كشف مسئول جناح هيئة الشارقة للكتاب، فاضل حسين أحمد، عن حزمة مشاريع إماراتية، تهيئ الشارقة لاحتضان صناعة متكاملة للنشر.
وفي حواره مع «الوسط»، من مقر جناح الهيئة في معرض البحرين الدولي للكتاب، فصل أحمد حديثه، فقال «نعتزم إقامة المنطقة الحرة للكتاب على مساحة 100 ألف متر مربع، وهي خاصة بالناشرين، بحيث يمكن لأي ناشر استئجار مساحة في المنطقة لإنشاء دار نشر والمخازن التابعة لها، ومن خلال مركز الشارقة يمكنه تصدير الكتب لأية معارض في الوطن العربي وبسهولة».
وأضاف «كذلك، نسعى مستقبلاً لإنشاء شركة توزيع الكتاب، لتعمل على ذلك على مستوى الوطن العربي وعلى مستوى العالم، فالناشر العربي يعاني ولولا المعارض العربية لأغلقت أعداد من دور النشر في ظل تحديات الدعم والسيولة».
حيوية الشارقة الثقافية، أرجعها أحمد لـ «حاكمها المثقف»، وعقب «البداية تتركز في رأس الهرم، فنحن في الشارقة نعتبر أنفسنا محظوظين بالحاكم الذي يمتلك دار نشر خاصة بمنشورات القاسمي، حتى تجاوزت أعداد الإصدارات، 60 إصداراً خاصاً به».
وامتدح مسئول جناح هيئة الشارقة للكتاب، القارئ البحريني الذي اعتبره الأعلى ثقافةً على المستوى الخليجي، جنباً إلى جنب القارئ الكويتي، وقال «القارئ البحريني كما رأيناه في المعرض، مثقف جداً، ويتصفح الكتاب قبل اقتنائه، أما الاهتمامات فتتنوع ما بين المجال التاريخي والفكري»، منتقداً في هذا الصدد الرواية التي وصفها بـ «البلاء الكبير، بسبب السطحية التي تغلب عليها».
وفيما يلي نص الحوار:
سنبدأ لقاءنا، بالسؤال عن تقييمكم لمستوى التنظيم في معرض البحرين الدولي للمعارض.
- مستوى التنظيم ممتاز ويشمل ذلك مستوى الخدمات المقدمة، وقد عزز من ذلك الاختيار الموفق للمكان والتوزيع الجيد لأجنحة العارضين في أروقة المعرض، غير أننا نلفت الانتباه لما وصل إلينا من شكاوى عدد من الزوار بشأن مشكلة مواقف السيارات.
على رغم ذلك، فقد وقفنا على الإقبال المتنامي من قبل الزوار على المعرض، بدءاً من العدد البسيط الذي تواجد في يوم الافتتاح ليتضاعف ويفاجئنا في الأيام التالية، الأمر الذي ترك انطباعات جيدة لدى دور النشر.
هل لك أن تحدثنا عن طبيعة مشاركتكم في المعرض؟ ما الذي يضمه جناح الهيئة؟
- نحرص على المشاركة في المعارض التي تقام في الوطن العربي، وذلك من أجل نقل التجربة الثقافية في الإمارات، وفي الشارقة بشكل خاص، ومعنى اهتمام الحاكم بالثقافة، عبر إبراز الوجه الثقافي لإمارة الشارقة خليجياً وعربياً وعالمياً، فمن المكسيك لليابان للصين، نجوب مختلف دول العالم للمشاركة في المعارض الدولية ولتعريفهم بالثقافة في الإمارات وفي الوطن العربي بشكل عام.
صحيح أننا نبذل الكثير على ذلك، لكننا نعي أننا أمام استثمار له مردود كبير، فنحن هنا مثلاً في مملكة البحرين لنعرض منشورات صاحب السمو حاكم الشارقة، والتعريف بداره ومنتجاتها الثقافية، إلى جانب الترويج لمعرض الشارقة الدولي للكتاب عبر الالتقاء بالناشرين، بمن فيهم الناشرين البحرينيين الذين نعاني من قلة أعدادهم، حتى يمكن القول إن الأعداد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
بدورنا نحاول استقطاب دور النشر البحرينية، وتقديم التسهيلات لهم في حال رغبوا في المشاركة في معرض الشارقة، حرصاً منا على التبادل الثقافي بيننا كشعوب خليجية.
