العدد 4963 - الجمعة 08 أبريل 2016م الموافق 30 جمادى الآخرة 1437هـ

نصوص الطقوس... الذكريات وكتابة شأن الصمت أيضاً

«بيت بفيء الياسمين» لفضيلة الموسوي...

فضيلة الموسوي توقِّع مجموعتها
فضيلة الموسوي توقِّع مجموعتها

النساء أنيقات في الأسماء والعناوين. في الشعر لهن تلك الرقة والرشاقة الاستثنائية حتى في الحزن يملكن طاقة ألاَّ تغادره ولا يغادرك. حين يكتبن عن الحب ستجد نفسك محروساً بالفراشات والضوء والينابيع والسَعَة. في التفاصيل الصغيرة التي تصبح وكأنها لا متناهية، وجزءاً رئيساً من البشر والأشياء والذكريات؛ والأهم خزانة الحس... خزانة الأسرار المفتوحة على أكثر من فضاء.

في مجموعتها «بيت بفيء الياسمين»، للشاعرة فضيلة الموسوي، الصادرة عن»دار مسعى» للعام الجاري (2016)، نرى، نسمع، نقبض على ما استطعنا إليه سبيلاً. كل على شاكلته يقبض ويقرأ. تترك ذلك الهامش/ الفضاء. الشعر الذي يتيح لك خيارات التأويل وتشظِّي المعنى، هو النص الذي لابد أن تركن إليه.

في أكثر العناوين التي حملتها النصوص ثمة استدعاء... إيقاظ ذاكرة أو إنعاشها. منح التفاصيل المنسية والمهملة سعة من الحضور. تفاصيل المكان... نصوص الطقوس... الذكريات، بدءاً من بورتريه، قالت العرَّافة، مروراً بيوم العيد، يوم الغدير، عندما يحين الكتاب، جدِّي لأبي، جدَّتي لأمي؛ وليس انتهاء بالدُّور: النعيم، النسيم، السلام، المقام، بيت السيد، والوصايا السبع. وهي كتابة شأن الصمت أيضاً.

ليس لعباً على الاستدعاء لذاته، بقدر ما هو ذهاب إلى شعْرَنة العابر، ذلك الذي نعتاد وربما نألف، ونحب أيضاً، لكنه يظل طيَّ انتظار استئناف حضوره... قدومه. أن يكون مثل ذلك الهارب، إقامة في التفاصيل التي تبدو صغيرة، لتكبر بنا، ونكبر بها.

نقرأ في نص «جدِّي لأمِّي»:

«إذا دخل الدار

ارتختْ أوشحة النساء خجلاً

وارتفع شأن الصمت

له في الأسفار بوصلة الريح

وخرائط الكنز...».

تترك الموسوي لنفسها حرية أن تقبض بالموهبة ذاتها التي بها ترى. لا يحدث ذلك دائماً، في الحياة وفي النصوص. النصوص نفسها حيوات أخرى، إن لم نُحسن خلْقها، فلن تُحسن تعريفنا بالحياة، ولن تُحسن الحياة معرفتها بنا في الوقت نفسه.

إنما يكون العيد مستوياً بألوانه من قدرتنا على ممارسة الفرح بما يليق بطفولة كل واحد منا. استعادة الأعياد فيها الكثير من محاولة الإقامة فيها. الموسوي تقيم في بعضها. في بعض ما تستدعيه في عدد من نصوص المجموعة.

نقرأ في نص «يوم العيد»:

«مازلنا هناك

ألواناً لا تنتهي

في عرَاقة الأسْوِد والأبيض

معمَّدين ببركات عمامة

تتوسَّطنا مثل سرَّة الكون

وهي تدوْزن إيقاع النجوم».

لكل ما يدثِّرنا... ما يجعلنا مشغولين بدقة الأناقة... أن نكون لصق التراب... رائحته... ضراوة الرخام وهيبته أحياناً. تذهب إلى النص بشفافية الرائي وليس بأدوات الصانع. لا تصنع شعراً هنا: الشعر لا يُصنع.

«ضريح الياسمين»

«لا تُقيموا الرخام

فلو نحَّيتم قليل المشموم

ونبشتم أقل التراب

سترون الساق على الساق

في سروال أبيض

ورأساً يضجُّ بالأحلام».

تأخذنا إلى «أميرات الياسمين»... «حروف وآلهة ومدن ومنارات»... «ذعْر العيون»... «امرأة من سرْب المآتم»... «جارة البحر»... «الليالي الصيفية على أسطح النوم»... «دلو ماء في سِكينة الانتظار»... و «كساء الصيف البسيط الهفيف»؛ الكلام البسيط والمُثخن بالتفاصيل. المُثخن بالشعر.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:00 م

      العزيز محرر فضاءات
      أسلوبك لايقل شاعرية عن ضريح الياسمين
      دمت موفقا
      سمير كامل

    • زائر 1 | 8:24 ص

      وتبقى النساء ايقونات على عنق الزمن
      زهزة علي

اقرأ ايضاً