طبقة قادمة ليست محسوبةً على العاملين ولا على العاطلين، ولكن هي بين هذه وتلك. طبقةٌ ستفرض على المشهد البحريني من أبنائه الذين كدحوا دهراً، وتوقفوا عن العمل ليقابلهم وجهٌ آخر من الحياة، يجعل غالبيتهم رهينة العيش باقتدار. في البحرين أن تقدّم على التقاعد في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة قبل أن تسوّي أمورك، يعني انتحاراً، خاصة إذا كان لايزال لديك من تعوله أو عليك التزامات مادية جارية.
التقاعد الذي يُعرّف على أنه التوقف عن مزاولة العمل لبلوغ السن القانونية ليتقاضى مبلغاً شهرياً – يقال تقاعد عن الأمر يعني لم يعد يهتم به- هي حالة جرت على البعض ليس باختياره بل هو مجبر، فإما سبقه الزمن قبل أن يستوفي التزاماته، أو اضطراره لضغوط العمل أو العجز الصحي أو لتسوية مادية، وكل تلك الأسباب تنتهي بنتيجة واحدة هي الخروج براتبٍ غير مجزٍ في ظل ارتفاع مستوى المعيشة وتزايد الالتزامات.
تعتبر البحرين حديثة العهد نسبياً في مسألة تقاعد موظفيها، وقانون الضمان الاجتماعي، إذ أنشئت الهيئة العامة لصندوق التقاعد العام 1975، وذلك وفقاً لما نص عليه دستور مملكة البحرين في مادته الخامسة فقرة (ج) «تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل...». وبعد ذلك صدر قانون التأمين الاجتماعي في العام 1976 وتأسّست بموجبه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بشخصية اعتبارية مستقلة وبميزانية مستقلة.
المتقاعدون مثّلوا ورقةً ضاغطةً على الحكومة ومجلس النواب بسبب ضعف معاشهم التقاعدي، ما أجبر الطرفين على تقديم بعض الامتيازات الخاصة للمتقاعدين، كان آخرها إقرار الحكومة صرف مبلغ قدره 360 ديناراً لكل متقاعد يبلغ معاشه أو مجموع معاشاته التقاعدية مع أي أجر أو مكافأة شهرية دورية أخرى (700) دينار أو أقل، على أن يُصرف لمرةٍ واحدةٍ في شهر أغسطس/ آب من السنة المالية 2015. كما ناقش النواب أخيراً مقترحاً بقانون يهدف إلى إقرار زيادة في رواتب المتقاعدين بنسبة%7، على رغم توصية لجنة الخدمات النيابية برفض المشروع بقانون من حيث المبدأ، لوجود بعض المخاوف من المساس بامتيازات المتقاعدين.
مازالت قضية المتقاعدين تثار كل مرة، خاصة في السنوات الأخيرة، مما ينذر بظهور طبقة اجتماعية جديدة ضاغطة خاصة وإنها ضمت الجيل الثالث من العاملين بعد صدور قانون التقاعد، إذ وصل عدد المتقاعدين في العام السابق نحو 47 ألفاً، بعد أن كانوا 34 ألفاً في العام 2014، و28 ألفاً في 2013، أي أن الأعداد في تزايد، خاصة أن 20 % منهم، ممن تقل أعمارهم عن 50 عاماً.
إن ظهور الطبقات في تاريخ الشعوب أمر طبيعي نتيجة لتغيرات الأوضاع، وهو ما يعرف بصراع الطبقات الاجتماعية، وهو مفهوم ظهر في القرنين التاسع عشر والعشرين، واعتمدت هذه النظرية على أن كل مجتمع مُنقسم إلى طبقات، كل طبقة تقاوم من أجل وضعها الاجتماعي والاقتصادي، واستخدمت في سياقات تاريخية مختلفة، منها الصراع بين العبيد والأسياد في مجتمعات الرقيق والدُخلاء من المجتمعات القديمة؛ ثم الصراع بين العامة ومُلاك الأراضي؛ ثم الصراع بين الطبقة الثالثة وطبقة النبلاء عشية الثورة الفرنسية. ثم كان الصراع بين العمال وأصحاب العمل في المجتمع الرأسمالي الحديث، والتي تلاشت في عام 1970، لتواجه المجتمعات طبقاتٍ جديدةً بحسب تبدل المجتمعات والتغيرات الطارئة عليها. في الخليج عموما والبحرين خصوصا ستبدأ طبقة المتقاعدين بالظهور والضغط... فهل هناك حل منصف لها؟
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 4958 - الأحد 03 أبريل 2016م الموافق 25 جمادى الآخرة 1437هـ
العوين الله كل يوم نسمع خبر واحد يقول بيزيدون سنوات التقاعد الى ٢٥سنه واحد يقول عمرك ٤٥ سنه واحد يقول دمج التأمينات وصندوق التقاعد والنَّاس مثل النعام حاطين رأسهم في لارض ينتضرون الضربه من وين تجي البترول ارتفع واحنى ندفع قيمته الحم و الكهرباء والماء والمرور وحتى لو تبي تهرب من المطار تعال ادفع ٥دينار مال استخدام المطار ؟؟!!! الحمدالله والله كريم
تقاعدني الحكومة وعمري 30 وعندي 10 سنوات تأمين وتعطيني 150 دب ؟
شكرا للكاتبة على تنبؤها وبالفعل ظهرت طبقة جديدة خصوصا بين المتقاعدين الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاما
قال تعالى ( ولا ينبئك مثل خبير)
وقالوا في بلادنا ادفنوهم مع خبرتهم . هذا منطق بلاد التفريط في الثروات
المتقاعدون خبرات ذات قيمة عالية جدا وثروة كبيرة للوطن لكنها تدفن عيني عينك، اذا كان ابناء المتقاعدين ما يحصلون وظائف فكيف تريدين من الدولة الاستفادة من هذه الخبرات.