يروى في قصص التراث البريطاني، أن أحد التجار كان مسافراً مع خادمه في رحلة تجارة إلى مدينة بعيدة عن مدينته، وعندما توقف ليرتاح مع خادمه التفت الأخير إلى أن نعل الحصان وقد انفلت منها مسمار، وتحتاج إلى تصليح كي يتمكن من السير براحة وأمان، فلفت نظر التاجر إلى ضرورة تصليحها، فوعده أنه سيفعل عند أول محطة مقبلة.

وبسبب بُعد المسافة، تعب الحصان ولكن التاجر لم ينفذ وعده، بل كان يعد بأنه سيفعل عند المحطة التالية في كل مرة يذكّره الخادم بأهمية تصليح نعل الحصان الذي بات غير قادر على السير بشكل سليم.

وعندما قطعا ثلاثة أرباع المسافة اختل توازن الحصان وسقط فكسرت إحدى قوائمه، مما اضطر التاجر إلى حمل البضائع على ظهره وظهر خادمه والاتجاه إلى المدينة التي باتت أقرب لولا أن قطع طريقهما اللصوص وسرقا كل ما يملكانه، ليعود أدراجه إلى بيته بعد رحلةٍ مضنيةٍ وهو خالي الوفاض خسراناً. وعندما عاتبته زوجته ولامته على تسويفه قال لها: «كل الحق كان على المسمار» متجاهلاً أنه هو من كان السبب فيما وصل إليه.

من المهم أن يقوم كلٌّ منا بحل مشكلاته منذ أن يشعر بوجودها مادامت صغيرة وقابلة للاحتواء والحل؛ فكلما مر الوقت عليها ازدادت تعقيداً وحجماً حتى تصل في بعض الأحيان إلى وضع يستحيل معه حلها من غير خسائر فادحة.

بعض الأشخاص يهربون من مشكلاتهم حين لا يجدون لها حلاً في اللحظة التي طرأت بها، ولا يجدون أمامهم إلا الهروب باعتباره الحل الأسهل وقتئذٍ. يتعمدون عدم رؤيتها حتى وإن حاصرتهم، يغمضون أعينهم عن نتائجها وما ألحقته بهم أو بغيرهم من أذى. ويصمون آذانهم عن كل من يدعوهم لمواجهة مشكلاتهم، وما إن تلفّ شباكها عليهم بعد أن تكبر وتتفاقم، وتشلّ حركتهم ليكونوا أسرى لها، حتى يفكروا باستغراب كيف كبرت المشكلات إلى هذه الدرجة التي لم تكن تخطر على بالهم، متناسين أن بعض المشكلات تولّد أخرى كلما طال مكوثها من غير حل حتى تغرق أصحابها في بحرٍ لا نهاية له.

بعض الأشخاص يتعمدون التسويف في الأمور الصغيرة حتى يعتادونه، ويصير ملازماً لهم، يستسهلونه ويستخفون بنتائجه، فيسوّفون بعد ذلك فيما يطرأ عليهم من عظيم الأمور لتصبح حياتهم مليئةً بالتأجيل والتأخير وبالتالي بالمشكلات التي تتطلب وقتاً طويلاً لحلها، هذا إن وجدوا لها حلولاً.