قال الشاعر والإعلامي الأردني يوسف أبو لوز أن الصحف لم تعد مكاناً للنص الأدبي، في مقابل طغيان المحتوى السياسي للصحف وكذلك المحتوى الإعلاني، على نظيره الثقافي عموما، وليس المسرحي فقط، فضلاً عن غياب الصحافيين المختصين في حقل بعينه من حقول الإبداع الأدبي والثقافي، وأضاف بأن هذه النصوص يجب أن تذهب للمجلات الفصلية الأدبية، لكنه أشار إلى غياب المجلات المهتمة بنشر النص المسرحي.
جاء ذلك في أمسية بعنوان "النص المسرحي والصحف والقراء"، أقيمت ضمن فعاليات "أيام الشارقة المسرحية"، التي أقامتها هيئة الثقافة والإعلام بالشارقة في الفترة 17-27 مارس/آذار 2015.
وإلى جانب أبو لوز، شارك في الأمسية الكاتب المغربي الطاهر الطويل الذي يشغل منصب أمين عام المركز المغربي للثقافة.
بداية تحدث أبو لوز عن تاريخ نشر النص المسرحي مشيرا إلى أن "النص المسرحي المنشور في الصحف كان بمثابة مجد ذهبي، لسنوات طويلة، وخصوصاً في النصف الأول من القرن العشرين، ثم في ستينيات القرن الماضي، في توقيت لم تكن فيه السيادة لنشر الخبر الصحافي الثقافي، كما هو الوضع القائم الآن".
ورأى أبو لوز إن المؤسسات الصحافية تجاوزت في تلك الفترة حالة الاحتفاء بالنص المسرحي، إلى الاحتفاء بالرمز المسرحي ذاته، مشيراً إلى تقليد رسخته جريدة "الأهرام المصرية" وانتهجته بعض الصحف الكبرى، يتعلق بتخصيص مكاتب داخل مقراتها لكتاب مسرح مرموقين مثل توفيق الحكيم، وغيرهم من مبدعي النصوص الأدبية عموماً.
واستنتج أبو لوز من كل ذلك ما اعتبره حقيقة ماثلة، مضيفاً "يبدو لي أنه لم يعد هناك الآن مكان النص الأدبي في الصحيفة، بل في المجلات الفصلية الأدبية، ولا سيما المتخصصة منها بفن المسرح، لكن للأسف باستثناء وجود مجلة مرموقة متخصصة بالمسرح، فإن الساحة ، عربياً تشهد حالة غياب وجود مجلات مهتمة بنشر النص المسرحي".
وأضاف "المسرحي في عزلة جميلة، فسالم الحتاوي لم يرسل نصاً مسرحياً لصحيفة، وإسماعيل عبدالله يكتب ليعرض، لا لينشر، والكثير من المؤلفين الآن باتوا يخرجون نصوصهم، فيما يتعلق بالتجربة الإماراتية".
لكن أبو لوز شدد على ضرورة الاهتمام بنشر النص المسرحي، مضيفاً "عندما يقرأ القارئ المحترف النص المسرحين فهو يقوم بإخراجه وعرضه مسرحياً وفق مخيلته، وهذا فعل شديد الثراء للتفاعل الإبداعي".
في المقابل مالت ورقة المغربي الطاهر الطويل، إلى استدعاء سياق تاريخي لعلاقة النص المسرحي، بالنشر الصحافي، منفتحاً على موضوع الندوة بأسئلة استهلالية منها "ما درجة حضور النصوص المسرحية في الصحف، هل ثمة ندرة في التأليف المسرحي عربياً، إلى أي حد أثر تراجع فعل القراءة نفسه في حركة التأليف، وأخيراً ماذا عن البدائل؟"
وأحال الطويل إلى كتاب رآه جوهرياً في هذا الصدد لمؤلفه سيد علي إسماعيل، ضمن الإصدارات العربية والمترجمة، في الندوة الدولية الثالثة، التابعة لمشروع الهيئة العربية للمسرح، مشيراً إلى أن البداية وفق هذا الكتاب فيما يتعلق بأول النصوص العربية المنشورة، جاءت العام 1869 عبر كتاب "أرزة لبنان" ثم عام 1870، في مصر عبر كتاب ترجمه المصري محمد عثمان جلال لنصوص مسرحية إيطالية.
ورأى الطويل أن تراجع الاهتمام بنشر النصوص المسرحية في الصحف جاء ضمن مظنة أن مزيداً من أخبار المنوعات والحوادث قد تجذب القارئ بشكل أكبر، وتعوض تراجع المبيعات، قبل أن يتوقف طويلا عند مشروع "كتاب في صحيفة" وأثره الكبير في نشر النصوص الأدبية عموما، قبل توقفه.
واقترح الطويل نشر النصوص الفائزة في مسابقة جائزة الشارقة للتأليف المسرحي، وغيرها من مسابقات النصوص، من أجل التغلب على إشكالية ظاهرة ندرة نشر النص المسرحي عموما.