قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن «سلطات البحرين رحلت 5 بحرينيين «بدون» جنسية، سبق تجريدهم من جنسيتهم، منذ 21 فبراير/ شباط 2016، وجُرد 9 غيرهم من جنسيتهم وهم عرضة لخطر الترحيل إذا لم تلغ محكمة استئناف قرار نزع الجنسية، الذي يستند إلى اتهام فضفاض بأنهم «أضروا بأمن الدولة».
في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2015 أيدت محكمة التمييز إسقاط الجنسية عن 8 أشخاص، وقضت بأن للسلطات حق ممارسة سلطتها التقديرية ولا حاجة لأن تقدم أدلة محددة عند سحب جنسية مواطنين «تسببوا بالإضرار بالدولة» أو أخفقوا في «واجب الولاء» لها.
من جانبه، قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط جو ستورك: «هذه الترحيلات غير القانونية تفصل العائلات عن بعضها البعض وتؤدي لمعاناة بلا حدود. على البحرين وقف الترحيلات فوراً وإعادة الجنسية لمن جُرّدوا منها، لاسيما إذا تم ذلك من دون مبرر أو بسبب انتقادهم للحكومة». وأضاف «هذه الترحيلات غير القانونية تفصل العائلات عن بعضها البعض وتؤدي لمعاناة بلا حدود، على البحرين وقف الترحيلات فوراً وإعادة الجنسية لمن جُرّدوا منها، لاسيما إذا تم ذلك دون مبرر أو بسبب انتقادهم للحكومة».
وقال «مركز البحرين لحقوق الإنسان» لـ «هيومن رايتس ووتش» إن «عصر يوم 15 مارس/ آذار، أصبح علي إسفنديار (54 عاماً) رابع بحريني ترحله الحكومة منذ 21 فبراير/ شباط، عندما رحلت رجل الدين محمد خجسته، وفي 7 ديسمبر 2015 أيّدت محكمة استئناف قرار إسقاط جنسية إسفنديار و7 آخرين، وهو القرار الذي جعل 5 منهم في عداد البدون».
وقالت المنظمة إن «هناك 9 آخرين معرضين لخطر الترحيل بعد 22 مارس/ آذار إذا أيدت محكمة استئناف حُكم إسقاط جنسيتهم. كانوا ضمن مجموعة من 31 بحريني سحبت السلطات عنهم الجنسية في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 بزعم أنهم تسببوا في «الإضرار بأمن الدولة». وذكرت هيومن رايتس ووتش أن «أحد التسعة هو تيمور كريمي، محام. استدعته المحكمة في 10 أغسطس/ آب 2014 إلى النيابة، بدعوى مخالفات لقانون اللجوء والهجرة، منها البقاء في البحرين دون تصريح الإقامة المطلوب من كل غير المواطنين فوق سن 16 عاماً استصداره. لكريمي 4 أبناء وأصغرهم عمره 14 عاماً». وقال كريمي لهيومن رايتس ووتش إنه قلق إزاء اضطراره المحتمل للذهاب لبلد آخر، بعيداً عن أسرته، دون أن تكون لديه جنسية أخرى. قال: «لست شاباً، هذا الكلام غير معقول».
يذكر حُكم المحكمة تعديل من عام 2014 على مادة 10 من قانون الجنسية البحريني لعام 1963، يسمح بسحب الجنسية عن أي شخص تسبب في «الإضرار بمصالح المملكة أو تصرف تصرفاً يناقض واجب الولاء لها». الحُكم الذي اطلعت عليه «هيومن رايتس ووتش» ورد فيه: من المقرر أنه للدولة الحق في تقدير ما يعتبر ضاراً بشئونها الداخلية والخارجية وما لا يُعتبر... ولها سلطة تقديرية في اتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن أمنها وسلامتها، وتتسع هذه الإجراءات وتضيق حسب الظروف التي تكتنف الدولة، ولا يُرد على هذا الحق إلى قيد حسن استعماه بحيث يكون قرارها في الشأن قائما على سبب يبرره... تملك سلطة الإدارة في هذا الصدد سلطة تقديرية واسعة لا تخضع لرقابة القضاء ما دام قرارها خلا من إساءة استعمال السلطة.
