العدد 4947 - الأربعاء 23 مارس 2016م الموافق 14 جمادى الآخرة 1437هـ

تفجيرات بلجيكا...

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اختار تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) العاصمة البلجيكية، بروكسل، لتوجيه ضربةٍ موجعةٍ للقارة الأوروبية، حيث تمثل عاصمةً للاتحاد الأوروبي، ومقراً لحلف شمال الأطلسي، وتحتضن الكثير من المؤسسات المشتركة.

لم يكن في العمليات الانتحارية الأخيرة جديد، فهي عمليات تقليدية اعتاد التنظيم الإرهابي على تنفيذها في مختلف الدول التي يعبث بأرواح أهلها، من العراق وسورية واليمن والصومال، إلى مصر وتونس وليبيا ومالي ونيجيريا، وآخرها قبل أسبوعين في منتجعٍ بساحل العاج. الضحايا الذين يتساقطون يومياً لا قيمة لحياتهم من وجهة نظر المتطرفين الذين لا يعرفون حرمة لدماء أحد.

اليوم، تصحو أوروبا على واقعٍ إنساني مشوّهٍ شاركت في صنعه، بعد أن أخذت الصراعات في الشرق الأوسط تقذف بحممها باتجاه سواحل القارة العجوز.

هذه الجماعات الإرهابية نشأت وترعرعت برعاية أجهزة مخابرات دولية وإقليمية، من أجل تنفيذ أجندتها السرية في ضرب ومعاقبة الأنظمة والدول غير المرغوب فيها. لكن سرطان هذه الجماعات انتشر في كل مكان، وحتى تلك البلدان التي شرّعت أبوابها لهجرة الشباب بالمئات والآلاف، تحت سمعها وبصرها، للالتحاق بالقتال في سورية والعراق، أصبحت الآن هدفاً لعنف جبان يستهدف الأبرياء في كل مكان.

ولو كان نطاق عنف الجماعات الإرهابية وبطشها وجرائمها محصوراً في بلدان منكوبة، وكان العالم لا يكترث كثيراً بشلالات الدم المسفوك… لكن الآن اختلف الأمر، وذلك بعد أن فلت زمام الإرهاب الدموي وانتشر في بلدان تمثل عمقاً استراتيجيّاً لأوروبا.

إلى جانب ما تمثله بلجيكا من رمزية سياسية وعسكرية لأوروبا، فإنها تحتل المركز الأول بين الدول الأوروبية، في تواجد الإرهابيين الذين ارتحلوا إلى سورية والعراق، نسبةً لعدد السكان. وقد قدّر فريقٌ من باحثي الأمم المتحدة عدد من التحقوا بـ «داعش» من مواطنيها بأكثر من 500 شخص، قتل منهم 77، وعاد منهم 128 إلى بلجيكا، واعتقل 46 منهم من حركة «أنصار الشريعة في بلجيكا» وحدها وتمت محاكمتهم. هؤلاء ربما سافروا وعادوا تحت رقابة أجهزة عدة للمخابرات، لكن ما يثير الرعب تلك الأعداد التي لا يعرفونها، ممن يتم تجنيدهم عبر الإنترنت، من الجيل الثاني والثالث من أسر المهاجرين العرب والمسلمين، للالتحاق بالتنظيم الإرهابي أو تلقي أوامر القتل والتفجير في هذه الدولة الأوروبية أو تلك.

من هنا تتضح أسباب انتشار الذعر عبر القارة الأوروبية، حيث يعيدون نشر أرقام الملتحقين بركاب «الدولة الإسلامية»، من مواطنيهم، فمن بريطانيا هناك 600 إرهابي، وفرنسا 1200، وألمانيا 600، وبلجيكا 500، وهولندا والسويد بين 250 و300 إرهابي، حتى النرويج لديها 60 إرهابياً. أما الولايات المتحدة وأستراليا فقُدّر عددهم بـ100 إرهابي. وكل هذه الأرقام تقديرية وتبقى موضع شك وارتياب، أما الأرقام الحقيقية لمن جاءوا -أو جيء بهم- من 80 دولة لممارسة القتل والتفجير في سورية والعراق، فلا يعلمها إلا الله سبحانه، وبعض أجهزة الأمن والمخابرات ذات العلاقة.

