2016. وقد تسببت مستويات أسعار النفط المتدنية في زيادة تقلبات عوائد أدوات الدين. ففي بداية الربع، سجلت العوائد أسرع وتيرة ارتفاع لها لم نشهدها منذ قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي برفع عمليات التيسير، إثر تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في اثني عشر عاماً. فقد ارتفعت العوائد على السندات في دبي المستحقة في عام 2021 بواقع 57 نقطة أساس، كما ارتفعت العوائد على السندات في قطر المستحقة في عام 2022 بواقع 47 نقطة أساس خلال الفترة. ومنذ ان شهدت أسعار النفط تعافياً، استرجعت العوائد مستوياتها بعد تخلصها من النقاط الإضافية التي اكتسبتها في تلك الفترة. وقد استقرت العوائد على السندات في دبي المستحقة في عام 2021 بحلول نهاية الربع من دون تغيير يذكر عند %3.58، وتراجعت العوائد على السندات في قطر المستحقة في عام 2022، بواقع 20 نقطة أساس لتستقر عند %2.60.
وقد استفادت ثقة المستثمر من التطورات الإيجابية، التي طرأت على أسعار النفط والإصلاحات الاقتصادية المختلفة في دول مجلس التعاون الخليجي. فقد سجلت مبادلات مخاطر عدم السداد، التي تعكس مدى تعثر سداد الديون، تراجعاً ملحوظاً يتراوح ما بين 34 إلى 86 نقطة أساس في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما في دبي. ولم يكن لخفض التصنيف وتوقعات الوكالات العالمية بشأن تلك الاقتصادات تأثير ملحوظ على مستوى الثقة. كما بدأت دول مجلس التعاون الخليجي بتطبيق إجراءات لمواجهة التحديات المالية، الأمر الذي ساهم في تهدئة مخاوف المستثمرين.
وعلى الرغم من تحسن الأوضاع بشكل عام، فإن العوائد ومبادلات مخاطر عدم السداد قد ارتفعت في معظم دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة بالعام الماضي. فقد ارتفعت عوائد السندات في دبي لفترة السنوات الخمس، بواقع 58 نقطة أساس خلال الإثني عشر شهراً الماضي، فيما ارتفع معدلها لمبادلات مخاطر الائتمان بواقع 6 نقاط أساس خلال الفترة ذاتها، وبواقع 34 نقاط اساس منذ يوليو 2015، عندما سجلت ادنى مستوى لها ذاك العام. بينما قفز معدل مبادلات مخاطر عدم السداد في البحرين بواقع 89 نقطة أساس تبعه ثاني أعلى معدل لمبادلات مخاطر عدم السداد في السعودية، والذي ارتفع بواقع 72 نقطة أساس منذ الربع الأول من عام 2015. وتجدر الإشارة إلى أن البحرين والسعودية تعدان اثنين من بين أكثر الاقتصادات عرضة للتأثر بتحركات أسعار النفط. ومن المتوقع أن ترتفع الضغوطات مستقبلاً على العوائد ومعدلات مبادلات مخاطر عدم السداد، إذا ما تأثرت مرة أخرى بتحركات أسعار النفط أو التطورات الجيوسياسية التي بدأت بالركود قليلاً.
وقد لجأت دول مجلس التعاون الخليجي إلى إصدارات أدوات الدين تماشياً مع تراجع العوائد، وذلك بغرض تمويل العجز في ميزانياتها، الذي يصل بالإجمال إلى 140 مليار دولار لعام 2016. وقد بلغت إصدارات أدوات الدين السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي 16.5 مليار دولار في الربع الأول من عام 2016، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع السندات القائمة بواقع %18، واستقرارها عند 314 مليار دولار.
وقد استمر نشاط الإصدارات السيادية، الذي جاء معظمه بالعملة المحلية في فرض ضغوطاته على السيولة المحلية. وقد لجأت بعض دول مجلس التعاون الخليجي إلى اتباع سياسات مالية ميسرة لمواجهة هذه الضغوطات. فقد رفعت كل من الكويت والسعودية نسبة القروض إلى الودائع، كما قامت الكويت بإلغاء احتساب ودائع الإنتربنك من هذه النسبة. وقد أدى ذلك إلى تراجع أسعار الإنتربنك من مستوياتها المرتفعة، لكنها مازالت تعكس وجود ضغوطات على السيولة.
ولجأت دول مجلس التعاون الخليجي إلى طلب التمويل، من خلال إصدار السندات في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى اللجوء لقروض مشتركة يتم تمويلها من قبل بنوك عالمية، خوفاً من تراكم الضغوطات على أسواق دينها المحلية. وتعمل عمان حالياً على جمع 5 إلى 10 مليارات دولار من السندات العالمية، كما تقوم الكويت بجمع 3 مليارات دولار، بينما اتجهت السعودية للحصول على قروض مشتركة بقيمة 6 إلى 8 مليارات دولار من بنوك عالمية، لكن ارتفاع مطالبات العوائد من قبل المستثمرين العالمين قد تعيق من عمليات الاقتراض تلك، كما حدث للبحرين، حينما سحبت عرضها من أسواق الدين العالمية، وذلك لانخفاض عوائد دينها.