العدد 4941 - الخميس 17 مارس 2016م الموافق 08 جمادى الآخرة 1437هـ

فخرو: أمامنا «سايكس بيكو» جديدة... والعرب مشغولون بصراع طائفي

فخرو: الدول العربية يحدث عندها ربيع يؤدي إلى ماذا؟ - تصوير عقيل الفردان
فخرو: الدول العربية يحدث عندها ربيع يؤدي إلى ماذا؟ - تصوير عقيل الفردان

قال المفكر علي فخرو إن «الوطن العربي اليوم أمامه «سايكس بيكو» جديدة تتكرر، غير أنه مشغول عن مواجهتها بصراع بليد بين الشيعة والسنة».

وبيّن فخرو في ندوة قدمها في مقر جمعية «وعد» في أم الحصم، تحت عنوان (مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو: اتفاقية سايكس بيكو تتجدد)، مساء الأربعاء (16 مارس/ آذار 2016) أنه «من دون قيام كتلة تاريخية تتبنى المشروع النهضوي بالوحدة العربية، وتبنى وحدة عربية متراصة لا تعترف بالحدود، لن يكون هناك حل لواقعنا».

وأشار إلى أنه «بدون ذلك فإنه كل مئة سنة ستأتي لنا سايكس بيكو جديدة، ويمكن بعد مئة سنة جديدة أن تأتينا سايكس بيكو جديدة تضيف إلى مآسينا مآسي جديدة».

وقال في مستهل الندوة «اتفقت الدول الغربية مع السلطان عبدالحميد آنذاك، وكانت الخلافة العثمانية ضعيفة وقتها، فأخذوا منه مناطق غنية في الأناضول لروسيا وقبرص ومصر لبريطانيا، وعن تونس لفرنسا وعن ليبيا لإيطاليا وعن البوسنة والهرسك للنمسا، إذن كانت هذه الدولة في اضعف حالاتها، وكان ذلك قبل أربع سنوات من اتفاقية سايكس بيكو».

وأضاف فخرو «وقبل سنتين من ذلك كانت أعطت وعداً قاطعاً إلى الشريف حسين بإعطائه دولة واحدة ومستقلة إذا قام العرب بمحاربة الأتراك الذين انضموا إلى الجانب الألماني في الحرب العالمية الأولى، واعتقد بعض العرب وقتها أن ما قدم لهم من وعود كان وعد شرف، ولكنه بمجرد أن أعطي العرب هذا الوعد اجتمعت بريطانيا وفرنسا ومن دون علم أي جهة عربية على الإطلاق، وتبين لهم أنه يجب إعلام روسيا القيصرية بذلك، وتم توزيع المناطق الخاضعة للدولة العثمانية بينهم، وطوال 18 عاماً لم يعرف الشريف حسين شيئاً عن ذلك، وعندما علم بعد ذلك طمأنته بريطانيا بوعود جديدة».

وتابع «نحن أمام مجموعة من الخطوات التي تمت آنذاك، وما يهمنا لاستعادة تلك الذكرى المشئومة هو أن نسأل أنفسنا هذا السؤال، هل أن الغرب الاستعماري في طريقه إلى إتمام ما بدأته اتفاقية سايكس بيكو ليس على المشرق العربي فقط، بل على الوطن العربي بأكمله من مشرقه ومغربه؟».

وأردف «كل الدلائل تشير إلى أن الجواب نعم، وأوجه الشبه بين سايكس بيكو السابقة والحالية عديدة ومنها، الاعتماد كليا على الخارج، الشريف حسين كان معتمدا بشكل كلي على ما ستفعله له بريطانيا وفرنسا وأيضا إيطاليا، أليس الأمر ذاته اليوم حاصلاً، فمن يلعب في سورية الآن، أميركا وروسيا وتركيا وإيران، وقس الأمر ذاته على العراق وليبيا واليمن، نحن نعتقد أن المال العربي له تأثير هنا أو هناك، ولكن ذلك ليس صحيحاً، اللاعبون الأساسيون هم غير ذلك».

