احتفل الكثير من الأسر في البحرين والعالم العربي بيوم الأم العالمي، في ظاهرةٍ جميلةٍ آخذةٍ بالتوسع والانتشار عرفاناً ببعض حقوق الأمهات.
أليس جميلاً أن يشارك المسلمون العالم في الاحتفال بمثل هذه المناسبات الدولية المستحدثة مثل عيد «الأم» و «الأسرة»؟ أوليس ذلك من مظاهر التسامح والمحبة والأخلاق النبيلة والفطرة السليمة؟ وهل نجد اليوم شعباً من شعوب الأرض، يعارض مثل هذه المشاركة الأممية، مرةً بدعوى الخصوصية، ومرةً بدعوى عدم التشبّه بالكفار، وكأن المسلمين سيخرجون من دينهم أفواجاً، بمجرد الاحتفال بعيد ميلاد أحد أطفالهم، أو الاحتفاء في يوم 21 مارس/ آذار بأمهاتهم، تقديراً وعرفاناً بجمائلها وأفضالها علينا.
أليس العرب والمسلمون أولى الناس بالاحتفاء بهذا اليوم، وهم يذكرون قصص وفاء رسولهم لأمّه آمنة بنت وهب، أو لمرضعته حليمة السعدية، أو لزوجته خديجة (عليهن أفضل التحايا والسلام)؟ ولماذا يتشدّد بعضنا بمعارضة أية مبادرة أو لفتة إنسانية نبيلة، جزعاً من «التشبّه» بالآخرين؟ ثم أليس هذا هو أحد أسباب كارثة التصحّر الفكري التي تجتاح منطقتنا، من انتشار التطرف، والفكر التكفيري، الذي يستبيح الدماء والأعراض، ويمارس أتباعه المجازر الفظيعة وهم يطلقون صيحات التكبير؟
إن إحدى العقد التي باتت تتحكم في تفكير الكثيرين، هو التشدّد في الدين، والمغالاة في ادعاء الطهرانية، حتى نشر أحدهم في الانستغرام صورةً للحرم المكي، وعلّق مزهواً بذاته، بأنه لا يذهب إلى العمرة تحرّجاً مما يشاهده من سفورٍ وتبرّجٍ في بيت الله! فإذا كان هذا الغر ينظر إلى الكعبة المشرّفة بهذه الصورة من الاستعلاء، وكأنها ملهى يجتمع فيه النساء والرجال العابثون، لا الطائفون والركّع السجود، فهل تستغربون أن ينظر باحتقارٍ لبقية المسلمين، ويصنّفهم كفاراً أو مشركين تحل دماؤهم وأعراضهم وأموالهم؟
الإسلام وأحكامه لا تؤخذ من هؤلاء المتشددين المتنطعين المملوءين غروراً وادعاءً، والأساس في الأعمال هو الإباحة، ما لم يرد نصٌ واضحٌ وصريح. والاحتفال بيوم الأم يدخل في المباحات، وخصوصاً مع كل التأكيدات الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية برعاية الوالدين، والأمهات على وجه التأكيد.
القرآن الكريم، احتفى بالأمهات، على لسان السيد المسيح (ع): «وجعلني مباركاً أينما كنتُ وأوصاني بالصلاةِ والزكاةِ ما دُمتُ حياً. وبَرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقياً»، (مريم: 32)، حيث تلفت المقابلة القرآنية بين صورة الابن البار، وذلك العاق «الشقي الجبار». والتفاسير تورد معنى البرّ بالأم بأن «تؤدي شكرها فيما قاسته بسببك»، من رعايةٍ وتربيةٍ وحمايةٍ وإطعامٍ وإغداق حب وحنان. وهو ما أشارت إليه «رسالة الحقوق» بأن تعلم حقها عليك «إذ حملتك حيث لا يحمل أحدٌ أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحدٌ أحداً.. ووقَتْك بسمعها وبصرها وجميع جوارحها مستبشرةً بذلك، محتملةً لما فيه مكروهها وألمها وثقلها... ورضيت أن تشبعَ وتجوع، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظلك وتضحى». ثم يأتي بعض متنطّعي آخر الزمان، أمثال ذاك الغرّ الراغب عن الذهاب للعمرة، ليعترضوا على التفاتةٍ نبيلةٍ لهذا الإنسان الذي لا يمكن الخروج من جميله وإحسانه ما حيينا أبداً.
