"يأتي زرياب، وهالة من الأسئلة والاستفهام تعلو هامته. يعود مذكرا بأبجديات حياة، بعد أن علا ضجيج ماكنات الحرب، فوق أنات الوتر، وخيمت الأفكار الظلامية، لتحجب أنوار القناديل المبشرة بالأمل".
بهذه الأسطر القليلة، يتحدث الكاتب الأردني مفلح العدواني عن مسرحيته المونودرامية "مرثية الوتر الخامس" التي قدمت ضمن عروض الدورة 26 من "أيام الشارقة المسرحية" (17-27 مارس/آذار 2016).
ويضيف العدواني "وسط هذا الصخب الدامي، يُبعث الفنان، مرة أخرى، ليعزف سيمفونية البقاء، والمحبة، والتسامح، والعدل، والاعتدال. رسالة لا لبس فيها، يصل ما انفصل، كأن أوتار عودة خيوط أنوار الشمس القادمة، بلا رهبوت ولا كهنوت. عاد زرياب، حقا عاد، ومعه موسيقى الوعي والإنسانية والحياة، حقا عاد، حقا عاد".
هكذا يختصر العدواني فكرة مسرحيته التي حصلت على جائزة أفضل اضاءة نفذها راشد عبدالله، فيما حصل الممثل عبدالله مسعود على جائزة أفضل ممثل في دور أول، ضمن جوائز "أيام الشارقة المسرحية" التي نظمتها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.
مسرحية المونودراما هذه، من انتاج هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وكانت قد شاركت في مهرجان الفجيرة الدولي للفنون في شهر فبراير/شباط 2016. واعتمدت المسرحية على نص العدواني، حاصل على المركز الأولى في المسابقة الدولية للمونودراما التي نظمتها هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام بالتعاون مع الهيئة الدولية للمسرح، وقدمت للمرة الأولى ضمن عروض مهرجان الفجيرة الدولي للفنون (20-28 فبراير/شباط 2016).
في المسرحية يحضر التاريخ عبر زرياب وموسيقاه، معلناً موقفا صارماً ضد العنف والإرهاب وفتاوى التكفير وإقصاء الآخر ونبذه. تسرد المونودراما سيرة زرياب ورحلته، مع موسيقاه، من بغداد إلى الشام فمصر فالقيروان وصولا إلى الأندلس. يروي زرياب قصته مع العود والوتر الخامس، ومع الإرهاب والعنف والتكفير والتآمر، مسقطاً ذلك على ما تفعله القوى الظلامية والتكفيرية اليوم وعلى ما ينتجه ذلك من عنف وقتل ودمار، طارحاً كماً من الأسئلة عن أوتار الحياة التي يقطعها هؤلاء وحرصه على الإبقاء عليها كما أبقى على وتره الخامس.
مخرج العمل فراس المصري، قال معلقاً على عرضه "كان من الأفضل، أن نعيش حياة دون مفاجآت. حياة مليئة بالحب والجمال، وما زلت أؤمن بأن للمسرح سطوته وحضوره الخاص. كنت أتمنى أن تكون القصيدة بدل الخطابات والشعارات الرنانة التي تؤكد الموت والقتل. أحب أن أرقص وأسمع الموسيقى بدل صوت الإنفجارات والمدافع. ريشة فنان يلعب بالألوان اطهر وأنقى من لون الدم أيا كان القاتل والمقتول. لأني أحب الحياة".
الفنان البحريني عادل شمس، الذي حضر عرض المسرحية، أبدى إعجابه الشديد بالعمل، وقال "نص المسرحية جميل وصعب أن يمسرح لكن كان هناك ذكاء من المخرج في التعامل مع النص ودمج افكارهبالأفكار الموجودة في النص بطريقة مونودرامية جميلة، كما كانت خطوطه واضحة في المسرحية، سواء في الدلالات التي قدمها، مثل الدائرة على الارض التي تعبر عن الوقت، ومثل استعمال الحبل الخلفي الذي يرمز لبندول الساعة، بالإضافة إلى استخدام السلالم للدلالة على السلالم الموسيقية".
وقال "استمتعت في معظم وقت المسرحية ماعدا البدايات التي تسرب فيها الملل إلينا، ولا اعرف ان كان ذلك مقصوداً من المخرج ليدخلنا في ايقاع المسرحية بشكل صحيح أم إن الأمر جاء صدفة".
وحول أداء الممثل عبدالله مسعود، قال شمس "أعتقد أن هذا الدور من أجمل الأدوار التي قدمها الممثل، وهو يستحق فعلا أن يحصل على جائزة أفضل تمثيل، لكن برغم هذا الأداء والتمكن، إلا أنه لم ينجح في تقسيم جهده بشكل جيد ليتناسب مع وقت المسرحية، بحيث إنه حين وصل للمشهد الأخير كان التعب قد نال منه".
ويضيف شمس "الآمر الأخر الذي كنت اتمنى أن يتم الإهتمام به هو إن العمل يتحدث عن شخصية موسيقية، وكنت اتمنى لو تم الإهتمام بتدريب الممثل ليتمكن من عزف الألحان التي قدمت بشكل مباشر بدل أن تكون الموسيقى "بلاي باك" خصوصا أن أداء الممثل جميل في الغناء وكان الأمر سيكون أجمل لو تمكن من عزف أساسيات الألحان التي قدمها".
يضم طاقم عمل المسرحية كل من عامر محمد في السينوغرافيا والموسيقى، فيما تولى راشد عبدالله راشد أعمال الإضاءة، ليخرجه الأردني فراس المصري. ويضم الطاقم أيضا كل من سليمان الشامسي في تنفيذ الموسيقى، وأحمد عبدالله راشد في الديكور والأزياء والماكياج، وعبدالله الخديم في إدارة الخشبة، وماجد مسامح في السكرتارية، وحمد الظخناني في إدارة الإنتاج، وعبدالله راشد في الإشراف العام.