بمناسبة اليوم العالمي للمياه والذي يصادف (22 مارس آذار) من كل عام، قالا الرئيس السابق لسلوفينيا ورئيس الفريق الرفيع المستوى العالمي في مجال المياه والسلام دانيلو تورك، ورئيس مجموعة الاستبصار الاستراتيجي سونديب واسليكار (وهي مؤسسة بحثية)، منذ سبتمبر / ايلول 2015، عندما أعلنت الأمم المتحدة بأن المياه هو هدف للتنمية المستدامة، قامت عدد من البلدان بتكثيف الجهود لتعزيز التعاون في مجال المياه مع الدول المجاورة لها في الشرق الأوسط.
وعلى مدى عقود، كان هناك تفاوض بين العراق وسورية وتركيا في معاهدات للتعاون على نهري دجلة والفرات من دون التوصل إلى أي استنتاج.
وقد أدى فشل الدول لإيجاد تسوية في هذا التفاوض، اعتبر ميزة للجهات الفاعلة غير الحكومية، لا سيما المجموعات المتطرفة في المنطقة مثل "داعش" ان تسيطر حالياً على بعض السدود وخطوط الأنابيب والخزانات ومحطات الرصد.
فهذه المجموعات تستخدم المياه كسلاح لإجبار الناس على الاستسلام لرغباتهم، وقد جعل هذا الوضع من المستحيل الحفاظ على سد الموصل في شمال العراق. كما حذر العديد من الخبراء من خطر انهيار وشيك من السد الذي يمكن أن يغرق ويقتل نصف مليون شخص في غضون ساعات قليلة.
واشتعلت منطقة الشرق الأوسط في سلسلة من الكوارث، كما لا توجد هناك حلول سهلة. فالسبيل الوحيد للخروج من هذه الازمة لجميع الدول القبول بتنازلات كبيرة والتفاوض على اتفاق سلام شامل التعاون في مجال المياه.
عادة ما تشكل قضايا المياه جزءاً هاماً من اتفاقيات السلام، ففي عام 2015، كنا نحتفل فيه بالذكرى المئوية الثانية لمؤتمر فيينا، الذي أنشأ نظام لنهر الراين واللجنة المركزية للملاحة في نهر الراين. كما يصادف هذا العام 160 عاماً على توقيع معاهدة السلام في باريس بإنشاء اللجنة الأولى على نهر الدانوب، اذ وجود هذه اللجان اليوم في أشكالها يعتبرون من بين عناصر الاستقرار في اوروبا.
ما بعد الحرب الباردة، أوروبا لعبت الماء جزءاً هاماً في مجال المياه، فسلوفينيا تؤيد الاتفاق حول حماية نهر الدانوب، واعتبر اتفاق دايتون للسلام الذي أوقف الحرب في البوسنة، علاقة وثيقة بين السلام الاقليمي والتعاون في مجال المياه.
تأسست نمط مماثل من العلاقة بين المياه والسلام في أميركا الوسطى. بمجرد التفاوض على خطة السلام الأميركية الوسطى بنجاح من قبل رئيس كوستاريكا اوسكار ارياس في 1980، تبع ذلك من قبل مجموعة من اتفاقيات التعاون المياه الإقليمية.
العلاقة بين المياه والسلام ليست سوى مسألة ترتيبات ما بعد الصراع. فإدارة المياه هي أداة هامة لمنع نشوب الصراعات، كما إن في عام 2010 إنشأت من قبل لجنة إدارة شئون نهر أوروغواي، بعد التوصل إلى حل سلمي للنزاع مرير بين الأرجنتين وأوروغواي، هو مثال على ضرورة سياسية لإدارة المسائل البيئية بطريقة فعالة ووقائية.
وعلاوة على ذلك، توجد مبادرات أخرى متقدمة بفارق كبير المعروفة في أوروبا، فإن وضع أسس للتعاون الإقليمي على المدى الطويل والاستقرار كوجود لجنة نهر الميكونج هو احد هذه الاتفاقيات، وحتى الآن الصين تم استبعادها من هذه الاتفاقية.
في تشرين الثاني الماضي، وزير الخارجية الصيني وانغ يي، عن إنشاء آلية للتعاون ميكونغ لتعزيز التعاون على نهر ميكونغ بين الصين وجيرانها في جنوب شرق آسيا.
تعطي دول حوض نهر النيل أيضا التنافس القديم لصالح إدارة مشتركة من المياه. قبل سنة تماما، اجتمع رؤساء اثيوبيا ومصر والسودان في الخرطوم للاتفاق على التخطيط المشترك لسد النهضة الإثيوبي العظيم.
منظمة حوض نهر السنغال وربما التوصل الأكثر بكثير الترتيب اليوم. منظمة تدير أصول المياه في مالي والسنغال وموريتانيا وغينيا بأنه "شائعة في المنطقة"، وتجاوز المصالح الوطنية. مستوحاة من منظمة حوض نهر السنغال، ومن المتوقع أن تكثيف التعاون بينهما هذا العام منظمات أحواض في الكونغو وغامبيا الأنهار.
ليس فقط الحكومات في أوروبا وأميركا الشمالية، ولكن أيضا في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية أن يدعما التعاون عبر الحدود، اذاً ما هو عقدت الشرق الأوسط مرة أخرى؟
يتميز المناقشة في الشرق الأوسط من خلال المخاوف من الخسائر المحتملة الناجمة عن التعاون الإقليمي. وتركز الدول في أجزاء أخرى من العالم على الفوائد المحتملة. فهو يقع في حوالي الاختيار بين علم النفس للمنافع وعلم النفس من الخسائر.
في نوفمبر 2015، جاءت 15 دولة معا ليشترك في عقد الفريق الرفيع المستوى العالمي في مجال المياه والسلام. وهذا يوفر فرصة لقادة الشرق الأوسط للمشاركة من أجل استخلاص الدروس من الأمثلة الناجحة للتعاون في أجزاء أخرى من العالم، وصياغة مستقبلهم. خطر الانهيار المحتمل للسد الموصل يدل على أنه لم يعد عن مجرد انهيار الدول. فهو يقع في حوالي بقاء قطاعات كبيرة من السكان. والخيار بين التسوية وكارثة، بين الكرامة والموت، وليس لديها المنطقة الكثير من الوقت المتبقي لجعل خيار واضح.