تناول معهد التنمية السياسية، ضمن تقاريره الخاصة بالثقافة السياسية، على موقعه الرد على التساؤلات المثارة بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حيث أكد المعهد في تقرير جديد لزاوية الثقافة السياسية، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت بتاريخ 18 ديسمبر/ كانون الأول 1979 اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وذلك نظراً للقلق الذي يساورها، من أنه لايزال هناك تمييز واسع النطاق ضد المرأة.
وهذا التمييز ضد المرأة، يشكل انتهاكاً لمبدأ المساواة في الحقوق، واحترام كرامة الإنسان، وعقبة أمام مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في حياة بلدها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ونظراً لأن الجمعية العامة قد ساورها القلق أيضاً بأن المرأة لا يتاح لها - في حالات الفقر – إلا أقل الفرص للحصول على الغذاء والصحة والتعليم والتدريب والعمالة، واقتناعاً من الأمم المتحدة بأن إقامة نظام اقتصادي دولي جديد يستند إلى الإنصاف والعدل سيسهم إسهاماً بارزاً في النهوض بالمساواة بين الرجل والمرأة. لذا عقدت الأمم المتحدة العزم على تنفيذ المبادئ الواردة في إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة بجميع أشكاله ومظاهره، وقد اتفقت على الآتي:
1 - تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدساتير الوطنية والتشريعات الأخرى إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن.
2 - إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص.
3 - اتخاذ جميع التدابير للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة بما يكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل الحق في التصويت في 4 – 4 - جميع الانتخابات والمشاركة في شغل الوظائف العامة وفي عضوية المنظمات والجمعيات الغير حكومية.
5 - القضاء على التمييز ضد المرأة بما يكفل للمرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في ميدان التعليم والحق في العمل والمساواة في الأجر والحق في الضمان الاجتماعي وفي الوقاية الصحية.
6 - حظر فصل المرأة من الخدمة بسبب الحمل ومنحها إجازة الأمومة وتوفير حماية خاصة للمرأة أثناء فترة الحمل وخاصةً في الأعمال التي يثبت أنها مؤذية لها.
7 - تتعهد الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية والخدمات المناسبة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة.
8 - تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة الحقوق نفسها فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم.
تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها.
وإعمالاً لهذه الاتفاقية التي صدقت عليها المملكة، صدر المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 لتطبيق هذه المبادئ التي وردت فيها داخل المملكة، وتحفظ المرسوم بقانون على بعض المواد لمخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية، ثم صدر المرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2014 بتعديل المرسوم بقانون السابق ليحقق قدراً أكبر من حماية الشريعة الإسلامية، وينص على التحفظ على كل ما يخالفها من أحكام واردة في الاتفاقية.
ولقد تناولت بعض الآراء المرسوم بقانون الصادر في العام 2014 ببعض النقد على أساس أنه مخالف للشريعة الإسلامية، وهو أمر غير صحيح، ويتضح ذلك في ما يلي:
إن المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 المعدل بالمرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2014 والذي وافق عليه مجلس النواب بتاريخ 5 أبريل/ نيسان 2016، لا يتضمن أية مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، إذ إن المملكة قد تحفظت منذ البداية على الاتفاقية المذكورة وأعلنت أنها ستطبقها فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وجاء المرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2014، ليؤكد على هذا المعنى، وحصر التحفظات على المسائل التي يرى أنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتحفظ على بعضها، وكان تحفظه على بعضها تحفظاً كاملاً ولاسيما في المادتين (9/2، 29/1)، أما بالنسبة للمواد (2) و (16) و (15/4) فقد جاء التحفظ بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ولقد أراد المشرع من خلال إصدار المرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2014 أن يكون التحفظ على الاتفاقية واضحاً فيما يتعلق بعدم الخروج على أحكام الشريعة الإسلامية، وشاملاً لجميع حالات الخروج على مبادئها، فجاء التعديل متضمناً عبارة شاملة لا يثور بشأنها خلاف وهي عبارة "مع عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية"، ويُخضع إعمالها لما يستقر عليه الرأي الشرعي بالنسبة لبعض الموضوعات العامة الواردة في الاتفاقية بحيث يكون أمام المشرع والسلطة التنفيذية وكذلك السلطة القضائية حرية في عدم الاعتراف ببعض البنود التي وردت في الاتفاقية في حالة مخالفتها للشريعة الإسلامية.
ولم تشذ المملكة في ذلك عن كثير من الدول العربية التي أعلنت التحفظ على المواد ذاتها التي تم التحفظ عليها في المرسوم بقانون الذي أعتمده مجلس النواب مؤخراً.
ونؤكد أن القراءة المتأنية لما ورد في المرسوم بقانون المذكور تؤكد التزامه التام بعدم الخروج على أحكام الشريعة الإسلامية والتي نص الدستور أنها مصدر رئيسي للتشريع، وهو النهج ذاته الذي سارت عليه الكثير من الدول العربية عند تحفظها على هذه الاتفاقية، أما ما يثار حول مخالفة هذا المرسوم بقانون لأحكام الشريعة الإسلامية فهو قول لا يستند إلى حجج حقيقية أو تفهم كامل لما ورد في المرسوم بقانون من تحفظات على هذه الاتفاقية، فالمرسوم بقانون الذي تمت الموافقة عليه لم يتضمن ما يخالف المرسوم بقانون الذي سبقت الموافقة عليه في العام 2002 بل إنه أكد على ما ورد فيه وقرر عدم التزام المملكة بالنصوص المتحفظ عليها إذا تعارضت مع أحكام الشريعة الغراء.
كما أن ما ورد في المرسوم بقانون لسنة 2014 الذي وافق عليه مجلس النواب، لا يرتب أية التزامات جديدة على مملكة البحرين، ولا أثر له على العلاقات مع المجتمع الدولي، إذ هو مجرد تأكيد لما ورد في المرسوم بقانون الصادر العام 2002.