قال رئيس البرلمان العربي أحمد بن محمد الجروان إن هناك مساعي لإقرار تشريعات بيئية عربية موحدة، لافتاً لـ «الوسط» إلى متابعة البرلمان العربي وزراء البيئة في الدول العربية خلال العام الجاري وما يتوصلون له من تشريعات في المحافل والمؤتمرات الإقليمية والدولية لتثبيتها والخروج برؤية موحدة واتخاذ خطوات عملية للتنفيذ وصياغة المستقبل البيئي للمنطقة العربية وتحقيق التنمية المستدامة.
ولفت في كلمة ألقاها في مؤتمر البحرين الدولي لحماية البيئة الذي انطلق صباح أمس الأربعاء (23 مارس/ آذار 2016)، تحت رعاية من الممثل الشخصي لجلالة الملك رئيس المجلس الأعلى للبيئة سمو الشيخ عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة وحضره بالنيابة عن سموّه وزير الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني عصام خلف، وبتنظيم من المجلس الأعلى للبيئة ومركز دلال الزايد، إلى أن البرلمان العربي يولي قضية «حماية البيئة»، أهمية قصوى ضمن أجنداته كون التنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية تهدد كوكب الأرض بأكمله والمنطقة العربية على وجه الخصوص.
وأشار إلى أن المنطقة العربية من أكثر المناطق تضرراً من التغيرات المناخية مما يحتم العمل من اجل عدم الإضرار بمصالحها وإحلال الطاقة البديلة محل الطاقة التقليدية التي يشكل النفط عمادها، ونوه إلى تداعيات التغيرات المناخية في المنطقة العربية كالجفاف والتصحر والتأثير على الأمن الغدائي والمائي والإضرار بالمكاسب الاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما أن الطاقة الأحفورية تشكل المصدر الرئيسي للدخل بالنسبة لعدد منها.
ورأى ضرورة اتخاذ وتنفيذ إجراءات ووضع استراتيجيات وخطط طويلة الأمد للتصدي للتغيرات المناخية والعمل على حماية البيئة وترسيخ مبادئ التنمية المستدامة بما يتماشى مع أولويات الدول العربية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة للعام 2030.
وبين أن وسائل التنفيذ للمشاريع الصديقة للبيئة تتطلب دعماً مالياً موجهاً لا يجب أن يقتصر على توفير التمويل الدولي فحسب بل لابد من اتخاذ خطوات من قبل القطاعات كافة في كل دولة عربية لتحقيق التنمية المستدامة، منوهاً إلى أن التكامل الاقتصادي العربي يشكل فرصة للدول العربية من أجل تحقيق ذلك عن طريق زيادة التجارة البيئة العربية وتحرير التجارة وإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية.
وتابع أنه من المهم للمنطقة العربية أن تسعى لتخفيف عبء الدين الخارجي والاتجاه نحو الاستثمار المستدام في مشاريع تكاملية والاستثمار في التكنولوجيا والبحث العملي.
ومن جانبه، رأى الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة محمد بن دينة ضرورة حاجة مملكة البحرين إلى محكمة بيئية تعنى بالقضايا البيئية.
وقال: «نعيش في منطقة مهددة بيئياً، ولابد أن يكون لدينا خطة للتعامل مع أي تسرب إشعاعي، وفي مملكة البحرين 3 خطط للطوارئ إقليمية وأخرى خليجية مشتركة وخطة محلية فضلاً عن مراقبة التلوث من خلال محطات الرصد».
وقد قدم ورقة عمل حول آليات التخطيط ووضع الاستراتيجيات البيئية ودور ومهام واختصاصات الهيئات والمجالس الرسمية في مجال حماية البيئة، فيما لفت إلى أن مملكة البحرين حققت المركز الأول خليجياً والسادس في الشرق الأوسط في مؤشر الأداء البيئي العالمي الصادر في المنتدى الاقتصادي العالمي في نسخته الخامسة عشرة، وهو يشمل 180 دولة حول العالم، منوهاً إلى أن التقرير يعتبر مرجعاً عالمياً هاماً يتوازى مع المعايير الأممية كما وردت في وثيقة أهداف التنمية المستدامة SDGs في مجال البيئة.
وأضاف: «بحسب التقرير فإن مملكة البحرين قد حققت 70.07 نقطة في 2016 بينما كانت قد حصلت على 51.83 نقطة في التقرير الأخير في العام 2014 وقد ارتفعت نسبة أدائها البيئي لتصل إلى 7.45 في المئة عبر العشر سنوات الأخيرة».
