انقسم عدد من أعضاء مجلس الشورى، بين مؤيد ومعارض لمقترح بقانون يلزم المقبلين على الزواج بالدخول في دورات تثقيفية تحمل اسم «العيش المشترك»، أسوة بالفحص الطبي قبل الزواج، ففي حين دافع مقدمو الاقتراح وأكدوا الحاجة إلى مثل هذه الدورات في ظل تزايد عدد حالات الطلاق، رأى آخرون أن تطبيقه يخالف الدستور، ويتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان.

وفي جلستهم، أمس الأحد (1 إبريل/ نيسان 2016)، أشبع الشوريون الاقتراح بقانون بتعديل المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين، أشبعوه نقاشاً قبل أن يقرروا إعادته إلى لجنة الخدمات لمزيد من الدراسة.

وبعد النقاشات الطويلة، اقترح رئيس مجلس الشورى، علي الصالح، أن يذهب وفد من الشوريين المؤيدين والمعارضين، إلى ماليزيا ودراسة تجربتهم في الحد من نسب الطلاق، وإعداد تقرير مفصل عن ذلك، يتم من خلال بناء مقترح القانون المذكور، متعهداً بتسهيل سفرهم، إلا أن الشوريين لم يصوّتوا على الاقتراح المذكور، وسأله بعض الشوريين بعد الموافقة على إعادته إلى اللجنة عن مصير مقترحه بالسفر إلى ماليزيا، فأجاب «لم تصوّتوا بالموافقة عليه».

وقال الصالح: «هدف هذا الاقتراح نبيل، ويعالج ظاهرة الكل يعترف بها، وهي تزايد حالات الطلاق، والاقتراح جاء لمعالجة هذه الظاهرة، وهناك دول وضعت برامج إرشاد وجاءت بنتائج واضحة. وأنا أقترح أن نختار من مؤيدي ومعارضي الاقتراح، ونعمل مساعي لزيارة ماليزيا ودراسة الوضع، وطرح جميع التساؤلات، وألا نعتمد على تقارير مكتوبة».

رأيي نهائيّاً، ليس رفض المشروع، وتأجيل النظر فيه لمزيد من الدراسة، وسنقوم بدورنا بترشيح عدد من المتداخلين للذهاب إلى ماليزيا، ونأتي بنتائج إيجابية نبني عليها قانوناً. وأشار إلى إمكانية الاستفادة من تجربة المملكة العربية السعودية في وضع تشريع لهذا الأمر.

وفي كفة الدفاع عن الاقتراح بقانون، قالت رئيسة لجنة شئون المرأة والطفل بمجلس الشورى، هالة رمزي، وهي إحدى مقدمي الاقتراح، إن نسب الطلاق في تزايد في البحرين، واعتبرت هذه الدورات وقاية، وقالت: «الوقاية خير من الطلاق».

وأضافت رمزي «لا نريد من الأزواج التفكير في الطلاق وبعد ذلك نبحث عن الحلول، ففكرة المشروع هي تدريب المقبلين على الزواج على أصول التعاون بين الطرفين، وتعريفهم بالحقوق والواجبات لكل طرف».

وأشارت إلى أن «كثيراً من العلاقات الإنسانية تحدث فيها مشكلات بسبب نقص التوعية بأسس التعامل بين الأزواج، وخصوصاً أن نسب الطلاق في تزايد، وهي تؤثر على الأطفال، والعلاقات الأسرية. وبدلاً من إنفاق مبالغ على العلاج، ننفقها على الحل الجذري وتقليل المشكلة».

واستشهدت بتجربة دول أكدت أنها طبقت التدريب قبل الزواج ونجحت، وذكرت أن «ماليزيا فيها تجربة ناجحة، قللت نسبة الطلاق من 32 في المئة إلى 7 في المئة».

وأفادت «من يريد الدخول إلى وظيفة، لابد أن يسلح نفسه بالأدوات حتى ينجح، وهو الأمر نفسه يجب أن يكون في العلاقات الزوجية.

من جانبه، رأى النائب الأول لرئيس مجلس الشورى، جمال فخرو، عدم وجود ظاهرة طلاق في البحرين. واستعرض فخرو إحصاءات صادرة عن المجلس الأعلى للمرأة حول نسب الطلاق في البحرين خلال الأعوام الماضية، والتي تبين انخفاض نسب الطلاق، حتى وصلت حاليّاً إلى 7 في المئة. وقال: «إذا كانت ماليزيا وصلت نسب الطلاق فيها إلى 7 في المئة بعد تطبيق إلزام المقبلين على الزواج بدورات تثقيفية، فهذه النسبة تعتبر طبيعية في البحرين».

وخلص إلى أنه «لا توجد ظاهرة طلاق في البحرين، والموجود أمر طبيعي، فلماذا نناقش هذا الاقتراح؟».

أما النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى، جميلة سلمان، فرأت أن الاقتراح أُقحم في بنود قانون الفحص الطبي قبل الزواج، وهو «أمر غير صحيح»، مشيرة إلى أن «التدريب والتوعية والتثقيف غير موجود في البحرين، ويكاد يكون معدوماً، فكيف سيتم إلزام المقبلين على الزواج بهذه الدورات».

