قبل أيام قرأتُ خبراً غريباً. الخبر يقول بأن الكولونيل الأميركي ستيف وارين أعلن في مؤتمر صحافي عن القضاء على عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بسبب قَتلِهِ جندياً من مشاة البحرية الأميركية، وهو السارجنت لويس كاردين وإصابته ثمانية آخرين. الغارة شنتها طائرة بدون طيار الليلة الماضية في شمال العراق قرب بلدة مخمور الواقعة بين الموصل وكركوك.
ويضيف الخبر الذي أوردته وكالة «رويترز» للأنباء أن ذلك العنصر المقتول اسمه جاسم خديجة، وهو ضابط في الجيش العراقي السابق أيام حكم الرئيس الراحل صدام حسين، وهو اليوم يعمل خبير صواريخ لدى تنظيم الدولة، وأنه تولى تنسيق تلك الهجمات التي قُتِلَ فيها لويس كاردين، وأن الغارة التي قُتِلَ فيها خديجة أفضت كذلك إلى مقتل خمسة من أعضاء التنظيم كانوا معه.
خبر ثانٍ أُورِدُه هنا أيضاً، سَبَقَ الأول بثلاثة أسابيع تقريباً هو عبارة عن تصريح لمسئولَيْن أميركيَّيْن أعلنا حينها عن أن قوة أميركية خاصة (دلتا) ألقت القبض في العراق على قيادي كبير في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مُتخصص في الأسلحة الكيماوية، وهو رهن الاعتقال والتحقيق (حين أعلِنَ الخبر)، حيث من المؤمّل أن يُدلِي بمعلومات ثمينة عن تلك الأسلحة، وطريقة عمل التنظيم.
الخبر الأخير الذي أذكره هنا أيضاً ولفتني هو من نيجيريا. وهو خبرٌ لم يكن يُراد له أن يخرج إلى العلن إلاّ أن تسريبات صحافية آتية من تحقيق أجرته كريستينا لامب لصالح مجلة «صانداي تايمز» البريطانية نقلاً عن أندرو بوكوك وهو المفوض السامي البريطاني السابق في نيجيريا جعلته مشاعاً، وأدى إلى ردات فعل غاضبة وأحياناً مُحبِطَة داخل الرأي العام النيجيري والأفريقي بالتحديد.
الخبر يقول بأن الولايات المتحدة الأميركية ومعها بعض الدول الأوروبية «كانت على علم بمكان ثمانين فتاة» من الفتيات اللواتي اختطفتهنّ جماعة بوكو حرام قبل أزيد من عام ونصف العام. الدراية الاستخباراتية كشفها سرب طائرات تجسس و»نظم مراقبة أميركية رصدتهن في غابات سامبيسا، في إحدى معسكرات» الجماعة، وبالقرب من إحدى الأشجار الضخمة في الغابة!
ثم يضيف الخبر أن الأميركيين لم يتدخلوا حينها خوفاً من أن تقوم بوكو حرام باستخدام الفتيات «كدروع بشرية»، لذلك فقد شَعَرَت تلك الحكومات الغربية بالعجز، بعد أن تأكّد لها أن المساعدة لمحاولة الإنقاذ تنطوي على مخاطرة كبيرة مع الجماعة، على رغم إدراك الأميركيين أن ذلك الملف ومنذ الرابع عشر من إبريل/ نيسان 2014، ما يزال يُشكّل الملف الأهم في عموم نيجيريا.
هذه الأخبار الثلاثة غريبة فعلاً. غرابتها ليست في طبيعة الفعل فيها، ووصول اليد الأميركية إلى أقاصي الأرض كي تنال من خَصْمٍ مُحدّد، فهذا أمر معلوم في ظل قدرة الولايات المتحدة لأن تقوم بـ 125 مليار عملية تجسُّس حول العالم وفي شهر واحد فقط، لكن المشكلة هي في تفسير تلك الأخبار وربطها بعموم الأحداث الجارية في هذه المنطقة من العالم منذ عدة سنوات.
الغريب فيها هو: كيف تستطيع الولايات المتحدة تحديد حركة شخص واحد يحظى بأهمية قصوى، ومعرفة أين سيذهب ومتى سيجتمع، ثم تأتيه إلى حيث مكانه أو معقله، وتلقي القبض عليه، وتُرحّله براً أو جواً أو بحراً بكل ثقة، ويحدث هذا بشكل متكرر، لكنها عاجزة عن قتل مَنْ هم أدنى منه من الأتباع وهم كُثُر، أو تدمير مقراتهم المرئية ومخازن الأسلحة لديهم ومواصلاتهم؟
قبل سنة ونصف من الآن تساءلتُ عن ذات الشيء. فهذا التنظيم (وكذلك الحال مع بوكو حرام) هو ليس كمثله من التنظيمات العنفية الأخرى الكلاسيكية، التي كانت تأخذ جانب السّريّة القصوى في عملها، بل هو اليوم يحتل أراضٍ شاسعة ومفتوحة، وله عواصم وولايات (الرقة مثالاً) تجعل له حضوراً فيزيائياً معلوماً، حيث عمليات الإدارة والتحشيد والمعسكرات وأنظمة الاتصالات، وبالتالي فهو شيء يسهل تحديده وضربه.
