أكثر من أربعة آلاف موظف يعملون في صناعة الملابس الجاهزة في البحرين مهددون بخسارة وظائفهم مع انتهاء فترة الإعفاء من الرسوم الجمركية الأميركية بحلول (يوليو/ تموز المقبل).

وتوجد ثلاثة مصانع للملابس الجاهزة توظف أكثر من 500 بحريني و3900 أجنبي تقريباً قد تُغلق إذا لم يتم تمديد الإعفاء من الرسوم الجمركية الأميركية، والتي تمتعت بها المصانع البحرينية طوال السنوات العشر الماضية بموجب اتفاق التجارة الحرة الموقع في 2008 والذي مكّن المصانع من رفع مبيعاتها لنحو 150 مليون دولار سنويّاً.

(التفاصيل ص10)

علامة «صنع في البحرين» ستختفي من رفوف متاجر كبرى مثل «وولمارت» و«ماسيز»

4 آلاف موظف قد يخسرون وظائفهم في مصانع الملابس بانتهاء الإعفاء الجمركي الأميركي يوليو المقبل

الرفاع - علي الفردان

أكثر من أربعة آلاف موظف يعملون في صناعة الملابس الجاهزة في البحرين مهددون بخسارة وظائفهم مع انتهاء فترة الإعفاء من الرسوم الجمركية الأميركية بحلول (يوليو/ تموز المقبل).

وثلاثة مصانع للملابس الجاهزة توظف أكثر من 500 بحريني و3900 أجنبي تقريباً قد تُغلق إذا لم يتم تمديد الإعفاء من الرسوم الجمركية الأميركية، والتي تمتعت بها المصانع البحرينية طوال العشر السنوات الماضية بموجب اتفاق التجارة الحرة الموقع في 2008 والذي مكّن المصانع من رفع مبيعاتها لنحو 150 مليون دولار سنويّاً.

وبعد إلغاء الميزة التفضيلية لصادرات الملابس الجاهزة من البحرين إلى الولايات المتحدة فإن على المصانع البحرينية دفع رسوم جمركية تتراوح ما بين نحو 18 و24 في المئة على قيمة صادراتها، ما يعني ارتفاع التكاليف بصورة فورية فقد هذه المصانع الميزة التنافسية التي كانت تحظى بها مقارنة مع المنتجين في الدول الأخرى.

وتصل علامة «صنع في البحرين» إلى رفوف متاجر أميركية مختلفة ومنها سلسلة المتاجر «وولمارت» Walmart و «ماسيز» Macy›s، ومع الغاء الميزة التفضيلية فإن المنتجات البحرينية ستختفي من المتاجر الأميركية.

وتشكل الولايات المتحدة الأميركية السوق الرئيسي لمصانع الملابس في البحرين.

تحرك قانوني

وخاضت البحرين صراعاً العام الماضي مع السلطات الأميركية التي كانت تخطط لوقف المعاملة التفضيلية بحلول (ديسمبر/ كانون الأول 2015) بحجة مرور 10 أعوام على توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين والتي نصت على حصول صادرات الملابس الجاهزة على أفضلية لمدة عشر سنوات فقط.

لكن تحركاً قانونيّاً أفضى إلى احتساب الأشهر في عملية قياس عشر السنوات لتكون الاتفاقية حتى (يوليو المقبل) وهو ما أعطى جرعة حياة للمصانع لمدة سبعة شهور.

وعلى رغم أن البحرين أعلنت صراحة أن السلطات الأميركية لم تستجب بعد لطلب البحرين بتمديد الإعفاء الجمركي فإن القائمين على المصانع في البحرين يحذوهم العمل إنقاذها ولو في الرمق الأخير.

سيناريوهات صعبة

ويقول مدير أكبر شركة لصناعة الملابس الجاهزة في البلاد «إم آر إس فاشونز»، والذي يشغل مصنعين في الرفاع والحد، أن إدارة المصنع رسمت عدة سناريوهات محتملة خلال هذا العام على رغم أن الثقة عالية بقدرة الحكومة ووزير التجارة والصناعة على إقناع الجانب الأميركي في تمديد العمل بالاتفاقية.

ويضيف هاريندر بي إس، وشركته هي أحد أفرع شركة عالمية مشتركة بين هونغ كونغ وبريطانيا «أنا على علم تماماً بأن وزير الصناعة والتجارة والحكومة بشكل عام لا يدخران جهداً للوصول إلى حلول، ولكن إذا تفلح الجهود المضنية التي تبذل حاليّاً فإن علينا التعامل مع الموضوع».

وأوضح هاريندر، الذي تتجاوز مبيعات مصنعه السنوية أكثر من 80 مليون دولار كما يوظف نحو 200 بحريني من إجمالي ألفي موظف، أن الشركة وضعت خططاً للتعامل مع الموقف، ومنها نقل عمليات المصنع الحالي إلى سلطنة عمان، لكنه أكد تمسكه في البحرين حتى بعد (يوليو الماضي) للحصول على صورة واضحة إذا ما كان سيتم التوصل إلى التمديد أم لا.

إلا أن المسئول أشار إلى صعوبة تحمل المصنع استمرار العمل في البحرين مع عدم الحصول على الإعفاءات الضريبية الأميركية التي كان يحظى بها، الأمر الذي يعني تكبيد المصنع خسائر شهرية تقدر بنحو 1.5 مليون دينار وهي تفوق طاقة الشركة على تحمله.

