وفقا لموقع "webteb" فإن الاضطراب الجنسي لدى النساء (Female Sexual Dysfunction - FSD)، هو ظاهرة منتشرة أكثر مما كنا نميل للاعتقاد حتى الآن. وتشير التقديرات إلى أن سيدة واحدة من كل ثلاث، تعاني اضطرابا في أدائها الجنسي. وعلى الرغم من ذلك، ما زال مجال البحث المتعلق بدائرة ردات الفعل الجنسية النسائية الفيزيولوجية، والإصابة بالأمراض الجنسية النسائية، والمجال المتعلق بالعلاجات الممكنة، للنساء اللاتي يعانين من الاضطراب الجنسي، ما زال متأخراً واقل تقدما من مجال البحث المتعلق بالاضطرابات التي تصيب الرجال وطرق علاجها. وقد قامت مؤخرا نقابة الأطباء النفسيين الأميركية بتغيير تصنيف الاضطراب الجنسي لدى النساء، ليصبح جزءا من كتب التشخيص النفسي الـ ICD -10 والـ DSM - IV. فقد تبنت نقابة الطب النفسي الأميركية، نموذج ردات الفعل الجنسية، الذي ابتكره كل من ماستراس وجونسون، والذي تمت ملاءمته لاحقا للأعراض المرضية المنتشرة بمبادرة من الأخصائية النفسية الأميركية هيلين سينجر كابلان. تتألف دائرة رد الفعل الجنسية - وفق ادعائها - من الشهوة التي تؤدي للتنبه عند حصول الاستثارة الجنسية، وسرعان ما ينتهي هذا التنبه بمرحلة النشوة الجنسية (هزة الجماع). بعد هاتين المرحلتين، تأتي مرحلة "الشفاء" وعودة الأجهزة لحالتها السابقة، استعدادا لحالة جديدة ممكنة من الاستثارة.
يمكن وفق هذه النظرية (التوجه)، أن يحصل الاضطراب الجنسي لدى النساء، في أي مرحلة من المراحل المذكورة:
-اضطراب متعلق بالشهوة والرغبة الجنسية: يشمل انخفاض الشهوة الجنسية أو انعدامها بالمطلق.
-الاضطرابات المتعلقة بالتنبه الجنسي: انعدام القدرة على التنبه جنسيا بالقدر الكافي، مما يخلق أزمة نفسية، انخفاضا في مستوى ترطيب العضو التناسلي (الجنسي)، أو بعض الأحاسيس الجسدية المزعجة.
-الاضطرابات المتعلقة بالنشوة الجنسية (هزة الجماع): صعوبة الوصول للنشوة الجنسية، أو انعدام القدرة على الوصول إليها بشكل مطلق.
-اضطرابات الألم المتعلق بالعملية الجنسية: الم عسر الجماع، التشنج العصبي المهبلي، الألم المتواصل في العضو التناسلي، والذي ليس بالضرورة ان يكون مرتبطا بالعملية الجنسية.
ويمكن لكل واحد من هذه الاضطرابات، أن يكون أولياً أو ثانويا، ومن الممكن أن يكون شاملا أو ظرفيا، أي محصور بحالات بعينها. إن الفصل بين الاضطرابات التي لها مسببات نفسية، وبين تلك التي يعتبر تفسيرها جسديا (عضوية)، هو فصل غير طبيعي بتقديرنا، بل ان هنالك تقاطعا بين المسببات العضوية الجسدية وبين تلك النفسية وبالعكس، في غالبية الحالات. تنبع الاضطرابات الجنسية في اغلب الحالات من التقاطع بين الروح والجسد، وبحسب تقديرنا فان هذا التوجه هو التوجه السائد اليوم، من اجل العلاج من جهة، ومن اجل البحث العلمي من الجهة الأخرى.
ليس مجال البحث في الاضطراب الجنسي مجالا سهلا، حيث أن نسبة النساء اللاتي يعانين من الاضطراب الجنسي بأدائهن، ويتوجهن للاستشارة الطبية، تعتبر منخفضة جدا. تتردد الكثير من النساء في التحدث عن هذه المشكلة مع أي جهة علاجية، وحتى إن تحدثن في الموضوع، فانهن في كثير من الأحوال لا يتلقين العلاج المناسب. خلال الأبحاث العلمية التي أجريت على السكان، قالت 43في المئة من النساء، أن لديهن مشاكل في أدائهن الجنسي، مقابل 31 في المئة من الرجال في نفس المجموعة. كما تبين أن نحو الثلثين تحدثوا عن شهوة جنسية متدنية، والثلث عن مشاكل في التنبه الجنسي، والثلث عن مشاكل في الوصول إلى النشوة، ونحو الخمس تحدثوا عن أعراض مؤلمة. وفقط، خمس النساء قلن إنهن يشعرن بالاكتفاء من حياتهن الجنسية، بينما تم تشخيص أكثر من اضطراب جنسي واحد لدى الكثير من النساء.