كذلك، أشير هنا لأهمية الترويج لمهرجان الشارقة القرائي، والذي ينطلق في الفترة من 20 أبريل/ نيسان حتى 30 مايو/ أيار 2016، وهو كمهرجان متخصص في ثقافة الطفل، متضمناً ذلك جائزة الطفل التي تبلغ قيمتها مليون درهم توزع على 4 دور نشر، بما يسهم في دعم الناشر العربي، ويصاحب ذلك معرض لرسومات الطفل، ونحن هنا نوجه الدعوة للإخوة البحرينيين، من يمتلك فكرة مبتكرة في الإخراج، فبالإمكان التعاون المشترك في ظل سعينا للتنوع ودعم الأفكار الحديثة المساهمة في الترويج للمعرض، ولا يقتصر ذلك على الإمارات بل يمتد لجميع دول الخليج.
وعبر مشاركتكم، كيف رأيتم القارئ البحريني، تحديداً ما يتعلق بحجم تفاعله ثقافياً واهتمامه بالكتاب؟
- بكل موضوعية، أشير هنا إلى أن المثقف البحريني والكويتي قد يكونان الأعلى ثقافةً على مستوى دول الخليج العربي، ويمتاز القارئ البحريني بالسؤال عن كل صغيرة وكبيرة لحظة رغبته في اقتناء الكتاب، إلى جانب حرصه على الاختيار بدقة وبوضوح لا عشوائية، أما اهتماماته فيميل أحياناً لكتب قد لا تتوفر هنا أو في المعرض، بما في ذلك الكتب القديمة التي تتحدث عن حقب زمنية معينة في الإمارات.
نعمل عبر الهيئة للترويج لمنشورات صاحب السمو حاكم الشارقة، وهي تلاقي إقبالاً جيداً، كذلك لدينا كتاب الطفل الصادر عن دار نشر إماراتية، والتي تعنى بكتاب الطفل وبالقصة المدروسة.
القارئ البحريني كما رأيناه في المعرض، مثقف جداً، ويتصفح الكتاب قبل اقتنائه، أما الاهتمامات فتتنوع ما بين المجال التاريخي والفكري.
نقول ذلك، بغض النظر عن الرواية التي تحولت لبلاء كبير لدينا في المعارض، فالغالبية منها موجه للأعمار من 16 حتى 18 سنة، وهي الأعمار المهمة جداً لتربية النشء، وللأسف فإن الروايات التي تغلب عليها السطحية لا يرتجى منها أية فائدة، عدا القليل منها.
ما الحل لمواجهة ذلك؟
- يتوجب على القارئ اقتناء الجيد من المعروض، ولاحظنا في بعض المعارض من بينها المعرض هنا في البحرين، حرص الزائر على معرفة محتوى الكتاب قبل اقتنائه، ولا يقدم على شرائه إلا بعد التأكد من تناغمه مع اهتماماته.
لكن ألا ترى أن مجالات أخرى بدأت تفرض حضورها جنباً إلى جنب الروايات؟
- قد يكون ذلك صحيحاً، لكني أعني دور النشر المهتمة بإصدار الروايات، تضاعفت أعدادها خلال السنوات الثلاث الفائتة، فمن 4 دور قفز العدد ليبلغ 16 داراً في عدد من الدول الخليجية، نزولاً عند رغبة قاعدة (الجمهور عاوز كده)، ويتركز اهتمام الروايات هذه على فترات المراهقة.
كذلك، فإن الحل يتوقف على الكاتب الذي يتوجب عليه امتلاك الضمير لحظة الكتابة، وامتلاك الحس الوطني والثقافي وحس بناء جيل منتج بدلاً من الجيل الفاسد الذي تقتصر قراءته على روايات الحب والغزل.
سننتقل للسؤال عن التجربة الإماراتية على الصعيد الثقافي، وسنبدأ بالسؤال عن المعنى من اهتمامكم بالمسميات غير التقليدية؟
- بالفعل، فقد بدأنا عملنا من المسميات، وبالنسبة لهيئة الشارقة للكتاب فقد أنشئت بمرسوم أميري في ديسمبر/ كانون الأول 2014، وقياساً بذلك تعتبر الهيئة حديثة التأسيس.
أما معرض الكتاب فينظم من قبل دار الثقافة والإعلام، حتى ارتأى الحاكم كمهتم بالكتاب والثقافة، وهو أيضاً كاتب، تأسيس هيئة خاصة تهتم بالناشرين العرب بشكل عام، ودعمهم، وخاصةً بعد الاضطرابات السياسية التي عصفت ببعض دول المنطقة والدمار الذي حل بها، مما أدى لصعوبة المشاركات تحديداً من بلاد الشام في المعارض الخليجية، فجاءته فكرة إنشاء هيئة الشارقة للكتاب، والتي تعتني بتنظيم معرض الشارقة الدولي للكتاب، وتعتني كذلك بالمكتبات في إمارة الشارقة، إلى جانب مشاريع أخرى لم يفصح عنها لحد الآن، منها المنطقة الحرة للكتاب والتي هي عبارة عن منطقة للناشرين، تتيح لأي ناشر استئجار مساحة في المنطقة لإنشاء دار نشر والمخازن التابعة لها، ومن خلال مركز الشارقة يمكنه تصدير الكتب لأية معارض في الوطن العربي وبسهولة، ويعزز من ذلك موقع الإمارة الاستراتيجي حيث استقبال السفن بسهولة ما يعني ضريبة أقل، علاوة على المستودع الذي قد يهيئ الفرصة للناشر للمشاريع المستقبلية بالاستعانة بالمطبعة العالمية بمجرد إرسال المادة إلكترونياً تتم طباعتها بحسب المواصفات المتفق عليها.
