حذّر مختصان أسريان من التكتّم على حالات العنف وعدم الإبلاغ عنها، مبينين أن الكشف عن الحالات يسهم في علاجها، منوّهين إلى أن معظم حالات العنف التي ترد إلى جمعية حماية الأسرة تكون ضد الأطفال، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم السبت (2 أبريل/ نيسان 2016).
وأوضحت رئيسة جمعية حماية الأسرة في جدة فاطمة العقيل، أن معظم الحالات التي ترد الجمعية تندرج ضمن فئة العنف ضد الأطفال، لافتة إلى أن العنف الجسدي والجنسي يرتبط بالعنف النفسي واللفظي، معتبرة أن العنف الجنسي أخطر أنواع العنف الموجّه ضد الأطفال، لكون آثاره النفسية «مدمّرة وقد تبقى مدى الحياة»، لافتة إلى أن 72.8 في المئة أقروا ضمن استفتاء أجراه برنامج الأمان الأسري الوطني بوجود علاقة بين التعرض لأنواع مختلفة من العنف أثناء الطفولة، وبين الإصابة بالأمراض المزمنة عند الكبر.
واعتبرت أن المتكتمين في شكل عام هم الأكثر إصابة بالعنف، مضيفة: «ذلك يعود لطبيعة الشخصية، فالبعض يكون من النوع الكتوم، حتى لو وقع عليهم العنف، وهو ما يتسبب لهم بأعراض نفسية عضوية، وعلى الأطباء حال لجوء المرضى لهم تحويلهم إلى لجان الحماية لحل مشكلاتهم، فقد يصمت الطفل المعنف خوفاً من التهديد الواقع عليه، وهناك مخاوف من استمرار العنف معه حتى الكبر، ما قد يؤدي إلى ممارسة ذات الأمر مع أسرته أو المحيطين به أو زملائه في المدرسة كنوع من التفريغ، لذلك محاولة علاج الأمر في سن باكر أسهل من علاجه مع تقدّمه في السن».
وذكرت أن من يسعون لتهديد الأطفال وممارسة العنف ضدهم ينتمون لمختلف الشرائح العمرية، منوّهة إلى أن التهديد يعد نوعاً من التمادي في العنف، يقوم به الشخص في سن معين ويستمر معه للحد العمري الذي يبلغه، مشيرة إلى أن تكرار العنف ضد الطفل يتحول إلى عادة يمارسها على غيره، وقد تتم ممارستها على المحيطين به من الأقارب والجيران ومن يسهل الوصول إليهم، داعية أولياء الأمور إلى تثقيف الأطفال لحمايتهم ووقايتهم من التعرض لأي من أنواع العنف.
بـــدوره، أفــــاد الاختــصـــاصي الاجتماعي عادل الرشيدي بوجود تأثيرات سلبية قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى على الطفل نتيجة الاعتداء، لافتاً إلى أن ليس كل الأطفال ينفعلون ويتأثرون بذات الطريقة، وذلك يعتمد على عوامل عدة بعضها تركّز على نوعية العلاقة وقربها والبعض على نوعية الاعتداء وشدّته.
وأوضح أن البعض يرون العنف الأسري هو العنف الجسدي، لكن من آثار العنف الأسري خصوصاً على الطفل هو العنف النفسي الذي تكون آثاره مستمرة على المدى البعيد، وانعكاسه على الأبناء ينتج جيلاً يعاني من أزمات كثيرة مثل القلق والانطواء وعدم الثقة في النفس والأمراض النفسية كالاكتئاب، وغيرها من المشكلات المصاحبة التي تؤدي في غالب الأحيان إلى محاولات الانتحار والهروب.
وأضاف: «عند تعرّض الطفل إلى العنف الأسري في الأعوام الأولى من نموه إلى مرحلة ستة أعوام يكون اكتشافه صعباً وتمتد تأثيراته السلبية إلى مراحل بعيدة المدى، إذ لا تكون آثاره مرئية وواضحة وبالتالي تسبب تدني القدرات الذهنية والمهارات النفسية، واضطراب المستوى التعليمي للطفل وعدم قدرته على التواصل مع الآخرين، كما تمتد علاقة العنف ضد الأطفال مع التحصيل الدراسي، ويظهر ذلك في التأخر الدراسي والهروب المتكرر من المدرسة أو المنزل».