إن الأساس في الحياة انفتاح الشعوب على بعضها، دون عُقدِ نقصٍ أو استعلاء. وتزداد الحاجة إلى الانفتاح في هذا العصر، حيث زالت الحواجز بين الدول والشعوب والثقافات. ولم تعد المسألة ترفاً بل ضرورة لاستمرار الحياة الطبيعية، بعدما غزت التقنية حياتنا، وفرضت على أجيالنا قيماً وأفكاراً، علينا أن نأخذ بأحسنها، لا مواجهتها بالتحريم والتشكيك والتهويل.
هل هنا أحسن أو أجمل أو أروع، من فكرة تقدير وعرفانٍ وإجلالٍ... لكل الأمهات؟
إنما تعجز عن حبّكِ، عن بِرِّكِ، عن شكرِكِ، كل الكلمات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4945 - الإثنين 21 مارس 2016م الموافق 12 جمادى الآخرة 1437هـ
البر ليس مخصوصًا بيوم
بر الوالدين مبدأ أخلاقي ينبغي تربية النشء على ممارسته دائمًا دون تخصيصه بيوم أو زمن معين. و(العيد) مفهوم ديني لا ينبغي تسمية مناسبات به دون الرجوع لرأي العارفين، وكذلك مسألة الاحتفال ب(عيد) وضعي.
الزائر رقم 9
أوافق الزائر 9 فيما قاله بأن نمط الهدية التي تهدى للأم ف يوم الأم ربما تكون نقمة بدل ما تكون يوم بر وفرح وسرور للعائلة خصوصا أن معظم العوائل البحرينية أحوالهم المادية متواضعة جدا مما يسبب الاحراج ف تقديم الهدايا الثمينة من قبل البعض.
تهنئه
كل عام والمرأة بالف خير وسعاده.
المشكلة ليس في الاحتفال بهذا اليوم ، بل ان المشكله في طريقة الاحتفال التي تسود المجتمع البحريني ، اخذ الاحتفال بالام في هذا اليوم نمط الهديا وهو الذي يسبب مشاكل في العائلة ويكون يوم نقمة وليس يوم لتكريم الام البعض يجلب هدية ثمينة للام في هذا اليوم لتباهي امام اخوانه بأنه يحب امه كثير وهو في الواقع مقصر وينظر للاخوه الاخرين على انهم بخلاء ، وتقوم العقره والحوسه في العائله
لست معارض لتكريم الام في هذا اليوم ولاكن معارض للأسلوب الذي ينتجه الناس
الزائر رقم ٢ وهل يحتاج رأي او فتوى لادخال السرور على اي انسان فما بالك لو كانت الام حرروا عقولكم واجعلوا المحبة تنبض من كل اعمالكم
قال عز من قائل
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ... وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
هل هناك اروع من هذا التوجيه الرباني؟
اقولها لك وبالصراحة لم يحتفلون الا القليل مثال احنا عشرة اخوان واخوات اللي احتفلو اثنين بما انا في السنوات الماضية كنت العائلة كلها تحتفل الى ان تناقص العدد و وصل الى اثنين
لا انا ولا انت نستطيع ان نحكم في امور الدين لنترك ذلك لعلماء الدين افضل لانه هذا تخصصهم
سبحان الله
هل تحتاج هالمسألة الى فتوى؟ هذا بر بالوالدين فلماذا تتشددون وتعقدونها؟ هل خالف ما كتبه قاسم تعاليم الدين؟ والله غريبة هذا الكلام.
أنتم ومن على شاكلتكم من كتب قاسم عنكم .. المغالاة في ربط الأمور كلها بالدين لم يرتقي بنا بل دفعنا إلى الحضيض
المتشددين والمتعصبين موجودين في كل ديانة ومذهب