في السابق، عندما كانت المطاردات على أشدّها ضد قيادات تنظيم «القاعدة»، استطاع الأميركيون تدمير قواعد التنظيم وقياداته في عمليات سرية قاصمة في أفغانستان وباكستان واليمن جعلته مهلهلاً، على رغم سرّيّته المعقدة، التي جعلت من زعيمه آنذاك أسامة بن لادن يتخلّى عن استخدام كل شيء إلكتروني بما فيها ساعة يده، فضلاً عن الاتصالات والتحركات الشخصية.
ففي الوثائق التي كُشِفَ عنها بعد اغتيال بن لادن في مايو/ أيار 2011 تُظهِر أن الأخير كان يُحذّر قيادات التنظيم ومساعديه من استخدام الانترنت، وعدم التجمع في مكان واحد، كي لا تكشفهم الطائرات الأميركية المُحلِّقة بدون طيار، وأن هناك أجهزة تنصّت «محتملة» في أماكن قريبة منهم، بما فيها ملابسهم الشخصية. أما اليوم، فإن مسلّحي «داعش» يسرحون ويمرحون بعرباتهم في الساحات والشوارع العامة، ويُطلِقون تصريحاتهم في الهواء الطلق لكن دون أن تطالهم الأقمار الصناعية، أو الطيارات الراصِدَة!
هذه أسئلة مُثارة تحتاج إلى إجابات واضحة ووافية من الأميركيين أنفسهم كي يتبدّد هذا البُهُم، ويكون الرأي العام العالمي مُدرِكاً لها. فالطلاسم التي تكتنف المحيط حولنا قد زادت، في ظل وجود عدد كبير من القرائن التي تفيد بوجود حلقة مُفرغة من كل ما يجري، من بينها تفسير تلك الأخبار التي تَرِدُ إلينا تِبَاعاً.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4965 - الأحد 10 أبريل 2016م الموافق 03 رجب 1437هـ
والكم وليس الكيف!
لكم وكم ما في القدر لم يظهر ولم يطلعه الملاس!!
لن يحرك الامريكان ساكنا حتى يقضوا وطرهم من هذا الكيان!!
زائر٥
قبل ان تتحدث عن روسيا وايران تحدث عن المطايا التي تركبها امريكا والغرب
أنت الآن تدرك لماذا ثارت الضجة عربيا وعالميا عندما تدخلت روسيا في سوريا، لأنهم يعرفون ان روسيا جادة في محاربة داعش، كانت داعش تنقل النفط المسروق بأسطول من مئات ناقلات النفط براً على مرأى ومسمع من التحالف وكانت طيارات الأباتشي تحلّق فوقها وتراقب في صمت! ولكنهم كنوا يغضون الطرف إكراما لتركيا! ولكن روسيا دمرت هذا الأسطول وسغيره ولهذا خلخلت موارد داعش المالية، و ثق انه لولا تدخل روسيا لما عادت تدمر ولبقت داعش وتمددت لتأكل كل سوريا.
المستفيد الاول من وجود الاٍرهاب هو ايران لذلك أمريكا لا تريد القضاء عليه حتى تمكن الإيرانيين من رقابنا لان الأمريكان و الإيرانيين يجتمعون مع بعض في نقطة كرههم للإسلام الحقيقي و العروبة
حتى يعرف العالم من يدير داعش ومن يبقيها ليستغلها لضرب العراق وسوريا وتدميرها
Nice artical
داعش بمباركة أمريكية
هو لون جديد من الحرب ضد التواجد الشيعي بقوتهوحضوره في العراق وإيران وانتصارات حزب الله كان لابد من تقليل الضغط عن اسرائيل وكيانها الهش مما يؤمن لها البقاء
ج/ جواب :-
الإجابه يا عزيزي البقرات الحلوب في المنطقه ما زالت بخير ، فلم الأمريكان يقضون على هذه العصابات ؟ فهم الخاسرون طبعا ، فتتم المماطله تارة بتسليح عصابات مجرمه وتسميها معتدله كجماعة علوش وكلوش وتصديق العربان ذلك وتارة بتأسيس تحالفات عسكريه وبمسميات عديده إسلاميه وو