حيثيات الحُكم تمنح فعلياً للسلطات سلطة تقديرية كاملة في إسقاط جنسية أي بحريني مع علمها بأن المحاكم لن تطالبها بتقديم أي دليل لتبرير قراراتها. يمكن أن يستند القرار إلى مخالفات فضفاضة ومبهمة. وذكرت المنظمة أن من المتضررين الآخرين من الحُكم مسعود جهرمي (46 عاماً) الذي رُحل في 7 مارس/ آذار، وكان ضمن مجموعة من 72 بحرينياً سحبت السلطات جنسيتهم في 31 يناير/ كانون الثاني 2015. بيان وزارة الداخلية المُعلن للقرار ذكر أن المقصودين به تورطوا إما في «أعمال غير قانونية» بينها جملة من التهم الإرهابية، و»التجسس لدول أجنبية» و»تشويه صورة النظام» و»التحريض والمطالبة بتغيير النظام بسبل غير قانونية». وقتها كان جهرمي (أب لطفلة عمرها 3 سنوات وابن عمره 12 عاماً) رئيساً لقسم علوم الحاسب في الجامعة الأهلية بالمنامة.
وقال جهرمي لـ «هيومن رايتس ووتش» إنه تلقى مكالمة هاتفية في 7 مارس/ آذار لإخباره بالذهاب إلى «الإدارة العامة لشئون الجنسية والجوازات والإقامة». التمس من السلطات كتابة وبنفسه إرجاء أي ترحيل إلى يونيو/ حزيران قائلاً إن زوجته في حالة صحية صعبة، وأن الترحيل سيؤثر سلباً على تعليم ابنه البالغ من العمر 12 عاماً. وأضافت المنظمة: لم ترد السلطات على التماسه، وأقلوه إلى المطار وأعطوه جواز سفر بحريني يعترف به مقيماً بحرينياً وليس مواطناً، ووضعوه على متن طائرة بجواز السفر الصادر في اليوم نفسه. طلب جهرمي من هيومن رايتس ووتش عدم إفشاء مكانه الحالي. لكنه قال إن جوازه الساري لمدة عام ينتهي في 7 مارس/ آذار 2017 ولا يعرف إن كان سيتمكن من تجديد إقامته عندما تنفد صلاحيته. قال إن لا علم له لماذا قررت السلطات إسقاط جنسيته: «حضرت مسيرات معارضة للحكومة في 2011، لكن الجميع حضروا تلك المسيرات»، مشيراً إلى الاحتجاجات المعارضة للحكومة التي تم قمعها بالقوة غير المتناسبة والقاتلة أحياناً.
وذكرت المنظمة «في 2015 جردت السلطات 208 بحرينيين من الجنسية. يمكن تصنيفهم إلى 3 فئات عريضة: المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيون والصحفيون والأطباء وعلماء الدين؛ بحرينيون معروفون بالقتال في صف تنظيم داعش؛ أفراد مدانون بأعمال إرهابية داخل البحرين».
وتنص المادة 21 من الميثاق العربي على أنه «لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصياته أو شئون أسرته أو بيته أو مراسلاته أو التشهير بمس شرفه أو سمعته». لا توجد محكمة عربية لحقوق الإنسان لتفسر الميثاق وتقدم التوجيهات حول تنفيذه، لكن الهيئات الدولية الأخرى المعنية بحقوق الإنسان طبقت اختبارا ثلاثيا لتحديد ما إذا كانت تصرفات الدولة تنتهك الحق في الحياة الأسرية أم لا. قالوا إن القرار يجب أن يكون بموجب القانون، وبناء على هدف مشروع، ولابد أن يكون متناسبا (وضروري في مجتمع ديمقراطي)، أخذاً في الاعتبار أثر الترحيل على أسرة الشخص المُرحل.
وقالت هيومين رايتس ووتش «رغم اتباع السلطات البحرينية لإجراءات قانونية فإن قرار محكمة الاستئناف يبدو أنه يُطلق يد السلطات في اتخاذ قرارات دون اعتبار لأثرها على الحياة الأسرية، وبغض النظر عن مدى تعسفها أو لامعقوليتها».
العدد 4944 - الأحد 20 مارس 2016م الموافق 11 جمادى الآخرة 1437هـ