رأت دراسة علمية في جامعة البحرين أن من الأهمية بمكان توسيع نطاق الرقابة الدستورية، لتشمل رقابة الإغفال التشريعي على نحو أكثر صراحة، وأكثر تطبيقاً في الموضوعات الواردة في الدستور ولاسيما موضوع الحقوق والحريات العامة.
وعرَّفت الدراسة التي قدمتها الطالبة في برنامج ماجستير القانون العام في كلية الحقوق بالجامعة جواهر العبدالرحمن، الإغفال التشريعي بأنه قيام المشرع بتنظيم موضوع من الموضوعات الواردة بالدستور على نحو منقوص وقاصر لا يحيط به من كل جوانبه التي لا يكتمل التنظيم إلا بها، وهو الأمر الذي يؤدي إلى عدم الإحاطة بالموضوع محل التنظيم ومخالفة أحد نصوص الدستور أو بعضها.
ووجدت الباحثة في أطروحتها المُقَدَّمة استكمالاً لمتطلبات درجة الماجستير أن القضاء الدستوري تبَّنى الرقابة على الإغفال التشريعي في الأنظمة القانونية محل الدراسة في فرنسا ومصر والبحرين التي لم تكن مؤكدة بنصوص دستورية أو تشريعية استناداً إلى علو وسمو الدستور وحماية الحقوق والحريات.
وكانت لجنة امتحان ناقشت الطالبة جواهر العبدالرحمن في أطروحتها التي جاءت موسومة بعنوان "الرقابة الدستورية على الإغفال التشريعي، دراسة تحليلية مقارنة"، ويعد موضوع الأطروحة الأول من نوعه في البحرين والمنطقة بحسب تتبع الباحثة.
وتكونت اللجنة من: أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة البحرين مروان المدرس مشرفاً، وأستاذ القانون الدستوري في الكلية نفسها محمد عبدالمنعم ممتحناً داخلياً، وعضو هيئة التدريس في جامعة العلوم التطبيقية في البحرين ممتحناً خارجياً.
وبحثت الطالبة العبدالرحمن أنظمة فرنسا ومصر والبحرين القانونية في الرقابة على الإغفال التشريعي، مشيرة إلى أن هذه الأنظمة لم تصدر نصاً تشريعياً صريحاً يأخذ بهذه الرقابة، حيث يرد الفقه في غالبه أساس الرقابة القضائية على ما أغفل المشرع تنظيمه إلى الأساس ذاته الذي تقوم عليه فكرة رقابة دستورية القوانين، ألا وهي فكرة سمو الدستور، التي بمقتضاها تسمو قواعد الدستور وأحكامه على ما عداها من قواعد داخل الدولة.
وانتهت الباحثة إلى أن "سمو الدستور يفرض على المشرع التزامات إيجابية بالتشريع لحماية موضوعات دستورية، وذلك بأن يكون تنظيمه لها تنظيماً كاملاً غير منقوص أو قاصر عن أن يحيط بها من كل جوانبها مما يؤدي إلى الإخلال بالضمانات الدستورية لها".
وعلى رغم تبني القضاء الدستوري الرقابة على الإغفال التشريعي في الأنظمة القانونية محل الدراسة في فرنسا ومصر والبحرين؛ إلا أنها - بحسب الباحثة - لم تكن مؤكدة بنصوص دستورية أو تشريعية وإنما جاء تبني القضاء الدستوري لها استناداً إلى علو وسمو الدستور وحماية للحقوق والحريات.
وأوصت الأطروحة بأن تتجه البحرين الاتجاه ذاته الذي سلكه المجلس الدستوري الفرنسي بشأن رقابته على التشريعات المعدلة للحقوق والحريات أو التي تعيد تنظيمها وفحص دستوريتها، وتجعل التشريع السابق (القديم) المنظم للحقوق والحريات ذاتها معياراً لها بأن يكون التعديل أو إعادة التنظيم بهدف إعطائها مزيداً من الضمانات وجعلها أكثر فعالية، وأن تستعين المحكمة بالقواعد الدولية الخاصة بالحقوق والحريات العامة، وبمبادئ الشريعة الإسلامية للتعرف إلى ما تناولته بصدد تنظيمها لنفس الحق أو الحرية.
وشددت على أهمية صياغة التشريعات بصورة متقنة ومحكمة، باعتبار أن العيب في صياغة أحكام ونصوص التشريعات المنظمة لموضوع من الموضوعات الدستورية ولاسيما الحقوق والحريات قد يؤدي إلى قصور في تنظيم الموضوع محل التنظيم.