وواصل «نحن حتى حضور بعض الدول العربية هو حضور كأدوات، وهذا يذكرنا بالضبط أن المعركة ضد تركيا آنذاك وبعدها ألمانيا كان العرب يلعبون كأدوات، واليوم يلعبون كأدوات أيضاً والاستراتيجية توضع في مكان آخر».

وأكمل فخرو «الذي يجري الآن في كل الأرض العربية، هل نعرف أي اتفاقيات حادثة بين تلك الدول؟، اليوم أميركا وروسيا يلعبان الدور الأكبر في سورية، فهل نعرف هل هناك توافق ما بينهما؟، هل نعرف الدور الصهيوني مع أميركا في الربيع العربي اليوم؟، هل نعرف عن الخروج الروسي من سورية؟، ما نقرأ عنه هو كله تكهنات، ونحن لا نعرف سبب ذلك، هل نعرف الصورة النهائية لوضع سورية أو ليبيا، روسيا تتحدث عن اتحاد فيدرالي، والى اليوم لا يوجد سياسي عربي تحدث انه يعرف ما الذي يدور من حولنا، هل نعرف الصورة النهائية لمصير «داعش»، هل سيكون احتواء أو إنهاء لهذا الوجود، ما أود قوله إن السرية التي غطت اتفاقية سايكس بيكو هي السرية ذاتها التي تغطي الواقع اليوم، اليوم العرب لا يعرفون، بينما الآخرون هم الذين يقررون في الكواليس».

وأشار إلى أن «سايكس بيكو قسمت الهلال الخصيب، الآن ألا يجزأ المجزأ، أليست هناك محاولة لذلك؟، اليمن وسورية أغلب الظن أنهما سيجزآن، والعراق وليبيا هناك فرص لذلك، إذن في الماضي هناك جُزءٌ معين جُزِّئ من الوطن العربي، والآن يخطط لتجزئة الكل، الآن هناك كتابات تتحدث عن تقسيم حتى مصر».

وأفاد «انظروا إلى موضوع الأكراد، لولا أن تركيا تمانع من إنشاء دولة كردية لتم لهم ما يريدون من دولة مستقلة، والعرب لا يستطيعون فعل شيء».

وأضاف فخرو «عندما كانوا يقومون بوضع تلك الاتفاقية، الشريف حسين وابنه فيصل كانا معنيين بالمنطقة التي يريدانها، ولم يكن هناك حديث عما تفعله فرنسا في المغرب العربي، ولا ما كانت تفعله بريطانيا بمصر، اليوم كل دولة عربية معنية فقط بشئون دولتها، لذلك ليس مستغرباً الموقف الحالي من القضية الفلسطينية، والحديث عن أن هذه القضية تخص الفلسطينيين فقط».

وذكر «نحن في الماضي عندما حدثت سايكس بيكو، ماذا كان الرد عليها، أنت تقول إن الرد كان التوحد ضدها، ولكن مصر وسورية توحدتا ثلاث سنوات وانهارت بعدها الوحدة، حزب البعث يحكم العراق وسورية ولكنهما لا يتوحدان، الاتحاد المغاربي ينهار بسبب موضوع الصحراء الكبرى، فهل هذه دول عاشت اتفاقية سايكس بيكو؟، كل محاولات الرد على هذه الاتفاقية كانت فاشلة».

وأشار فخرو إلى أنه «بعد عام واحد فقط صدر وعد بلفور، ماذا كان رد الدول العربية على وعد بلفور؟، اليوم هناك دول عربية تتبنى وعد بلفور وخلفها مثقفون وإعلاميون، نحن لم نسكت فقط على سايكس بيكو، بل زدنا على ما أرادته الاتفاقية أكثر».

وأكمل «قلنا سابقا إن العرب وضعوا بيضهم كله لدى بريطانيا، ألسنا اليوم نضع بيضنا كله في سلة الولايات المتحدة؟، اليوم الجامعة العربية لم يعد لها وجود، بل إنها سمحت للغرب أن يدخل ليبيا بمباركتها، أنا أتكلم بقسوة لأن الوضع العربي ما عاد يطاق، هذه الدول لم يعد لها ذرة من عقل».

