مارس الفقيد سماحة العلامة السيد جواد الوداعي دوراً محوريّاً في تعزيز وتنظيم عمل الحوزات العلمية في مملكة البحرين، حتى قال عنه مدير حوزة الإمام الباقر (ع)، الشيخ محمد جواد الشهابي بـ «صاحب الدور البارز في تأسيس الحوزات في البحرين، والدور البارز أيضاً في السعي إلى استقلالية الحوزات العلمية عن الجهات الرسمية».
وأضاف «كان يصر على ذلك، كما كان يرفض أن ترتبط الحوزة بأية جهة رسمية، فكان يسعى إلى استقلاليتها، وهذا هو الرأي الفقهي المعروف لدى الفقهاء والمراجع».
وتابع «الأمر الثاني من بين اهتماماته، أنه كان يهتم كثيراً بترسيخ أن يكون الطالب منشغلاً بالحوزة انشغالاً تامًّا، فكان يرفض أن يكون الطالب في بداية حياته العلمية يشتغل بأي أمر آخر غير بناء شخصيته الايمانية من جهة، وبناء الجانب العلمي من جهة اخرى».
وبشأن دوره في تنظيم عمل الحوزات، قال الشهابي: «حين أراد الفقيد ان يؤسس لحوزة الامام الباقر (ع)، كان لديه هدف كبير بأن هذه البلاد التي كانت تنتج العلماء وتحتضن العلماء، وفي الزمن السابق لم تكن الاختبارات موجودة، فقط كان الطالب يحضر الدرس، فرفض الفقيد ذلك، وأصر على ضم الاختبار لكل طالب فكانت الاختبارات الشهرية والنهائية».
وأضاف «كان يدرس في منزله قبل الانتقال إلى المسجد، فكان في منزل صغير مع مجموعة صغيرة، ثم انتقل إلى المنزل الكبير، وحين احتاج إلى إضافة مدرسين ضاق عليه المكان، فكان معه الشيخ محمد صالح الربيعي ومجموعة من العلماء، الى ان انتقلت الحوزة الى محلها الحالي في مسجد الشيخ علي حماد في باربار».
وتابع «كان الفقيد يريد من الطالب أن ينتج قلماً، بحيث انه يكتب، ويؤلف، فكان يرتاح كثيراً حين يجد طالباً من الطلبة انتج كتاباً فتجد منه الدعم المعنوي والتشجيع»، منوهاً إلى أن التعليم شكل لدى الفقيد أولوية احتلت المرتبة الأولى، لكن قبل ذلك كان حريصاً على ان يكون المتعلم تقيا، فكان يسعى لبناء شخصية إيمانية مسلمة تحمل البعد الايماني الحقيقي.
وفيما إذا كان العلامة الوداعي قد تمكن من سد فجوة بدخوله على خط التعليم، وتأسيس الحوزات، قال: «أنا أرى انه سد الشيء الكثير، فكانت الحوزة في فترة تغص بعدد كبير من الطلبة من اصحاب الفضيلة العلمية والايمانية الفذة، بحيث لم يقتصر الامر على الطلبة الجدد».
وبحسب توضيحات الشهابي، فإن افتتاح حوزة الامام الباقر تم مطلع التسعينات، وقبل ذلك كان العلامة الوداعي يشتغل في التعليم الديني فور عودته من النجف، انما بشكل مسمى حوزة فقد كان كما اشرت مع مطلع التسعينات، فكان يدرس في بيته صباح كل يوم، وله عدة اشرطة صوتية تتضمن شروحاً له على بعض الكتب كشرائع الاسلام وغيره، يشهد لها الكثير من العلماء بانها كانت تحمل غزارة في اسلوبه الخاص في ايصال المعلومة إلى الطالب.