وقدم نبذة عن المجلس الأعلى للبيئة والاستراتيجية الوطنية للبيئة إلى جانب قانون البيئة وتشريعاته النافذة، معرجاً على المشاريع التي تساهم في حماية البيئة وهي إدخال الاعتبارات البيئية في الخطط التنموية والمشاريع الاستراتيجية للدولة (اللجنة الوطنية للبنى التحتية، تقييم الأثر البيئي... إلخ)، تحديث وتطوير قانون البيئة والذي يعد قيد المراجعة من قبل مجلس النواب إلى جانب بناء قواعد بيانات بيئية مساندة لمتخذي القرار بالمجلس باستخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية والتحديث الدوري للمعايير والاشتراطات البيئية وإطلاق التقارير الدورية لحالة البيئة وبرامج رصد جودة الهواء والبيئة البحرية المحيطة، المركز الوطني للوقاية من الإشعاع ومراقبة التلوث من المصدر (الهواء، البيئة البحرية) والإدارة السليمة للنفايات الخطرة.
أما الأمين العام للمؤتمر عضو مجلس الشورى دلال الزايد، فأشارت إلى أن المؤتمر يناقش موضوعاً مهماً على مستوى إقليمي ودولي، من خلال ثلاث محاور مترابطة أعدها نخبة من المختصين في الشأن البيئي ووضع التشريعات، الأول متعلق بحماية البيئة من المنظور التشريعي والثاني تبني موضوع الحماية القضائية والأخير حول حماية البيئة والمحافظة عليها ودور القطاعين العام والخاص في ذلك.
وقالت: «نسعى لتوحيد التشريعات خليجياً للعمل على حماية البيئة وفق منظومة الدول العربية وما تعانيه من تحديات».
أما خبير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نورزات ميرساليفا، فقد قدمت ورقة عمل حول المبادئ التوجيهية والمقاييس والمواصفات والمعايير الإقليمية والدولية في مجال حماية البيئة ومستويات السلامة البيئية، متحدثة عن الأجندة الجديدة للأهداف العالمية، ولاسيما الهدف السابع منها المتعلق بالطاقة المتجددة والمستدامة.
وقالت: «النصيب الكلي للدول العربية فيما يتعلق بالطاقة المتجددة لا يتجاوز الـ 5 في المئة ومعظمها من طاقة الشمس والرياح وهناك مساعٍ للحصول على مصادر متجددة»، منوهة بأن مملكة البحرين تعتبر من الدول العالية في انبعاث ثاني أكسيد الكربون، فيما قامت بتبني خطط لمواجهة ذلك.
وأشارت إلى أن المشكلة في معظم الدول العربية التي قامت بسن التشريعات البيئية هي مرحلة التنفيذ والذي غالباً ما يكون مرتبطاً بالقدرات المالية والبشرية.
ورأت ضرورة تعزيز سياسية الطاقة المتجددة في مملكة البحرين، فيما أشارت إلى عدم وجود إطار قانوني سليم للطاقة المستدامة فيها.
ومن جانبه قدم، المحامي المستشار حسن بديوي ورقة عمل استعرض فيها نموذج تشريعات مقارنة في مجال البيئة، إذ قال إن التشريعات التي تعنى بالبيئة في المنطقة العربية لم تتناول في أغلب الأحيان عناصر تكوينات البيئة بطريقة مباشرة، وإنما هي مجموعة تشريعات لها صلة بشكل أو آخر بالبيئة وموضوعاتها فضلًا عن أن غالبيتها تناولت جوانب من البيئة وفق تصور ضيق لأنواع وطبيعة المؤثرات على البيئة وحدود تأثيرها، إذ يغيب عن معظمها المعيار العلمي المرجعي في تحديد المخالفات المتعلقة بالبيئة، مما جعلها غير كافية وغير ملائمة للحاجة التي تتطلبها تطورات العصر.
وأضاف أنه ونتيجة للغياب الكامل للمعالجة التشريعية، أو المعالجة السطحية لبعض العناصر، ازدادت حدة المشاكل البيئية، وخاصة مع غياب دور التوعية والإعلام البيئي.
العدد 4947 - الأربعاء 23 مارس 2016م الموافق 14 جمادى الآخرة 1437هـ