مهما يكن من أمر لا يمكن تبرير النكوص أو التراجع في مسيرة التطور الإنساني في منح المزيد من الحريات العامة والشخصية حتى وإن كانت الظروف الداخلية أو الدولية تنحى بمثل هذا الإتجاه. وكما هو شائع فإن حل تعقيدات النهج الديمقراطي هو بتطبيق وترسيخ المزيد من الديمقراطية وليس العكس.
ما نشهده الآن من انفلات أمني وظهور حركات متطرفة منبوذة ومدانة من جميع دول العالم، لم يكن إلا نتيجة عقود من غياب الحريات في عالمنا العربي والإسلامي، وفرض واقع مرير على الشعوب التي لم يكن لها إلا الإستكانة للظلم والقهر والاستبداد. فحتى الآن لا يزال الآلاف من أمثال محمد البوعزيزي يتلقون الصفعات والإهانات ولأتفه الأمور.
الأسبوع الماضي شاهدت مشهداً صادماً على «اليوتيوب» يلخص واقعنا الحالي كشعوبٍ يُراد لها أن تتحمّل الذل والمهانة. كان هذا المشهد لأحد الضباط في دولة آسيوية يمر في أحد الأسواق الفقيرة وخلفه عددٌ من الحراس الشخصيين الذين يحملون الرشاشات والمسدسات لحمايته من أي ردة فعل يمكن أن يقوم بها من يصفعهم ويرمي بضائعهم بحذائه وكأنه إلهٌ من آلهة الإغريق القدماء.
لم يكن هذا الإله المتوّج بالغرور اللامتناهي والجبروت الطاغي، غير عجوزٍ ضعيف البنية، لا يمكنه تحمل لكمة واحدة من أيٍّ ممن قام بإهانتهم أمام جميع الباعة في السوق المكتظ بالفقراء، ولكنه بفضل ما يحمله من نجومٍ على كتفيه وما يمثله من سلطة، كان يصفع من يشاء ويرمي بضاعة من يشاء في الطريق، ويصفح عمّن يشاء حتى وأنه يجامل من يشاء ويحتضنه. لم يكن إلا إلهاً يمشي على الأرض.
في دولٍ يُمارس فيها هذا الإنحطاط الإنساني لا يمكن إلا أن تولد ردة فعل معاكسة.
إن جذور التطرف والقتل البشع وتكفير الآخرين لا يقتصر فقط على الفهم الخاطئ للإسلام، وإنّما هنالك أسباب معاشة على أرض الواقع تغذّي هذه النعرات المتطرفة وتدفع إليها دفعاً، ولذلك لا يمكن القضاء على ظاهرة التطرف بشكل كامل ما لم يتم القضاء على الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى انتشار هذه الظاهرة من الأساس.
ما نذكره الآن ليس تبريراً لممارسة العنف والقتل، ولكنه محاولةٌ لفهم فكر من يتم تجنيدهم، وسر تقبلهم للأفكار التكفيرية المتطرفة، وخصوصاً مع غياب الوعي السياسي السليم.
إن أكثر من يحملون الأفكار المتطرفة ينتمون بالأساس إلى دولٍ لا يُراعى فيها احترام حقوق الإنسان، وتفتقر إلى القيم الديمقراطية والعدالة الإجتماعية والمساواة.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 4950 - السبت 26 مارس 2016م الموافق 17 جمادى الآخرة 1437هـ
الحل للدمقراطيه هى تطبيق شرع الله ويه المعاملة ويه الشعب ولن يصلح الشعب اله شرع الله وليس هوى النفس الله ياخد الحق المنهوووووب وشكرا جميل
السبب عرفته الدول الأوروبية لكن لديهم مشكلة وهي مقاومة الطمع، فكيف يستطيع مقاومة اغراء المال فين يعرفون ان مصدر هذا المال هو من دول تصدّر وهي مصدر الارهاب
أختلف معك:
بل السبب الرئيسي هو انتشار الفكر المتخلّف والضالّ الذي لا يرى لباقي البشر ممن يختلفون معه دينيا او مذهبيا حقّ الحياة وحق العيش.
الديمقراطية سبب من اسباب تفشي الثورات والمطالبات بالحقوق لكن القتل والتدمير والتفجيرات وقطع الرؤوس واستباحة المحرّمات والمقدسات كلها منبعها فكر واحد العالم الآن يتحدث عنه لكنه لا زال لا يملك الشجاعة للإشارة بوضوح وبكل قوّة وحزم وحتى ذلك الحين سيظل العالم في متاهة العنف