وواصل فخرو «وهذا الصراع السخيف البليد بين الشيعة والسنة والإتيان باختلافات مذهبية ليس لها معنى ولا قيمة ولا ترتبط بهذا العصر، ولكن هذه الأمور تخرج الناس بالملايين، انظر إلى ما يجري في العراق الآن، سواء من هم مع أو ضد؟، أمة تعرضت إلى سايكس بيكو تفعل هذا الأمر بنفسها؟».

وشدد «في السابق كانت هناك أحزاب وطنية أمام أحزاب قومية، واليوم هناك أحزاب شيعية أو سنية أمام أحزاب وطنية، القومية لم تعد موجودة، بالأمس كنا على المستوى الوطني أو القومي، أما اليوم نحن أمام المستوى المذهبي والقبلي والوطني».

وقال فخرو «هذا التمزق الطائفي لم يكن موجودا أيام سايكس بيكو الأولى، لنتمعن في موضوع الهوية الوطنية أولاً، هناك تراجع كبير في أرضنا، في الأربعينيات كان حزب البعث القومي وفي الخمسينيات الناصرية واليوم ماذا؟ داعش؟».

وتساءل «الدول الأوروبية الشرقية يكون لها ربيع ينتهي بالديمقراطية، والدول العربية يحدث عندها ربيع يؤدي إلى ماذا؟، ما أود قوله، إننا لم نفعل شيئاً قبال سايكس بيكو الأولى، وكذلك الثانية، والسؤال الآن هل هناك حل؟، نعم هناك حل، الدول العربية لا يمكن الاعتماد عليها اليوم، لكن ماذا عن الشعب العربي، ماذا عن المجتمع المدني للشعب العربي؟».

وذكر أن «الكثيرين يتحدثون عن أنهم جزء من الربيع العربي، في مصر ما أن سقط النظام السابق حتى توزع الناس بين التيارات والأحزاب، لذلك أقول بكل صراحة أقول، من دون قيام كتلة تاريخية تتبنى المشروع النهضوي بالوحدة العربية، وتبنى وحدة عربية متراصة لا تعترف بالحدود، لن يكون هناك حل لواقعنا».

وختم فخرو «الآن على المجتمع العربي المدني أن يشكل تيارا كبيرا يتبنى هذا المشروع ويتناغم مع هذه الأهداف، ولكن من دون ذلك فإنه كل مئة سنة ستأتي لنا سايكس بيكو جديدة، ويمكن بعد مئة سنة جديدة أن تأتينا سايكس بيكو جديدة تضيف إلى مآسينا مآسي جديدة».

الحضور يتابعون حديث المفكر علي فخرو
الحضور يتابعون حديث المفكر علي فخرو

العدد 4941 - الخميس 17 مارس 2016م الموافق 08 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:00 ص

      دكتور فخروا

      الكلام اللي تقوله جميل لكن الجمهور من الشعب ما يستوعبه ، يحتاجون لاعادة تأهيل و تدريب على احترام اصحاب المذاهب الاخرى و التسامح و نبذ الاطرف و تقبل الاخر بغض النظر عن اصله وفصله و دينه و مذهبه ولونه بعدين ثقفهم في السياسه !

    • زائر 5 زائر 4 | 4:08 ص

      شكرًا لدكتور علي محمد فخرو

      شكرًا لدكتور على الطرح ونعم الأخ الناصح المربي

    • زائر 3 | 1:57 ص

      من يسمعك ؟

      محد ! شغلوا الناس بالطائفيه و بأسعار اللحم و البترول والكهرباء ! ولما الناس طالبت بحقوقها قمعوهم و بأمر من النصف الثاني من الناس اللي تمصلحوا من وراهم و فرحوا بسجن و قتل و حرمان غيرهم من الوظائف

    • زائر 1 | 12:54 ص

      كل الإحترام والتقدير إلى المفكر الدكتور علي فخرو

اقرأ ايضاً