قبل يومين «احتفلت» أسر كثيرة في الوطن العربي بيوم الأم، ويسميه البعض عيد الأم. وتختلف الروايات في أصل هذا اليوم ففي موقع «ويكيبيديا» الذي يضم معلومات قابلة للتعديل ذُكر أن امرأة أميركية تدعى أنا جارفيس احتفلت أول مرة في 1908 بذكرى والدتها، لكن في مكان آخر تشير المعلومات المتوافرة إلى أن هناك من سبقها لذلك في 1870؛ لكن لم يتمكن من خلق المكانة التي يتذكره بها «المحتفلون» أو «المتذكرون».
وتختلف الثقافات في تحديدها لليوم الذي يُحتفى به بالأم، ففي الوطن العربي يقع في (21 مارس/ آذار)، بينما في أميركا في (2 مايو/ أيار)، وفي النرويج في (2 فبراير/ شباط) والأرجنتين (3 أكتوبر/ تشرين الأول) وفي جنوب إفريقيا في (1 مايو).
ومنذ سنوات هبّ تيار يدعو إلى عدم الاحتفال أو الاحتفاء بيوم الأم وتذكّره، واختلفت الأسباب لذلك. فالبعض اعتبر أن الاحتفاء بيوم الأم سيكون جارحاً لمن فقد أمه وخصوصاً من الأطفال، وتم اقتراح بتسميته يوم الأسرة لتجنّب تلك المشاعر المؤلمة، والبعض اعتبر أن هذا احتفال «علماني» فلا يجوز أن يحتفي به المتدينون من المسلمين، ومن هؤلاء من ذهب الى تحريم الاحتفاء بهذا اليوم بتسمية «عيد الأم»، وهو يقرّبه من مكانة العيدين الوحيدين في الإسلام وهما عيد الفطر وعيد الأضحى. فيما البعض وجد أن حصر الاحتفاء بالأم في يوم واحد في العام اختزال لأهميتها، فالاحتفاء بالأم يجب أن يكون دائماً وكل يوم.
لاحظت شخصيّاً، ويشترك معي كثيرون، على الأقل في محيطي الذي أعرف، في هذه الملاحظة، أن كثيراً من الأمهات، وخصوصا المتقدمات في العمر اللاتي يملن إلى التدين، صرن يخشين اعلان فرحتهن باحتفاء أبنائهن وبناتهن بهذا اليوم، وربما انتظارهن للهدايا التي لابد أن تعبر بشكل ما عن مقدار أهميتهن لدى الأبناء. هذه الخشية ليس مردها دائمًا اقتناعاً حقيقيّاً بأيّ من الأسباب السابقة، وانما هو مسايرة للتيار الذي يحمل في ثناياه مزيج الأسباب السابقة أو بعضها. وهذا التيار حدث أن تشكّل في مجتمع لا يكفّ يصدر أحكامه على الآخرين، ويجهر بها وبتصنيفه للآخر فكريّاً ودينيّاً وحتى انسانيّاً بناء على معايير خاصة أهم ما فيها نكران حرية الآخر في اختيار ما يناسبه.
ولمسك العصا من منتصفها، أصبحت بعض الأمهات، لئلا يخالفن التيار الذي يكون قويّاً وجارفاً في بعض الأوساط، يوحين لأبنائهن أنهن يرحبن بالاحتفاء بهن شرطاً أن يكون في يوم غير هذا اليوم «المُختلَف على أصله ومدلولاته»، وإن كان يوماً واحداً قبل أو بعده.
ليس يوم أوعيد الأم وحده الذي يشغلنا بتفاصيل قبوله الاجتماعي ورفضه أو تحليله وتحريمه، بل تضم «الروزنامة» عدداً من الأيام التي ينشق منتظروها إلى فريقين، أحدهما ليحتفي بها بالهدايا والبرامج الاحتفالية، والآخر لرفضها وحث الآخر على هذا الرفض بشتى الوسائل التي تصل للترهيب والتحريم أو حتى الحرمان قسراً من الوصول إلى وسائل الاحتفال بها كالورد مثلاً.
ومن «روزنامة» المجتمع إلى «روزنامة» الأفراد يتغلغل التيار السابق ذاته ليدعو الأفراد إلى التخلّي عن تثبيت أيام ذات معان ومناسبات حياتية وخاصة كيوم الميلاد ويوم الزواج واعتبارها من «البدع» الغربية أو الغريبة التي «علينا» ألا نتشبه بها، ويدعو في كل مرة إلى التواصل والتراحم والاحتفاء اليومي بها!
وربما تجدر الإشارة إلى أن في «روزنامة» منظمة الأمم المتحدة توجد خمسة تصنيفات زمنية لمناسبات وأحداث وقطاعات ومفاهيم عرّفت لها أهمية تستحق بها ان يتذكرها العالم ويكرّس لها اهتماماً خاصّاً ويتأكد من تجنبها أو المحافظة عليها بحسب هذه الأهمية.
