العدد 4954 - الأربعاء 30 مارس 2016م الموافق 21 جمادى الآخرة 1437هـ

الدكتورة مي سليمان العتيبي: أقولها بصراحة...لنحافظ على “التعددية”

على الرغم من التلقائية والبساطة في التحاور، تتضمن أفكارها وإجاباتها ومرئياتها أمور في غاية العمق والمضمون، فضيفة “إشراقة بيللا” لهذا العدد، الدكتورة مي سليمان العتيبي، يعرفها المقربون منها بأنها تتكلم بصراحة وبشكل مباشر ولها في ذلك مآرب! أول تلك المآرب هو صدق الحديث النابع من قناعات وإيمان بأن يضيف للمتلقي فائدة، وهي تنطلق في ذلك من تراكم تجربة وخبرة أكاديمية وعملية، بل ومن سيرة اجتماعية وعلاقات وتجارب تصر على أن تنقلها كخبرات خصوصًا لفئة الشباب.

في حوارنا مع الدكتورة مي العتيبي محطات ومنطلقات وجوانب غاية في الشفافية، وقد بدأنا الحوار بهذا السؤال: “من بين أهم الأفكار التي تدعمينها هي موضوع (الدماء الجديدة) للشباب في مواقع العمل، هل لديك قناعة بأن شباب البحرين قادرون فعليًا على القيادة الناجحة؟ وهل لديك تجربة خاصة؟”.

يتطلب الحديث حول هذه النقطة شرح جذور الفكرة، وتلك الجذور أساسها جذر واحد رئيس وهو قياس مدى (شغف) الشاب أو الشابة بمجال مهني بإمكانه أن يثبت نفسه فيه.. نعم، هي واحدة من الأفكار التي أؤمن بها وأطبقها في حياتي، وسألتني عن تجربة خاصة، ويسعدني أن أقول إن تلك التجربة في مدرسة بيان البحرين وكانت مذهلة، فالذين يمسكون زمام أمور الإدارة والعمل هم شبان وشابات بحرينيون وهنا أعتمد على نقطة أساسية كما أبلغتك، وهي أن يكون لدى الشباب شغف حقيقي وحب للعمل الذين يديرونه.

من الذات يخرج الإتقان

ذلك يعني أن الكادر الشغوف بعمله والمحب لكل تفاصيله سينجح؟

بالتأكيد، ولهذا أقول إن كل من يعمل معي من الشباب من الجنسين يلزم أن يكونوا محبين لعملهم، ولا يتعاملون معه كوظيفة، ذلك أن الذي ينجذب لعمله بحب وشغف سيقدم أفضل مستوى وسيخرج من ذاته أعلى قدر من الإبداع والإتقان، وبصراحة، لن تبدع كصحفي حين تبدأ صباحك بفكرة الذهاب إلى العمل وتناول الإفطار والقيام بالقدر الوظيفي والعودة إلى المنزل ثم انتظار الراتب في آخر الشهر! لكن حين تصحو بنشاط وفرح وإقبال على عمل تحبه ويملؤك الشغف به ستبدع وستنتج بشكل أفضل، وربما تكون صحفيًا مؤهلًا أكاديميًا لكن في داخلك شغف الرسام الفنان المبدع، فأنت ستجيد الرسم وستبدع فيه، والخلاصة، أن حب العمل بصدق في قرارة النفس هو مرتكز أساسي لنا جميعًا.

شباب يمتلك قدرات خلاقة

لكن واقع الحال المؤسف يا دكتورة مي أننا لا نجد الكثير من الشباب في المناصب القيادية، متى تتغير هذه الصورة؟

لدينا في مملكة البحرين، وفي قطاعات مختلفة، شباب بحرينيون قادرون على الإبداع والعطاء ومنهم من يسهر الليالي ويعمل بجد واجتهاد، وكل الذي نحتاجه ويحتاجونه هو (قائد العمل المتمكن في الوظيفة) والقادر على صنع قيادات، وهذا الأمر نفتقده! وربما هناك نماذج قيادية ممتازة في القطاعين الحكومي والخاص، وقد تظهر الصورة بوضوح في القيادات الإدارية العليا، لكن على مستوى الرؤساء والمهام القيادية فليس لدينا المستوى الإداري الابداعي الذي نطمح إليه ونتمناه بين صفوف الشباب،في كثير من المعاهد والمؤسسات الحكوميه خاصة، والأمر يحتاج إلى محاولات عديدة وإيمان بقدرات شريحة الشباب المؤهل الذي يمتلك القدرات الخلاقة.

الوطن وليس الطوائف

المقربون منك يقولون أن كلمة “الطائفية” في حد ذاتها تسبب لك حساسية بالغة؟

يا أخي (تنرفزني) كلمة (الطائفية) جداً.

كيف دكتورة وإلى أي حد؟

لأنني مقتنعة تمام الاقتناع ومؤمنة تمام الإيمان بأننا نبني (وطنًا)، وحين تقسم الوطن إلى طوائف وفئات فأنت تخسر عملًا كبيرًا، وحين يكون تركيزك وعملك وفق الطائفية والفئوية فأنت بذلك لا تنظر إلا إلى نفسك وتصبح (أنانيًا)، في حين عن نفسي شخصيًا، أنا أنظر بشمولية لكل بحريني مواطن بعنوان (الوطن) وليس الفئة أو الطائفة أو المذهب.

