فيما كان المراقبون والمراسلون الصحافيون يتحدثون عن إصرار خاطف الطائرة المصرية الأسبوع الماضي على إطلاق سجينات في السجون المصرية قبل تحرير رهائنه على متن الطائرة، كان الخاطف يحتسي المشروبات الساخنة مع طاقم ضيافة الطائرة ويلتقط صور «السلفي» مع «معجبيه» ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم السبت (2 أبريل/ نيسان 2016).
وحبس المصري سيف الدين مصطفى (59 عاماً) الأنفاس لسبع ساعات بعدما خطف طائرة لدى إقلاعها من مطار برج العرب شمال مصر، وطلب تغيير خط سيرها للهبوط في قبرص أو تركيا بدل القاهرة، وإلا فجّرها بـ «حزام ناسف» أظهره لطاقم الضيافة، واتضح في ما بعد أنه «زائف».
وهبطت الطائرة في مطار لارنكا القبرصي، وظلت الأزمة محط اهتمام العالم، وسُلطت كاميرات وسائل الإعلام على الطائرة لعدة ساعات، وسط تسريبات متلاحقة ومتضاربة في أحيان كثيرة عن المفاوضات بين الخاطف والأمن القبرصي.
وبعد تنسيق مصري- قبرصي، أقلت طائرة عسكرية مصرية قوات خاصة تابعة للجيش للتدخل في حال تقرر اقتحام الطائرة، لتحرير الرهائن ومن بينهم أجانب، لكن الجاني «استسلم» من دون تدخل عنيف، بعدما حرر الركاب تباعاً وقفز أفراد من طاقم الطائرة من نوافذ قمرة القيادة.
وذخرت وسائل التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين بفيديوات التقطتها كاميرات ركاب على متن الطائرة، على الأرجح، للخاطف أثناء تلك الساعات العصيبة، والتي لا يمكن بأي حال تفسير مشاهدها على أنها لمجرم يخطف طائرة ويحتجز رهائن على متنها! فقد ظهرت مُضيفة في أحد الفيديوات وهي تُقدّم مشروباً ساخناً لمصطفى، وهو جالس على كرسي صغير قرب مطبخ الطائرة في خلفيتها، ثم تجلس أمامه، وهي تحتسي مشروبها، قبل أن يتبادلا أطراف الحديث، وبدت هي هادئة، فيما كان الخاطف ودوداً، لدرجة أن كلماته لم تكن مسموعة، فيما صوت المضيفة واضح.
وفي فيديو آخر، ظهرت المضيفة تطلب من الخاطف السماح لأحد الركاب بالقدوم لالتقاط صورة سيلفي معه، وأظهرت حرصاً على تفخيمه، باعتباره بات نجماً، حتى أن السيّاح يريدون التقاط الصور إلى جانبه، وهو ما كان محل ترحيب من الخاطف، الذي استقام من جلسته مبتسماً، استعداداً لجلسة التصوير، التي كان أبطالها: المضيفة وأحد المخطوفين والخاطف، الذي أظهر طاعة لافتة، وبدا لو أنه كان طُلب منه نزع «الحزام الناسف»، لزوم التصوير، لربما فعل.
تلك الفيديوهات والصور كانت مدعاة للتشكيك في عملية الخطف كلها من جانب معارضي النظام المصري، وخصوصاً جماعة «الإخوان المسلمين»، التي نشرتها على مواقعها الرسمية بتعليقات اعتبرت فيها أن العملية مجرد «تمثيلية مُرتبة».
لكن قائد الطائرة الكابتن عمرو الجمال، قال لـ «الحياة» إن تلك التصرفات من طاقم الضيافة كانت بتعليمات منه شخصياً، لافتاً إلى أن طاقم الطائرة لم يكن يعلم حتى اللحظة الأخيرة أن الحزام الناسف «زائف»، و «تعاملنا مع الأمر على أنه حزام حقيقي». وأوضح أنه طلب من طاقم الضيافة التقرّب قدر الإمكان من الخاطف والدخول في حوارات ودية معه «من أجل ضمان تنفيذه مطالبنا في مرحلة لاحقة، وهو ما حدث». وأوضح أن «طاقم الضيافة دخل في حوارات مع الخاطف عن أسرته ومكان سكنه في مصر وأصدقائه، وأظهر أفراد الطاقم وداً نحوه، وهو ما كان له مردوده حين طلبنا منه تحرير الرهائن من النساء والأطفال، ثم تمكّنا من إخراج كل الركاب تباعاً».
وقال إن تفاصيل تعامل طاقم الطائرة مع الخاطف «تدعو للفخر»، لكن لا يمكن كشف تلك التفاصيل، لأنها مثار تحقيق قضائي في دولتين: مصر وقبرص. وأشار إلى أن التقاط الصور مع الخاطف لم يكن «مزحة»، ولكنه كان «حيلة» لإرسال تلك الصور إلى السلطات للإفادة في عملية التفاوض وتحديد هوية الخاطف.
وكرّم وزير الطيران المدني شريف فتحي مساء أول من أمس، طاقم الطائرة ومنحهم شهادات تقدير على «أدائهم المتميز». وقال بيان للوزارة إن «وزير الطيران أشاد بجهود فريق العمل المدرّب على المواقف المماثلة وحالات الطوارئ، وأثنى على تعاملهم بمهنية شديدة مع خاطف الطائرة بداية من طلبه تحويل مسار الرحلة وإصرارهم على البقاء في الطائرة حتى إجلاء آخر راكب بسلام».
وأعرب طاقم الطائرة عن الشكر والامتنان لوزير الطيران، وأكدوا أنهم تعاملوا مع الموضوع بجدية.
في غضون ذلك، أرسلت النيابة العامة طلباً إلى السلطات القضائية القبرصية، من طريق وزارة الخارجية والإنتربول المصري، للاستمرار في التحفظ على المتهم سيف الدين مصطفى، إعمالاً لبنود الاتفاقية الثنائية بين الدولتين لتسليم المجرمين، وذلك إلى حين إتمام إجراءات ملف استرداد المتهم وفقاً للاتفاقات المقررة للقواعد في هذا الشأن.