فيوجد في هذا التصنيف نحو 130 يوماً دوليًّا و8 أسابيع دولية ونحو 30 عقداً دوليّاً من الزمن و44 سنة دولية بالإضافة إلى احتفالات سنوية خاصة بالمنظمة نفسها، تتعلق بمواثيق واتفاقيات دولية واعلانات انبثقت عنها أو ذات معنى في تاريخها.
هذه الأيام التي ثبتتها المنظمة العالمية، بعضها يثير تذكرها الألم، كتلك المرتبطة بالمآسي والكوارث وبعض الأمراض والمصابين بها، ولم تُحفر في الذاكرة أو تثبّتها المنظمات سواء الرسمية منها أو الأهلية إلا لأهميتها، والجانب الإيجابي منها يكمن في توظيفها للعمل على التكاتف من أجل تجنب حدوثها أو مكافحتها؛ لكي يصبح العالم أفضل ويحتفي أبناؤه بأيامهم الأجمل.
ما يهمّ ويستحق التوقّف عنده في تعاملنا مع الاحتفاء بالتواريخ والأيام سواء في «الروزنامة» الأممية أو الوطنية أوالمجتمعية وأيضاً الفردية الخاصة، هو تيار محاربة مظاهر الاحتفاء سواءً جماعيًّا أو بشكل خاص واستخدام شتى وسائل الحيلولة دون ذلك، على رغم اعتبار بعضها، في ثقافات الشعوب والمجتمعات، كالأعياد لما تجلبه من سعادة وحب لمن يحتفي بها.
قد لا يكون سهلاً الوقوف بوجه التيار، لكن لا أحد يستطيع أن يكتم الفرح والسعي للسعادة، كما أنه لا يمكن إغفال ما يجلبه الاحتفاء الجماعي من انتماء، وفي الانتماء قوة وأمان يصعب التخلي عنهما. كل ما سيفعله ذلك التيار أنه سيحرم البعض من الاحتفاء في فضاء مفتوح، فيما سيكرّس في البعض ثقافة التحايل للمحافظة على معنى وطعم الفرح كما تفعل بعض الأمهات وكما يحدث في احتفالات ذكرى/ أعياد الميلاد وخصوصاً للصغار الذين يحرمهم آباؤهم من تقليد إطفاء الشمعة ويجلسون صامتين أمام الحلوى ويتخيلون سرّاً الضجيج السعيد الذي يجلبه إطفاء شمعاتهم، كما يفعل آخرون في مكان آخر في العالم.
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 4946 - الثلثاء 22 مارس 2016م الموافق 13 جمادى الآخرة 1437هـ
ليس العيب في جعل يوم لتقدير الام وانما العيب في العقول العربية التي تأخذ كل فكره وتضع لها عدات وتقاليد ونمط معين
لماذا جعل الاحتفال بيوم الام ان تتركز فيه الانظار بالهدايا التي تقدم الى الام ومن هذه الهدايا ما يجلب هم وغم وتعاسه الى الام حيث ان الكثير من المشاكل تكون بسبب التباهي بين افراد العائلة وربط تقدير الام وحبها بمقدار الهدايا وقيمتها
والاخر يستنقص من بقية افراد العئلة لانهم لم يجلبو الهدايا الثمينة للام، وبما اننا شعب يحب الابتداع في الهدايا فلا تستغرب ان تكون الهدية في المستقبل
جميل أستاذة هناء!
التيار المضاد للمشاعر الإنسانية التي يُعبر عنها بأساليب مختلفة تيار سطحي جاف، ففي كلمة عيد مثلة هي كلمة لُغوية عادية كأي كلمة في اللغة معناها شيء يعود مرة بعد مرة وليست مقصورة على معنى معين وهكذا كل المصطلحات هي في أصلها اللغوي صالحة للاستخدام في غير الاصطلاح التخصصي.
ما المانع من الاحتفال بعيد الام او عيد الأسرى او أعياد و مناسبات اخرى اذا كان هذا الشي لهو فائدة و ايجابيات على أفراد الاسرة في الكثير من الأوقات هذي الأعياد أجمعت و تآلفت قلوب لماذا لا ناخذ الامور بايجابية ونترك التخلف و التعصب عنا.
عام
مشكله في،عيد الام عند الاسلامين الام تستحق كل يوم عيد الام مو بس يوم
غير عملي ولا منطقي الاحتفال في كل يوم.
الدول العربية تربطهم علاقات سياسية وتجارية وتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات مع الغرب ولم يتكلم أي تيار عن تلك العلاقات، فما هو المناع عندما نطبق عادات طيبة مثل عيد اﻷم أو غيرها من العادات التى تزرع المحبة والإهتمام والتقارب بين أفراد الأسرة