إن ضحايا التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية، وفي فرنسا وبلجيكا، وفي الصومال ومالي وتونس... هم من المدنيين الأبرياء، وهو ما يعني عدم وجود أي حرمة لأي دماء، ومن يقوم بذلك ليس من الدين أو الإنسانية في شيء، ومن سكت أو ساند في الماضي سيصاب بالبلاء الذي كان من المفترض أن يصيب آخرين فقط. إن البلاء عندما ينتشر يعم الجميع، ولا سبيل الا بمواجهته عبر جهود مجتمعة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4947 - الأربعاء 23 مارس 2016م الموافق 14 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 4:29 ص

      زبون رقم 19

      هذي الكلمتين إللي قلتهم مو كلامك ،،، قص عليك ابهم ... وانت على طول مثل الببغاء الذكيه حفظتهم وصدقته ،،، بس ما أقدر إلا آقول لك ( نشيدة غنمي غنمي ) نعم بالضبط مثل الغنم.

    • زائر 9 | 12:31 ص

      قليل من كثير مما حصل لبعض البلدان التي صوتوا لتدميرها ودعم المعتدي عليها

    • زائر 8 | 12:30 ص

      السكوت بل الدعم المتواصل لدول تدمّر اخرى أمام مرأى ومسمع من العالم من دون ان يحرّك احد ساكنا لإيقاف القتل والعبث بشعوب فقيرة لكي تصدر قرارات اممية توافق على تدمير بلد ضعيف مسكين يحاول الخروج من العبودية

    • زائر 7 | 12:28 ص

      أليست هذه البضاعة المزجاة التي سوّقت لنا وهي الآن تردّ إليهم؟
      ألم تعمهم صفقات السلاح عن محاسبة الأنظمة المنشأة والداعمة للإرهاب؟
      ما هو ذنب شعوبهم لكي يذوقوا سفه حكومتهم التي فضّلت المليارات على القيم والأخلاق في تعاملها مع منابع الإرهاب؟
      ألم تتعاون الدول الاوروبية في التسهيل للإرهابيين للوصول لسوريا وتدميرها؟
      هل كانوا يتوقعون انهم سيدمّرون سوريا والعراق وغيرها دون ان يصل الخطر لهم؟

    • زائر 5 | 12:19 ص

      انظروا تعليق رقم 1 لتعرفوا أن بعض الدواعش موجودون هنا يعلقون على هذا المقال، لماذا اقول ذلك؟ لأن محاولة صرف الانظار عن داعش وخطرها هو همّ يمارس بعض المكلّفين من انصارها في العالم العربي وغير العربي.
      هنا من يسوقون لداعش ولا يقبلون نقدها لذلك يؤلمهم أي مقال يدين داعش

    • زائر 4 | 11:11 م

      سبحان الله

      اما زلتم تلقبون هذا التنظيم الدموي الإرهابي بالاسﻻمي والاسﻻم منه بريئ

    • زائر 3 | 11:00 م

      من حفر حفرة لغيره

      وقع فيها على رأسه

    • زائر 2 | 10:55 م

      الانصاف

      الدم هو الدم والانسان هو الانسان والقاتل هوالقاتل .. اما في صومال لا يذكرها احد ...في اروبا تقوم الدنيا ولا تقعد
      في العراق لا يبكي عليها احد
      في بروكسل رئيسها تذرف دموعا ... يا لها من دموع
      غريب هذه الدنيا

    • زائر 1 | 10:43 م

      المشكلة انكم تركزون على داعش ولا تشوفون جرائم بشار والحصار والتجويع من قبل جزب الله

    • زائر 6 زائر 1 | 12:22 ص

      جريمة بشار و حزب الله انهم يقاتلون داعش

    • زائر 17 زائر 1 | 3:04 ص

      للعلم قالها: سيأتي اليوم الذي سيأتي إلينا العالم ليشكرنا على مقاتلتنا داعش وأمثالها. وأعتقد هذا اليوم ليس ببعيد.

    • زائر 19 زائر 1 | 3:42 ص

      هههيه

      انت تضحك على من كل هذه العمليات الإرهابية ورائها نظام بشار أليس أحمد حسون هدد أوروبا بعمليات تفجير فى بلدهم و كذلك الم يهدد وليد المعلم وزير خارجية بمحو أوروبا عن خارطة العالم ظاهر انك من مب عايش على الأرض قال يحارب الإرهاب قال هذا النظام مثل العار تتكلم عن الشرف

اقرأ ايضاً