من أسوأ ما تخلّف عن أزمة انخفاض أسعار النفط، إضافةً إلى معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة جراء رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، تلك الآثار التي طالت بعض أهم الإنتاجات الثقافية التي تصدر في الخليج.
المجلات الثقافية تعتبر رموزاً مشعةً للدول التي تنتجها. فالكويت الشقيقة ارتبطت صورتها بمجلة «العربي» منذ 1958، وهي من أهم الإصدارات الثقافية على مستوى الوطن العربي. في الأشهر الأخيرة باتت تتأخر في الصدور، ما أثار الكثير من المخاوف من توقّفها، فدُشّنت حملةٌ على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل إنقاذها من التوقف، وهو مصيرٌ لا نتمناه لهذه المجلة العريقة التي ارتبط بها ملايين القراء من مختلف الدول العربية لحوالي ستين عاماً، وكانت سفيراً دائماً للكويت، تدخل البيوت والأندية والمكتبات العامة على امتداد الوطن العربي.
وبسبب اعتمادنا شبه الكلي على هذه السلعة الوحيدة، تتعرّض كل مناحي حياتنا للانحدار كلما انحدر سعر النفط، وأول ما يتم التضحية على مقصلة التقشف هو المنتجات الثقافية. وهي ليست ظاهرةً جديدةً، ففي الثمانينيات، توقّف عددٌ من المجلات الثقافية الخليجية الرائدة، للسبب ذاته، وتتكرّر الظاهرة نفسها هذه الأيام، حيث باتت تتأخر عن موعد صدورها إلى الثلث الأخير من الشهر، بينما كانت تصل للقراء بانتظامٍ أول الشهر.
الأزمة الاقتصادية تبدو هذه المرة أشد وطأةً وأعمق تأثيراً، بعدما لجأت كل دول الخليج إلى رفع الدعم. والخبراء يرجّحون ألا تعود أسعار النفط إلى سابق عهدها، ويتنبأون بأن تبقى على مستواها الحالي خلال الأربع سنوات المقبلة، ما يعني مزيداً من إجراءات التقشف، وربما رفع الدعم عن سلع وخدمات أخرى. فالمواطن في زمن الوفرة المالية مجفو، وفي زمن التقشف مدعو، لتحمّل مسئولياته الوطنية، وإظهار استعداده للتضحية، حتى لو كان من الفئات التي تعيش على الكفاف.
إحدى الإشكاليات التي نعيشها، هي أنه بينما نسارع للتضحية بأهم المجلات الثقافية الجادة، يستمر الإنفاق على برامج «التسلية» في القنوات التلفزيونية، التي تكلّف الخزانة العامة أضعافاً مضاعفة. وأكثر هذه البرامج مقلّدة، ذات أصول أجنبية، وهي حقيقةٌ مفجعةٌ، تدل على إفلاسنا فكرياً وحضارياً، بحيث لم نعد ننتج شيئاً مفيداً لافتاً، يمكن أن نصدّره للعالم، حتى في مجال النيوميديا. فكوريا الجنوبية وحدها، دخلت هذا المجال قبل عقدين، ووظفت فيه استثمارات كثيرة، وأخذت تحصد الآن النتيجة، حيث بلغ إجمالي صادراتها في هذا القطاع خمسة مليارات دولار، وتخطط لمضاعفته إلى 17 ملياراً العام 2017، حسبما ذكر الكاتب محمد الصياد في ورقته لمنتدى «المنبر» قبل شهر. أما نحن فما ننتجه مجرد نسخٍ مقلّدة رديئة الإخراج، كان آخرها برنامج «الملكة» الذي أثار غضباً واسعاً في الخليج، لاستهتاره بكرامة الإنسان، وإنتاج جيلٍ مخدّرٍ مسلوب الوعي والإرادة. واضطرت القناة المنتجة لإعلان إيقافه «نزولاً عند رغبة المشاهدين ومراعاةً لطلب الجمهور». وهي أمورٌ لا تؤخذ بالحسبان عند التخطيط والتنفيذ لمثل هذه البرامج السطحية التي تهدر الملايين من أموال الشعوب.
المجلات التي تحدّثنا عنها، مثل «الدوحة» و «دبي الثقافية»، كانت تُصدر كتباً مختارة، بعضها روايات ومنتجات جديدة، وبعضها من التراث لإعادة إحيائه، وكان ذلك إسهاماً مشكوراً في خدمة الثقافة والمكتبة العربية. والمؤسف أن توزّع إحدى المجلات الرائدة، تعميماً على كتابها يقول: «نظراً لقرار إعادة هيكلة قطاع الإعلام... تم توقيف العمل في المؤسسة... وجميع إصداراتها».
إننا نضحي أول ما نضحّي بأفضل ما ننتجه من غذاء للعقل، فيما نستمر في دعم ثقافة اللحم الرخيص التي تسطّح وعي الجمهور بسخاء.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4944 - الأحد 20 مارس 2016م الموافق 11 جمادى الآخرة 1437هـ
انه اريد اسئل وين راحت الفلوس تبع البترول يوم كان سعر البرميل 120 دولار وبعد وين راحت العشرة مليارات الى جت مساعده من الخليج هادى الاموال لو كانت فى ميزانية الدولة شان حلت الازمة الاقتصاديه يعنى الديرة مشحونه فساد واذا طالبو الناس بحقوقهم يكون مصيرهم السجن المشتكى لله وشكرا سيدنه
آه و ألف آه
ماذا سيكتب القلم و ما الذي لن يكتبه.. فهناك الكثير الكثير .. لدرجة التشبع البشري. الوضع كئيب و ان غفلنا ضعنا
التضحية
يجب أن يكون أخر ما يضحى به من ميزانيات عند عمل تقشف جراء الوضع المالي المتردي هو الميزانية الخاصة بالثقافة.
الاستاذ الكاتب: عندما قلت ان الانفاق يكون على برامج تسلية في القنوات التلفزيونية، فلم تكن قد اصبت مقصدك. لأن الانفاق الذي تحدثت عنه هو بالأصل استثمار مادي ضخم يعود على القناة التي تبث هذا النوع من البرامج بمردود مالي ضخم قد يفوق مردود جميع المجلات التي ذُكرت في المقال مجتمعاً. شكرا لك.
أهدروا ثروات الأوطان من أجل ضرب خصومهم فلا هم استطاعوا هزيمتهم لكنهم اضرّوا بشعوبهم واوطانهم
الثقافة غير مهمة عندهم. اهم شيء ياكلون ويشربون. ومحصلين لهم ناس يقولون:الله لا يغير علينا. عمرخم ما راح يتطورون
الكاسر
الله يهدينا بس
نحن أمة نأكل اكثر من ما نقرأ
الثقافة تبدد الظلام بس البلد المفلس يصير يجنس تجنيس عشوائي وغير مدروس ومن هب ودب دون مراعاة لموارد الدولة ومحدوظية مساحتها والةاحد ينتظر بيت الإسسكان 23سنة والأكاديميين عاطلين من ذكور وإناث شفت التخلف والظلام .
احسنت
كفيت ووفيت