لكن توجد لدينا مع شديد الأسف مثل هذه النماذج الطائفية والفئوية؟

نعم ولذلك أقول بصيغة مباشرة أنني (أنقهر وتنرفزني الطائفية) ولا أقبلها لأننا نعمل كلنا مع بعضنا البعض كأبناء وطن وكأبناء بيت واحد مهما كانت الاختلافات الأيديولوجية والعقائدية بيننا، وإذا كنا سنتحدث عن بعض تلك النماذج، فاسمح لي أن أقول إن رؤساء العمل حين يكونون على مستوى من (ضعف الشخصية واهتزازها)، فإنهم يسمحون بظهور تلك الممارسات المرفوضة لأنهم يعتمدون على فكرة (فرق تسد)! وهذه لا يمكن أن تبني وطنًا.

والحل من وجهة نظرك دكتورة؟

دون شك، الحل يكمن في النظرة الوطنية الشمولية القائمة على رؤية استراتيجية مستندة على الحقوق والواجبات والإنتاج والعطاء للوطن الذي يجمعنا، فنحن قد نختلف في أمور كثيرة، لكن هل تتفق معي في أن أفضل شيء في مجتمع البحرين هو “التعددية” التي يجب أن نحافظ عليها ونستغلها لما يحقق المصلحة العليا للوطن، فالعمل وفق المنهج الطائفي هو عمل موجه توجيهًا أحادي المسار.. في العمل والإنتاج والشراكة، لا يجب أن يتسيد عنوان (الطوائف)، بل يتسيد عنوان احترام (الوطن والمواطن).

رسالة النهوض بالمرأة

متفق معك تمامًا دكتورة، وهذا يجعلني أنتقل إلى ملف قضايا المرأة وأبرز القضايا التي تشغل بالك ولديك رسالة فيها؟

أهم وأول وأكبر رسالة يجب أن تكون منطلقة نحو تحقيق ما ينهض بالمرأة في حياتها، وبودي أن أتحدث وبدون مجاملة هنا عن المجلس الأعلى للمرأة الذي يُبلى بلاءً حسنًا ويقوم بعمل مميز على هذا الصعيد، وعلى مدى 14 عامًا مضت منذ تأسيس المجلس، يمكن أن نلاحظ مدى التميز في الإحاطة والتعامل مع الكثير من قضايا المرأة في الوزارات والمؤسسات وغيرها، واستطاع المجلس أن يبني جسور التعاون مع كل جهة قادرة على أن تحقق مكاسب للمرأة، وربما كان العمل في بداية الانطلاق مشوبًا بعدم الاهتمام في التعامل مع شئون المرأة، لكن ذلك تغير كثيرًا.

استراتيجية بخبرات بحرينية

هل هذا التغير نتاج خطة عمل واضحة أم ماذا؟

نعم، عمل المجلس بتميز وأخذ حيزًا من الاهتمام في قطاعات الدولة المختلفة بل وأصبح يسعى بقوة لتحقيق مكتسبات للمرأة العاملة في إرساء تكافؤ الفرص والإنجازات، لكن أهم نقطة هي العمل المؤسسي المتكامل وهذه نقطة عجزت وتعجز عن تحقيقها الكثير من المؤسسات، ثم بأتي بعد العمل المؤسسي موضوع صياغة الاستراتيجية التي توضع بخبرات بحرينية وقد اطلعت على مدى السنوات الماضية على مثل هذه الخطوات الممتازة وأستطيع أن أصف تكاملها، ولكوني أحمل درجة الدكتوراه في بناء والاستراتيجيات، فيحق لي أن أبدي إعجابي بمستوى العمل، ومؤمنة تمامًا بأن النجاح في العمل استند على دور الرجل والمرأة في تحقيق التكامل المؤسسي بأيدٍ بحرينية.

ثلاثية كريمة

كلام جميل.. بودي دكتورة أن أقترب من منهجك في الحياة الأسرية والاجتماعية، فكيف لك أن تصفينها؟

لدي ارتباطات اجتماعية كثيرة جدًا كما تعلم، ولله الحمد، أبنائي كبروا وأصبحوا يتحملون المسئولية وهم و في مسار كما تمنيته لهم أن أراهم فيه، وأنا ممتثلة للحديث النبوي الشريف :”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، وأطبق هذه الثلاثية الكريمة فلدي الولد الصالح ولدي عملي وعلمي ولدي الصدقة الجارية لزوجي رحمه الله، يبقى الأهم في شئون الحياة العامة أن تنظم عملك وفق جدولك، فأسرتي وبيتي هما في المقام الأول، وأهتم كثيرًا بالمنزل وتنظيمه ونظافته وأسلوب المعيشة فيه فهذه الأمور كلها مهمة لنا وتجلب لنا السعادة، ونرجع إلى ما تحدثنا عنه أعلاه عن حب العمل، فمدرسة بيان البحرين حين فازت بالجائزة العالمية للتعليم في دبي للإبداع في تعليم اللغة الإنجليزية، سألوني :”هل أنت فرحانة بهذه الجائزة؟”، فأجبت بصراحة: “أنني مرتاحة جدًا لما وصلنا إليه لكن لابد من الاستمرار فطريق التطوير طويل، وهذا هو الدافع، الشغف في التطوير هو الدافع الذي يجعلك تنجح أكثر في مؤسستك”.

سيرة العظماء والمتميزين

السعادة بين دفة الأسرة والمنزل لا تعادلها سعادة بالطبع.. لكن، في أوقات فراغك، إلى أي مجال تميلين؟

السير.. كتب السيرة والسير للشخصيات والعظماء والمتميزين والمبدعين تضيف إليَّ الشيء الكثير.. استفيد من كلمة أو مقطع أو جملة، وأقرأ كثيرًا في كتب التاريخ، كما إنني أعشق المسرح كثيرًا ومن الجميل أن نرى اهتمام المجلس الأعلى للشباب والرياضة ووزارة الشباب والرياضة بقطاع المسرح المهم، وبالطبع، أحب كل مجال فيه تجدد وخلق وإبداع.

العدد 4954 - الأربعاء 30 مارس 2016م الموافق 21 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً