احتفت جمعية نهضة فتاة البحرين بمقرها في المنامة أمس الأول الثلثاء (29 مارس/ آذار 2016) بعضو مجلس نواب الشعب التونسي حياة عمري التي تشارك في فعاليات مؤتمر المهندسين العرب، وخلال اللقاء تناولت عمري في حديثها تجربتها في خوض الانتخابات التشريعية آواخر 2014 بداية 2015، التي رأت بأنها تجربة لا تزال قصيرة بالنسبة للدورة الانتخابية التشريعية التي تستغرق خمس سنوات، ولكنها وجدتها تجربة ثرية خصوصاً وهي تمثل فئة الشباب، وقد دفعها طموحها واهتمامها بحكم مهنتها الإكاديمية واهتمامها بالبحث العلمي.
وقالت عمري إن مجال الاهتمام بالمناجم والفوسفات كان محتكراً من قبل الرجال وقد استطاعت من خلال الاختراعات التي قامت بها في مجال إنتاج السماد العضوي بتثمين الفضلات النباتية والحيوانية، وإزالة الفليور والكلور من الحامض الفسفوري المصنع بالطريقة الرطبة بآلية الامتصاص، وكذلك اختراع طريقة جديدة لمعالجة الحامض الفوسفوري من الهاليدات، لقد انكسر احتكار الرجال منذ العام 2006 في مجال العمل بالمناجم والفوسفات، وقد تركت المرأة التونسية بصمتها بطموحها ومساهمتها في البحث في هذا المجال، وتأتي أهميته للاقتصاد التونسي فهذه الاختراعات التي تعالج إشكاليات وتعطي حلولاً ووراء كل اختراع هناك ملايين من الدولارت للشركات الوطنية.
وأضافت أن «المرأة التونسية الشابة لابد أن يكون لها دور في صناعة القرار وفي التخطيط على المستوى الوطني وبالتالي لابد أن تكون ملمة بالتعليم العالي الذي يشكل البحث العلمي مجال اختصاصي العمود الفقري لذلك. إن الاستقلال الحقيقي لبلادنا هو أن نصنع فيها وننتج ونحقق الاكتفاء الذاتي ولابد من وجود تشريعات وقوانين في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي تشجع المبدعين من الشباب والشابات وترعى نتاجاتهم وإبداعاتهم، ومن هنا جاءت انطلاقتي ودخولي للمشاركة في العمل السياسي وعضويتي في البرلمان التونسي، خصوصاً وأن هناك الكثيرين ممن وجهو لي اللوم للتخلي عن العمل في مجال البحث العلمي والانخراط في العمل السياسي».
وتابعت «كما تعلمون، وتتابعون من تجربتنا الديمقراطية، أن لكل شخص حق الترشح والانتخاب، وبرأيي الشخصي هذا الأمر قد يشكل إشكالية بسبب دخول بعض النواب دون المستوى في البرلمان لافتقادهم القدرة على المتابعة والتحليل وصياغة التشريعات في البرلمان».
لماذا دخلت المجال السياسي؟
وتحدثت حياة عمري ذات الثلاثة والثلاثين عاماً، عن تجربة المرأة التونسية مشيرة إلى أن أول استفتاء حدث منذ استقلال تونس العام 1956، وأصدرت مجلة «الأحوال الشخصية» التي تعتبر متقدمة كونها تشمل على التشريعات والقوانين التي تحمي مكتسبات المرأة التونسية وحقوقها كما تتضمن العديد من النقاط المتطورة، وأضافت «لقد كنا متقدمين في الاشتغال عليها فلا تعدد زوجات في المدونة، وهناك تحديد لسن الزواج، وكذلك للمرأة حق الطلاق الذي يتم في المحكمة وليس بيد الرجل، أستطيع القول لقد حققنا المساواة بين المرأة والرجل منذ 60 عاماً مرت على إصدار المدونة، وتم ذلك بتشجيع من زعماء سياسيين أبرزهم الطاهر حداد المعروف بكتاباته وغيره فضلاً عن الرئيس الحبيب بورقيبة من موقع وجوده في السلطة بعد الاستقلال. ومن وقتها العام 1938 عينت أول وزيرة وكان لدينا أو أمرأة تقود الطائرة والمترو، لقد كانت المرأة التونسية ريادية وعلى مستوى متكافئ من حيث التعليم والعمل، وبرغم هذه المكتسبات التي تحققت بعد ثورة الياسمين، إلا أن مخلفات نظام المخلوع بن علي لا تزال تؤثر سلبياً في بعض النواحي، فقد كانت المرأة ولمدة 23 سنة تستغل كصورة للترويج لهذا الحكم عند تعينها في مستويات صنع القرار وإعداد المعينات في المناصب محدودة ومعايير التعين تتداخل فيها الولاء للحكم، ذلك برغم إثبات المرأة التونسية لقدراتها وكفاءاتها. ولهذا نجد أن أكثر المطالبات التي تركزت بعد الاستقلال وبعد الثورة بالنسبة للمرأة التونسية كانت تدور حول تمكينها للوصول إلى مواقع صنع القرار».
وبينت أن المرأة التونسية تتمتع بمساحة كبيرة من الحريات والمكتسبات، وتمثل الفتيات المتفوقات في الجامعات والمعاهد ما لايقل عن نسبة 60 في المئة، وقد تميزت الإضافة في دستور 2014 في باب الحقوق والحريات بنص يشير إلى حماية حقوق ومكتسبات المرأة التونسية، والعمل على تطويرها وحمايتها. كذلك تم تطوير قانون الانتخابات التشريعية بإضافة عبارة التناصف، والمقصود بها أن يكون للرجال وللنساء نسبة 50 في المئة إلى 50 في المئة من فرص الترشح والتمثيل وأن تلتزم بهذا الإجراء جميع الأحزاب والهيئات والمنظمات النقابية المعنية بالعملية الانتخابية، ومن لم يطبق القانون يعاقب بإسقاط قائمته من لوائح المشاركة، وتضيف د. حياة عمراوي، نحن نطمح إلى العدل الحقيقي، خصوصاً وقد كان المجال السياسي محتكراً من الزعيم في النظام السابق وفي حزبه الوحيد، ولم تكن هناك حرية سياسية وتعدد أحزاب تؤكد على الدور السياسي للمرأة.
وأوضحت «لدينا في البرلمان التونسي كوتا نسائية نسبتها (33 في المئة) نساء، كما لدينا أيضاً نسبة (18 في المئة) شباب وأغلبهن شابات، وهذا ما يفسح المجال للمرأة التونسية الشابة أن تساهم في صناعة القرار وتحديد الاستراتيجية الوطنية على المستوى السياسي والاقتصادي والتنموي، وهناك توجه كبير للعمل على فئة الشباب عامة وتشجيعهم للانخراط في العمل الوطني خصوصاً، وهناك تظاهرات تدفع باتجاه أن يكون هناك حوار وطني مع الشباب، خصوصاً بعد تمدد ظاهرة الإرهاب وانتشاره واستقطاب فئات شبابية من قبل المنظمات الإرهابية».
وقالت إن المرأة التونسية ساهمت في صياغة الدستور بعد الثورة، فالفصل (46) منه الذي يشير إلى وضع باب الحقوق والحريات ساهمت في وضعة إمرأة، كذلك اللجان التشريعية التي اشتغلت على أهم خمسة أبواب رئيسية في الدستور، كما ساهمت النساء التونسيات بشكل كبير وقامت برئاسة هذه اللجان، وعلى الرغم من اختلاف المشارب السياسية بين النساء إلا أن هناك توحد وإجماع من أجل دعم مكتساب النساء وحقوقهن السياسية.
وتابعت «لقد عانينا كثيراً من تشويه طبيعة الحراك السياسي ومشاركة النساء من قبل الإعلام الذي كان يرسل رسائل خاطئة في الخلط بين السياسي وبين الإسلام، ولهذا بالتأكيد تأثير لبقايا منظومة الفساد التي ستأخذ وقتاً طويلاً للقطع مع الفساد الذي كان منتشراً في جميع الوزارات ولهذا تم تأسيس وزارة جديدة تعنى بمكافحة الفساد المتراكم منذ زمن الرئيس المخلوع، كما تم مؤخراً المصادقة على المجلس الأعلى للقضاء الذي يتمتع باستقلالية تامة وهذا يعتبر بحق تأسيساً قوياً بما كان عليه الوضع سابقاً».
ودارت حوارات بينها وبين عضوات الجمعية حيث تحدثن عن تأسيس النهضة كأول جمعية نسائية في البحرين والخليج العربي، وشرحن طبيعة دورها في المجتمع وأنشطتها وما تقوم به على الصعيد الحقوقي والخيري، وتمنين أن يتم التعاون معها في المستقبل، وفي ختام اللقاء عبرت حياة عمري عن سعادتها بالتعرف على المجتمع البحريني الذي وجدت فيه التحضر والانفتاح وتمتع نسائه بالحريات الشخصية وبمستويات تعليمية ومهنية، وأضافت: «كانت الصورة عندي وأنا التي أزور البحرين والخليج العربي لأول مرة ملتبسة بسبب ما كان يعكسه الإعلام، بيد أنني تعرفت عن قرب على طيبة وبساطة أهل هذا البلد الذي أتمنى له النجاح والتقدم دائماً».
العدد 4954 - الأربعاء 30 مارس 2016م الموافق 21 جمادى الآخرة 1437هـ
انا فخور جدا بالتجربة التونسية