هو التوتر الذي يحدث لنا نتيجة تصرفات شخص آخر، وقد يحدث لنا كنتيجة لتلقي الأفكار التي تداهمنا نتيجة تصرفات الآخرين، وينتقل التوتر الثانوي في بيئة المنزل في داخل العائلة من الآباء إلى الأبناء بشكل تلقائي نتيجة لما يبذلونه من جهد وطاقة في تربية أبنائهم، وقد يحدث في بيئة العمل مع الزملاء نتيجة تصرفات سلبية أو متوترة من أحدهم حيث ينعكس سلباً على أداء البقية.
قد لا يدرك ولا يعي من يصدر منه التوتر والذي بدوره يؤثر على الآخرين ويسبب لهم توتراً ثانوياً، لأن التصرف وحساسيته قد يختلف من شخص لآخر مثلما يحدث مع التلميحات غير اللفظية على سبيل المثال تغير نبرة الصوت أثناء توجيه الكلام، أو ارتفاع حدة الصوت، أو اختيار طبيعة اللغة، أو وضعية الجسد مع حركة أطراف الجسد ويطلق عليها «لغة الجسد».
إن التوتر في حد ذاته حالة معدية حيث ينتقل وبسرعة جداً من الأشخاص المتوترين إلى الأشخاص العاديين وذلك من خلال إشارات لا إرادية ومن دون وعي أو إدراك بحيث يؤدي لارتفاع منسوب التوتر لديهم، وأثبتت الدراسات العلمية على جهاز المخ والأعصاب أن الإحساس بالألم لدينا عند مشاهدة آلام الآخرين سببه تحفيز المراكز العقلية لدينا وهذا يفسر سبب التعاطف مع الآخرين في آلامهم ومصائبهم التي يعانون منها، ولكن لهذا التعاطف حدوداً، حيث تتحول إلى توتر وقلق شديد في حال تجاوزت حدودها الطبيعية لدينا مما تسبب تأثيراً سلبياً علينا.
تأثيرات التوتر الثانوي على صحة الإنسان لها عدة وجوه نذكر منها على سبيل المثال، سوء التنظيم والنسيان والإهمال، اللجوء للعزلة الاجتماعية، الشعور بالإجهاد والإعياء من دون وجود سبب عضوي لذلك، الاستياء والشعور بالضعف في مواجهة المواقف الروتينية في الحياة اليومية، الانفجار الداخلي والغضب الشديد والسريع حتى لبعض المواقف الصغيرة، الأرق والقلق وأمراض القلب والآلام المزمنة في الرأس والعضلات.
هناك استراتيجيات وتطبيقات عديدة من أجل السيطرة على التوتر الثانوي لتفادي التأثيرات الصحية علينا، أولاً: أن نتوقف لبرهة ونأخذ نفساً عميقاً ونفكر في هذا الموضوع بهدف الوعي لدينا للتنبه له وأخذ الاحتياطات من الوقوع فيه والبدء بتعلم طرق الوقاية منه. ثانياً: البدء في اتباع العادات الصحية من أجل المحافظة على طاقتنا الداخلية والبقاء في هدوء وسلام داخلي ويمكن ممارسة نظام استقطاع خمس دقائق من كل ساعة عمل للاسترخاء والمشي للابتعاد عن بيئة العمل وممارسة التأمل القصير لمدة دقائق خلال اليوم والتعامل مع الأمور بروح المرح والفكاهة.
ثالثاً: اتباع تقنيات السيطرة على التوتر وتشمل تطبيق تقنية التنفس العميق والإيمان بالطاقة الإيجابية والابتعاد عن الأفكار والطاقة السلبية. رابعاً: تحسين قدرات التواصل مع الآخرين ومحاولة التعود على تجاهل صغائر الأمور وعدم تعظيمها وتمريرها بسرعة، ومحاولة التركيز على الأفكار الإيجابية وممارسة تقديم الشكر والامتنان في كل صباح. خامساً: محاولة بذل جهد من أجل التعرف جيداً على الأشخاص القريبين من دائرتك سواء في البيت أم في العمل أم الأصدقاء المقربين بهدف معرفة علامات التوتر لديهم وتشخيص تغير مزاجهم وتأثيره عليك، وهذا قد يلعب دوراً وقائياً، بالإضافة إلى مساعدتهم للسيطرة على توترهم هم.
هل يمكننا تفادي الضرر الناتج من التوتر الثانوي؟ حتماً لا يوجد علاج ناجع وجذري وسريع للسيطرة عليه، ولكن، نستطيع أن نتعايش مع الأشخاص المقربين في البيت وفي العمل ومع الأصدقاء وذلك عن طريق الوقاية والاستعداد لتفادي أضرار التوتر الثانوي على نفسياتنا وصحتنا وذالك باتباع نمط حياة صحي بممارسة الرياضة بشكل روتيني وتعلم وتطبيق تقنيات تهدئة الجسد بممارسة اليوغا والتأمل، وتناول المشروبات العشبية بكل أنواعها وخاصة مادة الثيانين المتوافرة في الشاي الأخضر، ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر المثل الإيجابية وتكرار الشكر والثناء بشكل يومي، هذا إلى جانب الوعي التام لمثل هذا النوع من التوتر لتفادي أضراره على المدى القصير والبعيد.
إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"العدد 4949 - الجمعة 25 مارس 2016م الموافق 16 جمادى الآخرة 1437هـ
شكرا لك دكتور نبيل على هذا الموضوع المميز ..
تحياتي / امينة الفردان
امينة الفردان
مقال رائع شكرا دكتور