أما اعداد المنتسبين إلى الحوزة، فبيَّنهم بالقول: «وصلت الأعداد في يوم ما إلى نحو 200 طالب في القسم الرجالي، وحين طرحنا عليه فكرة القسم النسائي أبدى ردة فعل مشجعة، فكانت عبارته لي آنذاك: لا تستشرني في شيء يخدم الإسلام. فأسسنا الحوزة النسائية بعد سنة من تأسيس الحوزة الرجالية، فكانت تضم في يوم ما أكثر من 500 طالبة، اما البرامج فكانت تضم 3 آلاف طالبة، وكانت تتخذ مناهج محددة وبرامج معينة تطمح إلى نشر الثقافة الإسلامية حتى مستوى ربات البيوت، حيث كان يوجه إلى الاهتمام بهذه الشريحة، الأمر الذي اضطرنا إلى انشاء حلقات خاصة لربات البيوت».
وأضاف «كذلك كان الأمر بالنسبة إلى الشباب، حيث فتحنا معهداً ليليّاً باسم الحوزة فكان يضم 213 طالباً غالبيتهم من الجامعيين، يستمر الطالب لمدة 4 سنوات وكان النتاج كبيراً جدّاً، فصنعت مؤهلين للتعليم في القرى في برامج التعليم الديني في مناطق البحرين».
وتابع «كانت للسيد كتابات معينة، وبعض المحاضرات كنا نسعى إلى إصدارها في كتيبات، كما ان مكتبته غنية جداً بمختلف المجالات بما في ذلك المجالات الطبية وباللغات الأخرى، في التاريخ ايضاً، فكان يهتم بالمخطوطات، وكان يدفع باتجاه تأسيس مكتبة ثقافية عامة تكون مهتمة بالبعد الديني والعلمي والانتاج، وان تكون متطورة من حيث الوسائل الحديثة، حتى استخدمت الحوزة وسائل العروض من بين ذلك السبورة الذكية، فكان يشجع على ذلك ويبذل في هذا الجانب الكثير، كان يشجع على التحديث، فكان يوجهنا بالقول: «انزلوا إلى الشارع»، حتى انه كان يكرر علي بالقول: «الناس لن يكفيها تقديم المحاضرات العامة. خذوا بأياديهم وانصحوهم»، فكان يحث كثيرا الخطباء على ضرورة طرح ولو مسألة واحدة في كل مجلس حسيني. كذلك كان يطلب من الخطباء أن يهتموا بالبعد العقائدي والفقهي والاخلاقي اكثر من أي مجال آخر، دون ان يغفل الدعوة لجانب السيرة وغيره، لكنه كان يشدد على بناء الشخصية».
واستذكاراً لما تسعفه الذاكرة، قال الشهابي: «كانت أبويته مستمرة حتى لغير المحسوبين على الدائرة المحافظة، فكان داعية بفعله قبل ان يكون بلسانه، واذكر هنا بعض المواقف حين خرجنا من مكان في مرة من المرات، فسمع بوجود مجلس عزاء لشخصية غير ملتزمة، فطلب أن يذهب، وكنت احاول ان اوصل له رسالة بان صاحب المجلس كذا وكذا.. فأجاب «وهل أنا ذاهب إليه؟»، فأصر على الذهاب وبالفعل تمكن من تغيير حياة عائلة المتوفى 180 درجة بزيارة، حتى تحولت العائلة إلى عائلة منضبطة دينيّاً، وكان ذلك بزيارة واحدة».
العدد 4946 - الثلثاء 22 مارس 2016م الموافق 13 جمادى الآخرة 1437هـ
يرحمك الله أيها السيد الجليل
رحم الله هذا العالم الرباني سماحة السيد جواد الوداعي فجعنا برحيله
وفاته خسارة كبيرة
ثلم الإسلام ثلمة و ايتمت الحوزات برحيله
و انا لله و إنا إليه راجعون
و حشره الله مع محمد و آل محمد
لماذا لايوجد بيان حكومي بالمواساة
شخص بهذا الحجم لانجد في حقه بيان رسمي بالمواساة امر يدعوا للاستغراب.
رحمك الله يا وداعي