كشف تقرير جديد لوكالة الحقوق الأساسية للإتحاد الأوروبي، عن ظروف قاسية للغاية تواجه المهاجرين واللاجئين القادمين إلى أوروبا، بينما تصر بقوة بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا والنمسا والسويد وسلوفينيا، على فرض إجراءات المراقبة الأمنية المشدّدة والصارمة، على كافة مناطق العبور وفي نطاق السيادة الوطنية، بعد أحداث مطار وميترو الإنفاق في بروكسل، بطريقة خطت خطوات أكبر في الإجراءات القانونية للجوء والهجرة، المتعلقة بحماية الفارّين من جحيم الحروب والنزاعات المسلحة الكارثية.
في جميع هذه الدول تعامل السلطات الحكومية الرسمية اللاجئين كما لو أنهم «أشخاص مذنبون»، وتحاول دائماً أن تفرض عليهم شروطاً قاسية في أماكن إقامتهم، وتماطل في معالجة ملفات طلبات لجوئهم، وتمنع الرعاية الكافية للأطفال القصّر، الذين يتقدمون بطلبات اللجوء بمفردهم، وغير ذلك من الأمور الخاصة، التي تحاول كل هذه السلطات فرضها على اللاجئين، رغم دعوات المنظمات الحقوقية والإنسانية الوطنية والأوروبية والدولية، المطالبة بتوفير الأمن والرعاية الكاملة لكل الأشخاص الذين يُحرمون من حقوقهم الإنسانية والأخلاقية المشروعة، أو يغادرون أوطانهم بسبب الحروب أو الإضطرابات أو الخوف من غوائل الظلم والعسف العام.
وتحدث تقرير الوكالة الأوروبية، الذي صدر في فبراير/ شباط الماضي، تحت عنوان «الوضع الراهن للاجئين»، عن صعوبات بالغة الحدّة تواجه أوضاع اللاجئين، في بعض الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، ولاسيما دول شرق أوروبا، التي مازالت تضع الحواجز العالية في وجه اللاجئين، وتراقب كل تحركاتهم وتنقلاتهم بصورةٍ لم يسبق لها مثيل في تاريخ اللجوء والهجرة، ومن بينها تضييق الخناق على حرية التنقل، والتباطؤ الشديد في تسجيل اللاجئين في مراكز الاستقبال، وتأخير القرارات المتعلقة بطلبات لجوئهم. وخصّ التقرير ألمانيا بالذات، حيث يتواجد فيها أكثر من 370 ألف طلب لجوء، مازالت السلطات الألمانية تحتفظ بها في أدراج مكاتب الهجرة، ومن دون أن تخضعها لأية مراجعة جدية.
وأشار التقرير إلى أن هناك أعداداً كبيرةً جداً من الأشخاص المتقدمين بطلبات اللجوء في السويد، مجبرين على الانتظار عدة سنوات لحين صدور القرارات النهائية المتعلقة بطلبات لجوئهم؛ وكذلك النمسا التي تفرض عليهم الانتظار أكثر من نصف عام من أجل البتّ في معاملاتهم. وذكر التقرير أن عدم كفاية مراكز استقبال اللاجئين، وكذلك تأخير البت في طلبات السكن، قد ساهم بشكل كبير في مضاعفة المعاناة القاسية التي تواجه حياتهم، وأوضاعهم الحالية وفي المستقبل، في الوقت الذي يلاحظ فيه الجميع تصاعد الموجة المناهضة للاجئين في عموم أوروبا، وخصوصاً ألمانيا والنمسا، حيث ازدادت حدة الجرائم البشعة ضدهم بشكل مقلق ومخيف.
ويضيف التقرير أن هناك أعداداً هائلة من الأطفال، الذين تقدّموا بطلبات اللجوء من دون اصطحاب عائلاتهم، مازالوا يعانون من عدم توفير الرعاية النفسية والصحية الكاملة لهم، مشيراً إلى فقدان قرابة 90 في المئة منهم في هنغاريا، وأكثر من 80 في المئة في سلوفينيا، في الوقت الذي تشهد فيه جزيرة «لامبيدوزا» الإيطالية تزايد أعداد الأطفال اللاجئين والذين يعيشون حالياً ظروفاً قاسية في مختلف مراكز اللجوء.
وفي موضع آخر من التقرير، أفادت وكالة الحقوق الأساسية للإتحاد الأوروبي، بوجود أفواج هائلة من المهاجرين واللاجئين، مازالت تنتظر على السواحل اليونانية أية فرصة ممكنة للعبور إلى أوروبا، رغم الاتفاق المعقّد، بين تركيا والاتحاد الأوروبي في بروكسل بشأن إعادة المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين الذين يصلون سواحل الجزر اليونانية من تركيا بدءًا من 20 مارس/ آذار 2016، والذي واجه العديد من الاعتراضات والانتقادات الشديدة والواسعة النطاق، على صعيد المنظمات الحقوقية الوطنية والأوروبية والدولية.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4960 - الثلثاء 05 أبريل 2016م الموافق 27 جمادى الآخرة 1437هـ