ما هو السر وراء هذه الحيوية الإماراتية والتي هيئت لها الفرصة لتخطي الدول المجاورة في الشأن الثقافي؟
- البداية تتركز في رأس الهرم، فنحن في الشارقة نعتبر أنفسنا محظوظين بالحاكم الذي يمتلك دار نشر خاصة بمنشورات القاسمي، حتى تجاوزت أعداد الإصدارات، 60 إصداراً خاصاً به.
إذاً نحن نتحدث عن حاكم مثقف.
- نعم، ولك أن تتخيل تأثيرات زيارة الحاكم المباشرة للمعرض، تحديداً في ليلة الافتتاح حيث الناشرون مشغولون بتجهيز أجنحتهم للعرض، بما يضعك كجهة منظمة تحت الضغط الذي يدفعك لبذل المزيد، وبالمناسبة فقد اعتدنا على ذلك من قبل سموه طوال الـ 30 سنة الماضية، حتى تحولت المسألة لعادة لديه من أجل الاطمئنان المباشر على العملية التنظيمية للمعرض، فيأخذ جولة في المعرض حتى قبل افتتاحه غير مكترث للمكان الذي لم يهيأ بعد لاستقبال الزوار، بما في ذلك الكراتين المتناثرة هنا وهناك.
وفي جولته التفقدية، يحرص سموه على الالتقاء بالعارضين للترحيب بهم والتعرف على احتياجاتهم والمشاكل التي قد تواجههم، والعمل على حلحلتها بالتعاون معهم.
عطفاً على كلامكم، يتضح أن لدى هيئة الشارقة للكتاب، الكثير لتفعله.
- لدى الهيئة مشاريع مستقبلية، وبمجرد الانتهاء من المبنى الخاص بنا والذي سيوفر مساحات تصل إلى 100 ألف متر مربع، ستحمل عنوان «المنطقة الحرة»، وستضم إقامة خاصة للناشرين وتسهيل عملية النشر، بما في ذلك الطباعة والتخزين، إلى جانب العرض داخل الإمارات وخارجها في ظل سهولة الشحن والتخليص.
هذه الرؤية الإماراتية الواضحة، ماذا تستهدف؟ إلى أين تريدون الوصول؟
- أولاً نحن لدينا الحاكم المهتم بالثقافة، بوصفها مهمة كبيرة، منطلقاً سموه في ذلك من سعيه كحاكم لإمارة الشارقة، لبناء العقول، في الوقت الذي تتخصص فيه بقية إمارات الدولة في مجالات أخرى، فدبي تتخصص تجارياً، وأبوظبي تتخصص نفطياً وتجارياً، فيما تتجه إمارة الشارقة لتصبح إمارة للثقافة، يدعم ذلك وجود الجامعة القاسمية، جامعة الشارقة، والجامعة الأميركية إلى جانب الجامعات الخاصة التي تنتشر في مدينة علمية خاصة بها تضم حالياً 6 جامعات، عدا المعاهد والكليات.
وهل ترى إمارة الشارقة جدوى لهذا التوجه الثقافي؟ هل تتلمس الإمارة نتائج لكل هذا العمل والبذل؟
- بالطبع، فالحاكم يتلمس ذلك عبر لقاءاته مع الدفعات من خريجي جامعة الشارقة التي يتخرج منها نحو 600 شخص سنوياً، أما الجامعة الأميركية فتحظى بتوافد الطالب الخليجي والعربي عليها، ما أدى لتغذية المجتمع بالخريجين في مختلف المجالات، والعمل كرافد للمؤسسات عبر كل ذلك، ما يعني الوصول لعملية تنمية متكاملة.
نحن أمام صناعة متكاملة للنشر؟
- نعم، وفي المستقبل القريب نحن نعمل على المزيد من المشاريع المخصصة للناشرين بشكل عام.
الواضح أن الناشرين، مدللون لديكم في الشارقة.
- الحاكم، وهو ناشر أيضاً، حريص على تحسس احتياجات الناشرين، وهو على دراية تامة بها، بفضل لقاءاته المباشرة والمستمرة بهم في المعارض.
العدد 4952 - الإثنين 28 مارس 2016م الموافق 19 جمادى الآخرة 1437هـ