ليست من ذوي الأملاك، وليست من ذوي الأسماء الكبيرة البرّاقة، ولكنّها امرأةٌ عشقت تراب البحرين، وسكنت بين مناطقها ووسط (فرجانها) لمدّة تزيد عن الـ39 عاماً، عاشتها بحلوها ومرّها. بريطانية ابنة بريطاني أباً عن جد، ولكنّها لم تعش في وطنها بعدد السنوات التي عاشتها في البحرين.
حضرت جانيت إلى أرض الخلود سنة 1977، وكانت في تلك الفترة الذهبية فعلاً أرض الخلود، وتزوّجت من زوجها في بيت السفير البريطاني آنذاك، وأنجبت أبناءها الثلاثة في مستشفياتنا، وكانت ابنتها البكر سادس مولودةٍ في مستشفى البحرين الدولي.
وما أن تتحدّث سافيج عن الماضي الجميل، حتى لا تتوقّف، فتذكر كيف كانت دلمون الخضراء، وكيف كانت الأراضي والشوارع والحياة البسيطة الجميلة، التي ذهبت فجأةً عنّا مع الحداثة السريعة، فهذه الحداثة هي من سرقت منّا البراءة والنضارة.
كانت سافيج تقيم الفعاليات هي وزوجها، وكان زوجها هو أوّل من أقام فعاليةً في البحرين في مركز المعارض، أيّامٌ لا تُنسى ولا تُمحى من ذاكرتها أو ذاكرة أبنائها، فأبناؤها ترعرعوا على هذه الأرض، وعاشوا فيها مثل أمّهم، أكثر من عيشهم في وطنهم الأم، ولكن هذه هي الدنيا ليس لديها صاحب.
كبُرت جان، وأصبحت في سن التقاعد، وهي لم تستطع أن تمتلك الجنسية البحرينية، مع إننا نعتقد بأنّها أحقّ بكثير من آخرين، واليوم ستغادرنا إلى أرض أخرى خصبة بتاريخها وماضيها واخضرارها، وتذكّرها كثيراً بالبحرين، إذ أنّ هذه البريطانية تتوجّه إلى سريلانكا، وعندما سألها أحدهم عن السبب، هل تعلمون ماذا قالت؟ أتوجّه إلى سريلانكا لأني لا أستطيع العيش في البحرين بعد التقاعد، ولكن هذه المنطقة الخضراء من العالم، تذكّرني بأرض الخلود، وقد وصّيت أبنائي إن متّ أن يدفنوني في وطني البحرين.
ما أقواها من جملة: ادفنوني في وطني البحرين، فهي لا تجد بأنّ الجواز الأحمر هو الذي يحدّد هويّتها، لأنّها تعشق البحرين، هذه البحرين التي احتضنتها قرابة الـ 40 عاماً، وقدّمت جان سافيج لها كما قدّمت هي الأخرى لجان الكثير والكثير، ولا نعتقد بأنّ انتماءنا لوطننا تحدّده الجوازات أو الهويّات، بل هي خليطٌ من المشاعر القوّية التي لا توصف، والغيرة التي يستشعرها النّاس عندما تتكلّم عن وطنك، وهي أيضاً تلك الحرقة عندما يدبّ الفساد في مكان ما ولا تستطيع إيقافه، هي مجموعة من المشاعر التي لا تتوقّف، بل تزداد كلّما كبرنا وهرمنا.
جان سافيج تُغادر البحرين، وقلبها متشوّق إلى البحرين، ولكن في بعض الأحيان، تستدعينا الظروف للبعد عن هذه المعشوقة، ولكن تدور الدنيا وقد نرجع إليها، وفي قصّة جان، سيرجع جسدها يوماً ما، فهي تردّد علينا دائماً وأبداً «وطني هو البحرين»، ونقول لها نعم هو وطنك، وبالتوفيق أينما كنتِ وحللتِ.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 4957 - السبت 02 أبريل 2016م الموافق 24 جمادى الآخرة 1437هـ
أفضل لها من دون الجواز البحريني .. بجوازها الاجنبي ستحصل على مميزات افضل من الجواز البحريني .. اصبح الجواز البحريني ...على حاملية .. في العمل مثلا راتبك الشهري اقل بكثير من الاجنبي الاسيوي والعربي وان كنا نشغل نفس الوظيفة فقط ببركات الجواز البحريني!! نتمنى لها كل خير في سفرها هذا.