ان القليل فقط، من النساء اللاتي يعانين من الاضطراب الجنسي - رغم إننا نتحدث عن مشكلة منتشرة بشكل واسع - يتوجهن للعلاج. غالبية هؤلاء اللاتي يتجرأن على التوجه للعلاج، يقمن بذلك بدافع من الألم المرافق لممارسة الجنس. أما بقية النساء اللاتي يعانين من الاضطراب الجنسي في أدائهن، لا يتوجهن للاستشارة الطبية والعلاج، بسبب نقص الوعي الجماهيري بكل ما يتعلق بالأداء الجنسي عامة، وبالاضطرابات في هذا الأداء بشكل خاص. فقط، في السنوات الأخيرة ازداد الوعي الجماهيري لمشاكل الانتصاب لدى الرجال، خصوصا مع دخول عدد من الأدوية والعقاقير الخاصة بعلاج الضعف الجنسي إلى السوق، ورغبة الشركات المنتجة بتوسيع رقعة وزيادة حجم مبيعاتها. لقد حرك الجانب التجاري موضوع التوعية لدى الأطباء ولدى الجمهور عامة، بكل ما يتعلق بالأداء الجنسي لدى الرجال. أما نقص الأدوية الناجعة وسهلة الاستخدام لعلاج المشاكل الجنسية لدى النساء، فيؤدي لعدم الاهتمام بالبحث العملي أو النشاط التجاري على السواء.
كما كان هنالك – بالمقابل - من اتهم الأطباء بالتدخل في الموضوع أكثر مما يجب. والحقيقة، انه حتى لو كان الأمر كذلك، فان هذا لا يلغي وجود أعداد كبيرة من النساء اللاتي يعانين من الاضطراب الجنسي.
يجب أن يتم استيضاح موضوع الاضطراب الجنسي لدى النساء بعدة توجهات، وذلك على ضوء كثرة الجهات التي يمكن القيام بذلك مقابلها. لكن فقط، بالتعاون المهني بين طبيب العائلة، أخصائيي الهورمونات، طبيب الأمراض النسوية، طبيب أمراض المسالك البولية، المختص النفسي ومختصي علاج المشاكل الجنسية، من الممكن حينها الوصول لتشخيص دقيق وعلاج ناجع للمشاكل الجنسية لدى النساء. تتعلق طريقة العلاج بالعامل الذي أدى لذلك، لكن في اغلب الحالات من المتبع القيام بعلاج جنسي، يتمحور حول تغيير أنماط التصرف الجنسية، وبالابتعاد عن طرق تفكير خاطئة بكل ما يتعلق بالجنس والنشاط الجنسي. فمثل هذا العلاج من الممكن أن يكون داعما إذا ما كان مصحوبا بعلاجات أخرى، مثل العلاج الدوائي.
أسباب وعوامل خطر الاضطراب الجنسي لدى النساء
أكثر الأسباب المؤدية لاضطراب الأداء الجنسي لدى النساء انتشارا:
-اضطرابات في الأداء الهرموني في المحيط الزمني القريب من الولادة، السكري، اضطراب في أداء الغدة الدرقية وانقطاع الطمث.
- تناول الأدوية المختلفة (لتخفيض ضغط الدم، حبوب منع الحمل، الحبوب المضادة للصرع، الحبوب المهدئة، مضادات الاكتئاب، العلاج الكيميائي للسرطان والأدوية المضادة للقرحة المعدية والهضمية).
- شرب الكحول وتعاطي المخدرات والتدخين.
- مشاكل في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي (الطرفي).
- حالات ما بعد الصدمة النفسية والجسدية، خصوصا بعد التعرض للاغتصاب أو الاستغلال الجنسي.
- مشاكل في الأعضاء التناسلية أو في المسالك البولية.
- اضطراب في الدورة الدموية.
- أضرار في العمود الفقري أو عيوب (تشوهات) جسدية تخلق صعوبة في الأداء الجنسي، الجسدي أو النفسي.
- علاجات الخصوبة، استئصال الرحم والمبايض، انقطاع الطمث، سرطان الثدي بشكل خاص والأمراض المزمنة عامة، بكل ما تحملها وتؤدي لها من مشاكل وأزمات نفسية وجسدية.
إن فهم هذه الأسباب، وغيرها من الأسباب، يمكن الجهة التي تقدم العلاج من جعل المتعالجات يعرفن مشكلتهن ويعترفن بها، ويدفعهن لطلب العلاج الطبي الملائم.
الثقافة الجنسية للمتزوجين.. والقدرة على التكيف وتفهم الطرفين، والعلاج كفيل بتدارك هذا الاضطراب الجنسي.. وللأسف الغالبية يتم تجاهل المشكلة أو الظاهرة بدرجة كبيرة، مما يسبب مشاكل محتملة تنتهي بالطلاق والنشوز أو الذهاب للحرام لتجاهل الطرف الآخر.