أطفالنا والبذخ في الحفلات: تعمل الحضارة الحديثة على الاهتمام الشديد بالأطفال وغمرهم بكل وسائل اللهو واللعب، والصحة بالتحصينات ضد أمراض الطفولة، والتي تم تقريباً القضاء عليها والعناية النفسية، وكيفية التخاطب معهم، وإيقاف ضرب الأطفال في المدارس ...إلخ.
إن كل هذا جيدٌ وجميلٌ أن نتمكن من الاعتناء بأطفالنا وأحبائنا؛ لكن دعوني آخذكم إلى الأشياء المستجدة في مجتمعاتنا الخليجية تحديداً، حيث توافر المال النفطي، وعند طبقة معينة، وقد يستدين البعض من ذوي الدخل المتوسط لظنهم الخاطئ بأنه واجبٌ لإسعاد اطفالهم كما يسمعون من الآخرين . حيث تم استحداث عادات وسلوك غريب وعجيب من اللبس ووسائل التسلية، مثل المبالغة في طريقة لباسهم (المستورد) والغالي الثمن، والاستهلاكي بحيث أصبحوا يرتدون ازياء تشبه الكبار بشكلٍ سلبتهم براءة تلك الطفولة، وعلى سبيل المثال وأنت ترى الطفلة الصغيرة وهي غير قادرة على الركض أو الحركة بسبب ضيق فستانها، وقد يعوقها وتقع أرضاً بسببه، وتغيير تلك الموضة في المواسم للمزيد من الاستهلاك المحموم، كما تنافست الصالات المزينة بالبالونات المميزة والألعاب الغريبة والتي تقيم حفلات أعياد الميلاد والهدايا وكأنها (صالات الزواج) وأنواع الكيكات الغريبة الشكل، ودخلت العائلات في منافسة اختيار الأكبر والأفخم، مع ظهور الصالونات المتخصصة لتجميل وتصفيف الشعر إلى حد عمل المانيكير والباديكير لتلك الأيادي والاقدام الصغيرة ، شيء لا يُصدق، وأنت ترى طفلة تركب عربات الأطفال وفي المراجيح وهي بكامل أناقتها ومكياجها والذي صُرفَ عليه الشيء الفلاني، وهي لا تعي ما الذي يفعلونه لها أو بها، وإضاعة كل ذلك الجهد دون تقدير من أحد ولا حتى من الطفلة ذاتها، والذي تعتبره نوعاً من الألعاب المضافة لجدولة ألعابها الكثيرة، لقد أضاعت هذه الحضارة براءة الأطفال تماماً، وهذا أراه في بلادنا ولا أراه في الغرب، الذين يصرفون كل فلس للتنمية الذاتية والبدنية والعقلية لأطفالهم.
لقد انتشرت الطرق التافهة من التسلية للصغار والتي لا تُثمر سوى الانفلات للطفولة في التسلية المادية وغير المُنتجة، والتي إنما تُزيد بالتالي من عدوانيتهم وعدم رضاهم، والتنافس على أشياء لا تُنضج الروح ولا الجسد ولا العقل لهؤلاء الأبرياء، والذين ابتلوا بآباءٍ وأمهاتٍ لا يعرفون سوى اللهاث وراء المصدر الاستهلاكي التافه والمستورد من دكاكين التفاهات، في مجتمعاتنا المغلوبة على أمرها في الثقافة المحدودة، والتي بعثها لنا المتسلقون بشتى الطُرق لنهب ثرواتنا، يقنعون بها بُسطاء العقول للعب على عواطف الأمومة المتدفقة والتي شغلهم بها أولئك بأنها هي الوسيلة للاهتمام بالطفولة، وأنا إذ لا أعارض الاحتفالات التي تعطي اهتماماً خاصّاً لهم؛ لكنني لا أتفق مع ذلك البذخ الذي لا تفهمه العقول الصغيرة وكل ما يتعلمونه منها هو التبذير والسفاهة في وجود أشياء بالكاد تُفرحهم، وكلما كثرت تناقصت بهجتهم وإزدادوا استياءً وبؤساً، حيث إنها لا تجلب السعادة الحقيقية لقلوبهم الغضة، في الوقت الذي يتحتم توجيه هؤلاء الأبرياء إلى الاهتمام بالقراءة والموسيقى والفنون والرياضة التي تُغني الروح، وتُدخل البهجة وأن تُصرف هذه الأموال لتعلم المهارات وإتقانها، كما يفعل الغربيون.
وإنني أشجع بناء وإِنشاء الصالات الخاصة لمثل هذه الاهتمامات عوضاً ويا حبذا لو تقوم الدولة بنشر مثل هذه المعاهد للصغار، أو يتعاون مالكو الثروات معهم لفتح المجال للمشاركة عوضاً عن المال الضائع، هذا من ناحية والشيء المهم الآخر الذي اقترحه هو إيصال بعض من مشاكل العالم إليهم وحفزهم ونشر الوعي لما يدور من مشاكل، وبغرس حب الآخرين والشعور بهم ومساندتهم أينما كانوا، وبأن يتبرعوا بأموال بعض تلك الحفلات للقضايا الانسانية من المعوزين ممن ينامون دون عشاء، سواء في بلادنا أو اللاجئين من الحروب في سورية والعراق واليمن والسودان وغيرها...!
والمساهمة في الإدراك النفسي لمساعدة من يعانون الفاقة والتهجير والجوع، سيضيف الكثير من السعادة وتحمل المسئولية واشراكهم في الحياة العامة من حولهم،ولتخدم الأطفال في مستقبلهم، وتجعلهم أعضاء صالحين لأهاليهم وللمجتمع، وأكثر فاعليه والتي ستمكنهم من التعرف على القيمة الحقيقية للحياة والمال، وكيفية صرفه في الأماكن الصحيحة ودون تبذير والتي ستتجاوز حتماً تلك التفاهات المنتشره حاليّاً.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4950 - السبت 26 مارس 2016م الموافق 17 جمادى الآخرة 1437هـ
يا ريت يتم توزيع هذة المقاله على الأمهات شخصيا ...عل و عسى ينتبهن أو يتعظن!
كلام جميل الرجاء تسليط الضؤ على استغلال الاطفال فى وسائل التواصل وعرضهم كسلع للتكسب من ورائهم وما ينتج عنه من اثار مدمره نفسيا ومااكثر هذه الحسابات وخدي لفه فى الاستغرام وسوف ترين العجب