عليَّ قبل أن أذهب إلى النوم أو أغادر المنزل، أن أراجع مقابض الموقد لأتأكد أنها مطفأة. على أن ألمس كل مقبض لأتأكد أنه ليس في الاتجاه\الوضع الخاطئ. هذا شيء يجب أن أفعله. فلو تركت المنزل دون فحص هذا المقابض، سيفسد أيا كان ما أقوم به بسبب الذعر والقلق الشديدين.
وأنا لا أفعل هذا لأنني أستمتع بتفحص الموقد أو لأن تفحص الموقد يمنحنى شعورًا بالراحة. بل أفعل ذلك لأنني أعرف أنني إن لم أتفحص الموقد سيحترق المنزل وستحترق الأشياء والأشخاص الذين أحبهم أكثر من أي شيء، وسيكون كل هذا بسببي. فما قد يبدو لأي شخص آخر قلقًا صغيرا ومقتضبًا يبدو لي أنا ككابوس مرتقب سيدمر حياتي.
إذا كنت أمر بمرحلة سيئة في أسبوع معين أو حتى عدة أسابيع، فأي شيء تقريبًا قد يثير الوسواس القهري. نوبة القلق قد تتحول إلى نوبة فزع تستمر لأسبوعين. والفكرة الواحدة قد تنمو إلى هوس أو ما هو أسوأ.
ذات مرة، كنت أقود سيارتي واصطدمت بشيء في الطريق. وفي غضون دقائق، أقنعت نفسي بأنني قد دست طفلا وقتلته، حتى بعد أن رأيت بوضوح في المرآة أنني لم أدس أحدًا. واستمررت بالقيادة حول هذا المكان فقط حتى أتأكد أنني لم أدس أحدًا. وعندما أجبرت نفسي على العودة إلى المنزل كان علي أن أفتح جوجل لأتأكد أن أحدًا لم يبلغ عن حادث تصادم وفرار.
لا تحتاج الأفكار الوسواسية لأن تكون مبنية على أحداث حقيقية. فعلى ما أذكر أنني كنت دائما قلقة من الإصابة بالسرطان. ولايوجد في تاريخ العائلة على قدر معرفتي ما يجعلني أقلق من الإصابة بهذا المرض. ولكن كل بداية تورم، من القرح الجلدية وحتى الشعور الوهمي بشيء في إبطي، قد يتحول إلى خوف حقيقي من الإصابة بالسرطان.
أنا أتخيل الأشخاص غير المصابين بالوسواس القهري يستخفون بهذه الأفكار كأشياء تافهة “إنها مجرد عثرة في الطريق”، “إنها مجرد قرحة جلدية”. بالنسبة لي، فالأمر يتحول على الفور إلى أزمة يجب أن أجد طريقة لأتعامل معها عاطفيا.
عندما أخبر الناس بأفكاري الوسواسية، عادة – إذا كانوا على علم بحالتي – يخبرونني بأن هذه الأفكار مجرد جزء من المرض. وأنا أتخيل أن هذه هي طريقتهم في محاولة تهدئتي “أنت لديك وسواس قهري، وتعلمين أن هذا جزء منه، لذا يجب أن يكون نسيانه سهلًا”.
الحقيقة هي أنني أعرف أن هذه الأفكار ليست عقلانية. وأنا أنظر للأمر على أن لدي شخصين في عقلي: الأول هو أنا، والآخر هو الصوت المتواصل للوسواس القهري والقلق. وأنا أريد أن أجعل صوت الوسواس القهري يختفي، لكنه موجود دائمًا. أحيانًا أستطيع أن أهدئه، ولكن الأمر يشبه التعامل مع شخص آخر داخل عقلي، وقوة رأي هذا الشخص تعادل قوة رأيي أو أكثر بناءً على شدة قلقي، فهو نقاش داخلي متواصل، وأنا أدرك أن هذه ليست الطريقة التي يُفترض أن يعمل بها عقلي.
مثل اضطرابات القلق الأخرى، يمكن أن يأتي الوسواس القهري ويذهب حسب ما يجري في حياتي أو ما يحدث بداخل عقلي. ففي بعض الأيام، يمكن لأي شيء حرفيًا – مثل عثرة الطريق – أن يبدأ فكرة وسواسية. وفي أيام أخرى، أستطيع بسهولة أن أصرف فكرة أن عملا واحدا غير ضار يمكن أن يؤدي إلى انهيار حياتي بأكملها. وتتراوح معظم الأيام بين هذين النقيضين.
ليست الأيام السيئة عشوائية بالضرورة، مع أنها قد تبدو كذلك. ففي بعض الأيام، قد أرى شيئا من حولي – سواء على التلفاز أو في الأخبار أو في حياتي الشخصية – يكون بداية لفكرة سيئة عن نفسي. أستطيع أن أجتازها أحيانا. ولكن في أحيان أخرى تنمو هذه الفكرة إلى هوس بحيث تكون مجرد الإشارة للموضوع تُشعرني بالخجل فلا أستطيع التفكير بشيء آخر، وأصاب بالقلق الشديد.
الدواء الذي آخذه يجعل هذه اللحظات أقصر وسهلة المنع أكثر. ولكنها تظل تحدث ويمكن أن تكون بنفس درجة الشدة.