وأكدت أن الأمر «يحتاج إلى مدربين مختصين بالأمور الشرعية، والنفسية، والصحية، والأسرية، والاجتماعية»، مشيرة إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى برنامج وطني شامل، تشارك فيه مؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب المؤسسات الرسمية».

ووصف الشوري محمد الخزاعي، الاقتراح بأنه «مثير للجدل» وفيه شبهة عدم دستورية. وأكد أن «مثل هذه الثقافة والتوعية يجب أن تكون ضمن المناهج التعليمية، وأعتقد أن التوعية والتثقيف تدرس لطلبة المرحلة الثانوية، ضمن مقرر البيولوجيا وعلم وظائف الأعضاء الفسيولوجية».

وتساءل عمّا إذا لن يتم السماح لمن يُخفق في هذه الدورة بالزواج. لافتاً إلى أن «مقدمي الاقتراح أوردوا في رأيهم أنه مطبق في ماليزيا وبعض الدول العربية، في حين أن هذا الاقتراح غير عملي، ولا علاقة له بمجالات الطلاق التي تحصل بين الأزواج».

وفي رأي مؤيد للاقتراح، شدد الشوري محمد علي حسن على أن «الاقتراح هدفه نبيل، وهو تحضير لما بعد العقد، ولا يعد الزوجان للعقد، وإنما ما بعد الزواج، وذلك من خلال دورة متخصصة في العيش المشترك».

وتساءل عن الضير في جعل هذه الدورات ركناً من أركان عقد الزواج، حاله حال الفحص الطبي قبل الزواج، مبيناً أن الفحص قد يظهر عدم تناسب الشخصين للزواج، إلا أنهما يتزوجان.

من جانبه، قال العضو أحمد الحداد، «إن الجهات المعنية في الدولة رفضت الاقتراح بشكل ضمني، وهي وزارة الصحة، والعمل والتنمية الاجتماعية، واللجنة لم تأخذ رأي جهة مهمة، وهو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وأرى أن الاقتراح مخالف لدستور البحرين».

وأكد أنه مخالف لحقوق الإنسان؛ لأن فيه إلزام الراغبين في الزواج بدخول هذه الدورة. وأضاف «ليس معقولاً أن نضع البنت بين أشخاص أجانب لا تربطها بهم علاقة، فهذا يشوّه سمعة العائلات فضلاً عن البنت».

ورفع الحداد هاتفه الذكي وهو يقول: «هذا الجهاز ماذا يفعل؟ يمكن استخدامه من عمر 6 أعوام، وبالتالي لا نحتاج إلى دورات ولا كلام فارغ».

من جانبها، قالت الشورية سوسن تقوي، إن الفحص الطبي قبل الزواج أسهم في توفير الكثير للدولة، وكذلك الاقتراح بقانون المذكور، فهو سيوفر للدولة الكثير، مشدداً على ضرورة صياغة مشروع وطني تشترك فيه مختلف الجهات، منتقدة في الوقت ذاته رفض الاقتراح والقانون من حيث المبدأ.

أما الشوري أحمد العريض، فاعتبر أن كل أسرة في البحرين تعد معهداً متخصصاً لتربية الأبناء وتهيئتهم للزواج، ما يعني وجود 200 ألف معهد، على تعبيره.

وقال: «كل أسرة في البحرين معهد، ونحن نتربع ونتربى في أحضان أمهاتنا، تنغرس هذه العادات وننشأ عليها، وبالتالي يتربى الأبناء في هذه المعاهد الأسرية، وينشأون في أسر محافظة أو مشردة».

ورأى أن «هذا المشروع مخالف لطبيعة الإنسان»، متسائلاً: «هل تريدون أن نصل إلى الوثنية وأساليبهم في تزوبج أبنائهم».

وبدورها، رفضت رئيسة لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى دلال الزايد، إلزامية المقبلين على الزواج بالدخول إلى هذه الدورات.

وذكرت أن هناك من الجيل الماضي والحاضر من يرى عدم جدوى هذه الدورات، وذلك أنهم اعتادوا الذهاب إلى أمهاتهم عند حصول أية مشكلة، وإذا غابت الأم يُلجأ إلى الخالة أو العمة.

وبينت أنه «يشيب رأسنا كمحامين عندما نبحث قضايا الطلاق بين زوجين شابين، ونجد أن السبب من أتفه الأسباب التي لا يمكن أن تضيع بنت في مقتبل عمرها بسببه.

وزير شئون مجلسي الشورى والنواب، غانم البوعينين، عبّر عن استمتاعه بالاستماع لملاحظة الشوريين حول الاقتراح المذكور، متسائلاً: «هل مكان هذا الاقتراح قانون الفحص الطبي؟. وأكد أن «مقدمي الاقتراح أقحموا هذه المواد في قانون الفحص الطبي، وغيروا من عنوان القانون حتى يستوعب هاتين المادتين.

أما الشورية فاطمة الكوهجي، فأكدت أن الاقتراح جاء بعد وجود مشكلة، ولا يمكن أن نغمض عيوننا ونقول لا يوجد شيء. ودعت إلى أن «نساعد الاقتراح ونعطي اقتراحات وآراء، بدلاً من الاعتراض».

من جانبه، أفاد الشوري سعيد اليماني أن «البحرين وكثيراً من دول المنطقة، زادت فيها حالات الطلاق، وأعتقد بأن حالات الطلاق تنتشر بين المتعلمين ومن لديهم مستوى علمي واقتصادي».