وانتهت «هوشة التجار»، كما يحلو للبعض أن يصف التجاذبات الحادة التي شهدها اجتماع الجمعية العمومية لغرفة تجارة وصناعة البحرين الخميس الماضي، والتي أفرزت للعلن الانقسام العميق داخل «بيت التجار» وسط غياب دوره عن هموم الشارع التجاري و«الصراع على الكراسي».
وعلى الرغم من أن جماعة «العشرة أعضاء» أو الفريق المعارض الذي حصل على تأييد كبير من الأعضاء كما يبدو من نتائج التصويت الذي شهدته الجمعية العمومية، لكن الجميع يتفق أنه «لا غالب ولا مغلوب» في «معركة الخميس»، وأن الخاسر الأبرز هو الغرفة نفسها التي أنهكتها التجاذبات والانقسامات في السنوات الماضية.
وفي ظل استقطاب شديد من مختلف أقطاب الشارع التجاري، فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل الحصول على رأي مستقل تماماً من التجار أنفسهم عمّا يجري، إلا أن الجميع ليس راضياً للمستوى «المنحدر».
تغييرات قادمة
وتقول مصادر على صلة وثيقة بمجلس الإدارة الحالي بأن «تغييرات كبيرة» قادمة في عمل الغرفة تشمل إعادة تشكيل المجلس الحالي بعد قبول استقالة رئيس مجلس الإدارة الحالي خالد المؤيد، ودخول عضو جديد الأعلى أصواتاً في الانتخابات السابقة وهي خلود القطان.
ورغم استبعاد الحديث عن حدوث استقالات بين أعضاء مجلس الإدارة، عدا الرئيس خالد المؤيد، إلا أن استياءً كبيراً لعدد من الأعضاء ربما يدفعهم في نهاية المطاف إلى الاستقالة مما قد يفتح الباب لدخول عضو احتياطي آخر هو علي حسن محمود. وسيكون آخر عضو احتياطي يمكن دخوله مجلس الإدارة بحسب القانون الذي يتيح دخول عضوي احتياط اثنين فقط .
وذكر المصدر أنه في حال تمسك المؤيد باستقالته فإنه سيتم قبولها من مجلس الإدارة في أقرب اجتماع سيجري خلال الثلاثة أسابيع المقبلة، ليكون خالد الزياني رئيساً وعادل العالي نائباً أول للرئيس، وعبد الحميد الكوهجي نائباً ثانياً للرئيس.
كما سيتم، بحسب المصدر، إجراء تقييم وتغييرات في هيكل اللجان، وتشكيل فريق من الجهاز التنفيذي لمتابعة مشاريع اللجان، مع إلزام كل رئيس لجنة بلقاء تشاوري مع أعضاء الغرفة شهرياً، كما سيدفع المجلس بتغييرات في الإدارة التنفيذية.
سمير ناس أول المعترضين والمنسحبين
عضو الغرفة سمير ناس وهو أحد أكبر المقاولين في البلاد، برز انسحابه من «معركة الخميس» بعد أن وصل الحوار لمستوى لا يسر النفس.
ويقول ناس لـ «الوسط» أنه لا يقف مع أو ضد أي طرف: «للأسف الشديد الجمعية العمومية وأعضاؤها بما فيها مجلس الإدارة لم يكونوا بمستوى الأطروحات، وطرح الموضوعات تم بطريقة سوقية لا تليق بمستوى التجار، الموضوعات كانت مهمة لكن طريقة عرضها خطأ، وليس بمستوى التجار مع احترامي للجميع لذلك انسحبت».
مناقشة الأداء
بدلاً من «الترهات»
ويرى ناس أنه كان ينبغي على أعضاء الجمعية العمومية التي عقدت الأسبوع الماضي مناقشة أمور جوهرية تتعلق بإنجازات مجلس الإدارة الحالي وأداء اللجان بدلاً من مناقشة «الترهات» على حد وصفه.
ويقول ناس: «كان الحري مناقشة إنجازات مجلس الإدارة في جدول الأعمال بدلاً من الدخول في تفاصيل قانونية تتعلق بالتدوير وتزوير محاضر اجتماعات عمومية العام الماضي. لقد نسوا الموضوع الرئيسي وهو إنجازات الغرفة ومجلس الإدارة في خدمة الاقتصاد الوطني في الوقت الذي يعاني منه الشارع التجاري». وأضاف: «النقاشات على من يكون النائب الأول أو الثاني ومثل هذه الترهات (...) اللجان نائمة ولا تقوم بعمل واجباتها. المفروض أن يكون هناك طرح لتقييم إنجازات وعلى ضوئها تناقش الجمعية العمومية موضوع طرح الثقة في مجلس الإدارة أو أن يقوموا بالاستقالة إذا رأوا أنفسهم أنهم ليسوا على قدر المسئولية الملقاة على عاتقهم».