من المهم أن يدرك الناس هذا لأن هناك أيامًا سأقول فيها أنني سأبقى في الفراش ولن أقوم بعمل شيء لأن عقلي خارج السيطرة. وقد تتبعها أيام أكون فيها مستعدة للخروج مع الأصداقاء والعائلة وقضاء وقت طيب. أنا فقط لا أتحكم بوقت حدوث كل هذا.
السبب الذي يجعلنى ألزم الفراش في بعض الأيام هو أن كل شيء حرفيا – من تحضير الطعام وحتى ألعاب الفيديو – يصبح أكثر صعوبة عندما يكون الوسواس القهري في ذروته. وإذا كنت أقوم بعمل شيء يجعل عقلى نشطًا، يكون من السهل أن تتسلل الأفكار الوسواسية وتستحوذ عليَّ. قد لا يبدو الأمر منطقيًا، فنظريا، الإلهاء يجعل التخلص من الأفكار الوسواسية شيئًا سهلًا. ولكن هذه الأفكار تكون من القوة بحيث يكون من المستحيل التفكير بشيء آخر، ناهيك عن جلب الإلهاءات.
أنا لا أعمل، ولكني أقضي معظم يومي في أعمال المنزل (الطهي والتنظيف والعناية بحيواناتي الأليفة) والاستمتاع بهواياتي (ألعاب الفيديو والتلفاز والأفلام وممارسة الرياضة). وحتى هذه الأنشطة البسيطة والمسلية قد تصبح مربكة، لأنها تتحول إلى مناقشة مع عقلي نفسه بدلًا من القيام بها.
إذًا فأنا لا أرقد في الفراش أو أرفض الخروج لأنني كسولة، بل لأن هذا يُطفئ عقلي ويضع الأفكار السيئة جانبًا لبعض الوقت.
6- يمكننى بالعقلانية أن أطرد الأفكار السيئة، ولكنها غالبا ما تعود.
التعامل مع أفكاري قد يبدو مثل المونولوج للشخص الغريب. فأنا أحتاج بالضرورة إلى أن أجادل عقلي ذاته، حتى أجد طريقة تصلح لتجعلني أنحي الأفكار الوسواسية جانبًا.
هل سأترك المنزل ليحترق إن لم أفحص موقد الغاز والفرن مرة أخرى؟ لا، لقد فعلت ذلك مرة بالفعل. حتى أنني تحسست الموقد ومقابض الغاز لأتأكد أنهم في أماكنهم. ولكنى ربما اصطدمت بأحد المقابض بينما أتفحصها فحركتها من مكانها. حسنا، إذا سأتفحصها مرة أخرى. وربما بعد ذلك تكون الأمور على ما يرام. أو ربما لا.
ولكن فقط لأنني أروض أجد الأفكار الوسواسية في ليلة معينة، لا يعنى هذا أنها ذهبت للأبد. إذا كنت أحظى بفكرة سيئة بالتحديد، فمن المحتمل أن تعود إلي في اليوم التالي، والتبرير الذي جعلني أهدأ من قبل سيكون أقل تأثيرًا.
بالنسبة إلي، فالطريقة التي تعمل فعلا للتحكم بالوسواس القهري لدي هو أن أسحق الفكرة الوسواسية على مدار مدة زمنية طويلة. ولفعل ذلك، فأنا ألقي نظرة على أسوأ سيناريو ممكن أن يحدث حرفيا، لنقل: ما طول المدة التي سأقضيها في السجن لو كنت قد دهست طفلا حقا؟ وأقوم بالتصالح مع هذه الفكرة، مقنعًا نفسي أن بإمكاني التأقلم مع هذا الوضع. ويكون علي أن أكرر هذا المنطق لنفسي مرارا وتكرارا في بعض الأحيان، ولكنه يثبت في النهاية ويسمح لي بالراحة.
7- لا تجعلنى أقنعك بأن لدي وسواس قهري.
أحد أسوأ الأشياء هو أن يتساءل الناس ما إن كان لدي وسواس قهري أصلا. أحيانا أسمع أشياء مثل “أنا لا أراك تنظف كثيرا، ربما لست مصابا بالوسواس القهري”.
وهذا في الحقيقة قد يجعل وسواسي أسوأ، لأن أحد ميكانيزمات التعامل مع الوسواس القهري الرئيسية هي معرفتي أنني مصاب به. والشك في ذلك وجعلي أشرح أن لدي فعلا وسواس قهري في حين أنني عادة أعاني من عدم الثقة بالنفس بسبب الأفكار الوسواسية، يجعلني أشك بنفسي أكثر. وهو آخر شيء أريده عندما أكون مصابا بالقلق أصلا وأتعامل مع أفكار خارجة عن السيطرة.
أفضل شيء تقدمه لي هو ألا تشك في إصابتي بالوسواس القهري وبدلا من ذلك قم بسؤالي عن ما يمكنك أن تفعله لمساعدتي. كن إنسانًا. كن عطوفا ومتفهما. آخر شيء يحتاجه شخص يحركه القلق وعدم الثقة بالنفس، هو المزيد من القلق.