مفاوضات مضنية

وقال هاريندر، وهو أيضا كان عضوا في فريق المفاوضات البحريني لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة، إن عملية التوصل الى اتفاق بشأن النسيج استغرقت قرابة عام ونصف العام مع السلطات الأميركية، مشيراً إلى أن دولاً مثل الأردن حصلت على إعفاء جمركي من واردات الملابس غير مقيد المدة لكن سلطنة عمان والبحرين حصلت على مدة عشر سنوات فقط.

ويشير إلى أن اتفاقية النسيج هي ملحق كبير تمت المفاوضات عليه بطريقة منفصلة لترفق ضمن اتفاقية التجارة الحرة.

توقف ضخ الاستثمارات

وأوقفت الشركة بالفعل عملية توسعة لمصنعها الحديث في منطقة الحد الذي شغلته في 2013، إذ كان من المفترض أن تضاعف إنتاجه للضعف وتوظيف 800 موظف إضافي للعدد الحالي ليرتفع عدد العاملين إلى نحو 1600 موظف، إذ جاءت عملية وقف الاستثمارات الجديدة نتيجة التطورات الأخيرة.

وأشار هاريندر إلى أن الشركة التي بدأت عملياتها في البحرين قبل 15 عاماً من الشركة الأم في «هونغ كونغ» وهي «مست»، قد استثمرت قرابة 30 مليون دولار في مصنعين في الرفاع والحد، وكانت الشركة عاقدة العزم على ضخ 20 مليون دولار أخرى كأعمال توسعة إلا أن ذلك تم إيقافه لعدم وضوح المستقبل.

وتحدث المسئول إلى أن البحرين تتمتع بعدة خصائص لعمل مصانع الملابس ومن بينها توافرها على بنية لوجستية تسهل وصولها إلى الأسواق الأميركية ووجود مستوى اعتمادية عال من جانب الإنتاج والتسليم إلى جانب السلامة «في بنغلاديش مثلاً هناك حوادث وفيضانات ووقت التسليم قد يتأخر وكذلك بعض المصانع تعد بالتسليم لكنها قد لا تلتزم، هنا في البحرين نستطيع إخبار الزبائن بأننا سنسلم ونلتزم وهذا ما يعطينا ميزة على رغم أن أسعار العمالة في بنغلاديش لا تتعدى 150 دولاراً في الشهر في حين تصل إلى نحو 600 دولار هنا، نحن نستطيع المنافسة؛ لأننا معفون من الرسوم الجمركية التي تصل في المتوسط إلى نحو عشرين في المئة».

كما أشار إلى مستوى مهارات العمالة المرتفعة لدى المصانع البحرينية «نجلب عاملين من مختلف الدول وهم مدربون وعلى مستوى عالٍ من الكفاءة وهذا ما يعطينا أفضلية بالنسبة إلى الجودة».

ويقول هاريندر «نحاول البقاء في البحرين، هناك بعض الأعمال في الشركة الأم في هونغ كونغ فيما يتعلق بأعمال تصميم الأزياء مثلاً، لكنها لن توظف العدد الكبير كما في المصنع».

وأعترف مدير «إم آر إس فاشونز» بصعوبة نقل الأعمال بالكامل من البحرين «قد نستطيع توظيف الموظفين في مصانعنا في عمان لكن من الصعب نقل المصنع نحن لا نتحدث هنا عن الآلات فهي ليست بالموضوع الصعب، نتحدث عن مرافق مزودة بتمديدات كهربائية وبنية تحتية لا يمكن نقلها لدولة أخرى قد نحتاج إلى الوقت لبيع هذه الأصول ونأمل أن يكون هناك حلول حتى لو أصبح هناك وقف مؤقت للإنتاج ومعاودة افتتاح المصانع مجدداً إذا ما أحرز تقدم مع الجانب الأميركي».

وأشار المسئول إلى أنه لا يتمنى أن تصل الأمور إلى الأسوأ، لكن لو حدث وساء الوضع فإن الشركة ستكون مضطرة إلى التنازل عن معظم موظفيها.

أوضح مدير «إم آر إس فاشونز» أن بعض الموظفين الإداريين من البحرينيين يمكن يحصلون على وظائف أخرى مع امتلاكهم الخبرة الإدارية التي تؤهلهم للعمل في مجال آخر، أما بالنسبة إلى العاملين في المصنع ومعظمهم من الإناث فقد تتم مساعدتهم بالتعاون مع جهات أخرى للبحث عن فرص عمل بديلة.

إغلاق 24 مصنعاً سابقاً

قبل العام 2005 كان عدد مصانع الملابس الجاهزة في البحرين نحو 24 مصنعاً لكنها كانت بمثابة الورش الصغيرة بعشرين مكنة خياطة أو أكثر وكانت تستفيد من نظام «الكوتا» الأميركي للأنسجة والذي أتاح لكل دولة في العالم الولوج بنسبة تصدير معينة من الملابس إلى السوق الأميركية، ومع استنفاد معظم الدول لحصتها من هذه الكوتا ووجود هامش كبير من حصة البحرين لم يستغل ازدهر التصدير إلى الولايات المتحدة حتى انتهاء العمل بهذا النظام في العام 2005 ووجود فترة انتقالية بلغت ثلاث سنوات قبل توقيع اتفاق التجارة الحرة في 2008.

وخلال الفترة بين انتهاء نظام «الكوتا التصديرية» للمنسوجات إلى الولايات المتحدة وحتى دخول اتفاق التجارة الحرة حيز التنفيذ مع البحرين، استطاعت قلة من المصانع التي أسست بشكل جيد البقاء ليتقلص عدد المصانع الملابس الجاهزة من 24 إلى ثلاثة مصانع فقط باستثمارات خارجية من بينها استثمارات من الهند ومن دبي.