الاقتصاد على «كف عفريت» والغرفة في «سبات»
واعتبر ناس أن الاقتصاد البحريني حالياً على «كف عفريت» على حد وصفه: «هناك أمور كبيرة تجري في البلاد والغرفة في سبات عنها ولم يكن لها صوت مسموع، فالبلاد تعاني والحديث في الغرفة عن فلان وفلان».
وعاد ناس ليهاجم طريقة طرح الموضوعات في اجتماع الجمعية العمومية الأخير: «كان يجب أن يتم مناقشة دور الغرفة وإذا كان هناك عدم انسجام أو تقصير أن يتم طرح موضوع طرح الثقة وإعادة الانتخاب، الحلول الترقيعية لن تكون مفيدة، مجلس الإدارة الحالي غير متجانس مع احترامي لجميع الأعضاء الذين أعتبرهم إخواني، لكن الانتخاب لا يكون على الحصول على كرسي للوجاهة، فمقعد مجلس الإدارة تكليف وليس تشريفاً»، ولكنه يعتبر أن نجاح المجلس الحالي يعتمد على الخطوات التي سيقدمها.
صراع على الكراسي
وعبّر ناس عن امتعاضه الشديد للمستوى الذي وصلت إليه نقاشات بعض أعضاء الجمعية العمومية: «من يصل إلى الكرسي نتوقع منه أن يخدم القطاع التجاري، وليس أن يحصل تعارك على الكراسي، وأعضاء الجمعية العمومية مع الأسف صاروا دون مستوى التجار في البحرين، ويجب علينا أن نرتقي بأسلوبنا، حرام أن تصل الغرفة إلى هذا المستوى، فمنذ تأسست الغرفة لم نصل إلى هذا المستوى السوقي الذي لا يرتقي لمستوى تجارنا».
تصحيح الصورة
أما عضو الغرفة خلف حجير والذي يقف مع التغييرات التي جرت في مناصب هيئة المكتب قبل اجتماع الخميس بأسبوع فيعتبر أن ما حدث هو «عرس ديمقراطي». ويرى حجير أن الغرفة عادت لتحظى باهتمام الشارع التجاري، وأن المهمة الرئيسية الآن هي «إعادة الثقة»، وأنها تشكل فرصة لمجلس الإدارة الحالي أن يكون بمستوى «المسئولية» ويقوم بالتغييرات المطلوبة وتمثيل الشارع التجاري.
واعتبر حجير أن «السنتين الماضيتين شهدتا إهمالاً في الدفاع عن مصالح التجار، وأن هناك تغييرات هيكلية مطلوبة». وبخصوص ما إذا كانت الصورة التي ظهرت بها الغرفة قد تكون غير حضارية في ظل ما حصل من صراخ وتلاسن: «تباين وجهات النظر ظاهرة صحية، وفي أحسن برلمانات العالم نجد هذا التجاذب وهذا إفراز الديمقراطية، ومن غير السليم أن يكون هناك رأي واحد للجميع، وعلينا كأعضاء احترام رأي الجميع (...) شهدنا قيام بعض الأعضاء بالاعتذار لأعضاء آخرين عن ما بدر منهم، كما رأينا اعتذاراً من خلال تويتر».
ورأى حجير أنه ينبغي تجاوز ما حدث في يوم الخميس والانتقال لمرحلة أخرى تتلخص في «وضع برامج سريعة وطرح أفكار لإنقاذ المؤسسات الصغيرة ومواجهة القرارات المتسارعة التي نتفاجأ بها من الوزارات، والتفنن في فرض رسوم وأعباء إضافية على التجار».
ويرى حجير أن أمام مجلس الإدارة الحالي 6 شهور لتحويل الأقوال إلى أفعال: «يجب أن يكونوا على قدر المسئولية، تحدث النائب الأول ورئيس الجمعية العمومية خالد الزياني عن الشفافية الكاملة وتخصيص مليوني دينار للمؤسسات المتعثرة والسوق القديم وغيرها. لا ينبغي تكديس الأموال في الغرفة دون الاستفادة منها، وأرى أن من خرج من هيئة المكتب أن يعملوا من خلال مواقعهم ويساهموا في انطلاقة الغرفة».
يوم «أسود»
وفي الرأي المواجه لحجير، يعتبر عضو الغرفة محمد العرادي الذي يقف ضد التشكيل الحالي لمجلس الإدارة، ما حدث يوم الخميس بأنه «مجزرة للديمقراطية»، وأنه «يوم أسود» في تاريخ الغرفة. يقول العرادي: «ما حدث هو اغتصاب السلطات والحقوق والأعراف والتقاليد، هناك مؤامرة ضد اللائحة الداخلية والقانون، وهو ما لا يجب السكوت عليه». وتحدث العرادي عن «دراسة خيارات التوجه للقضاء على أساس كون الجمعية العمومية الأخيرة غير شرعية، لأن إدارتها إدارة غير شرعية، وهناك تشاور حالياً بشأن ذلك».
العدد 4964 - السبت 09 أبريل 2016م الموافق 02 رجب 1437هـ