العدد 4939 - الثلثاء 15 مارس 2016م الموافق 06 جمادى الآخرة 1437هـ

من مسابقة "الوسط" للقصة القصيرة: أختي (لطيفة راشد الميل)

قصة قصيرة -  لطيفة راشد الميل
قصة قصيرة - لطيفة راشد الميل

عندما جاءت إلى هذا العالم... كنت أقسو عليها... أعنِّفها... أضربها .. كنتُ صغيرةً جداً وكان شعور الغيرة يتملَّكني تجاهها بشدة لأنها أصغر مني وتنال تغنيجاً أكثر مني... ولا أستطيع كبت شعور الغيرة هذا أبداً، بعد أعوامٍ كثيرة كبرتُ وتعرَّفت على أختي أكثر فأكثر... أدركت أنها كانت تستحق كل ذلك التدليل والاهتمام، فلقد أدركتُ أنها معاقة عقلياً! كنت طفلة صغيرة آنذاك ولا يُعتب عليَّ لتصرفاتي القاسية معها.. أنا الآن أشفق على أختي كثيراً .. فهناك صنف سافلٌ من الناس يعاملها بجفاء... ينبذها... يسخر منها... يهزأ بقدراتها... كان بيتنا قبل مجيئها لهذه الدنيا يعج بالناس، لكن بعد أن جاءت وكبرت وظهرت إعاقتها... أصبح بيتنا فارغاً من الناس تماماً... فقط لأنها موجودة فيه! أذكر مرة من المرات كنا جالسين مع الأهل فخاطب أحد المعارف أمي قائلاً: كيف سيتقدم الشباب لخطبة ابنتكِ الكبيرة وأختها معاقة! نعم قالها بشحمة لسانه!... بلا أدنى إحساس لأمي التي انهارت من الداخل، وأختي معاقة... هل هذا عيب؟ وأذكر موقفاً آخر قبل أربع سنوات... كانت أختي تبلغ الثامنة، قال أحد معارفنا لأمي: لا تحضري ابنتكِ في يوم خطبتي كي لا تحرجنا! يا لهذه الوقاحة! وهناك مواقف كثيرة أخرى لهكذا أشخص، وعربداتهم الحقيرة لا تنتهي وأظل أتألم لرؤيتها حتى اليوم... نعم حتى اليوم! لكن من بعد هذا اليوم... لن أدع هذا التعدي السافر على أختي يمر مرور الكرام... سأدافع عنها... لن أرحم أي معتدٍ حقير يطلق عنان عربداته على أختي، إن الإعاقة ليست عيباً، ولن أدع أي شخص دنيء يتعدى على هذه الوردة التي باتت تذبل من أفعال البعض السافلة... صحيح أنها معاقة لكنها تملك الكثير من الأحاسيس... ليست خالية من المشاعر، هناك فارقٌ صغير بين عمري وعمرها وهو أربع سنين، لذلك أراها تتبعني أينما ذهبت، تكثر من تقبيلي على رأسي... وحتى على قدمي.. أشعر بالندم عندما أعنفها في بعض المرات فهي تحبني حباً جياشاً لدرجة أنني سمعتها مرة من المرات تلفظ اسمي وهي نائمة... كدت أن أبكي... هي حبي وحياتي ولن أسمح بإيذائها حتى مماتي.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 9:21 ص

      الشكر لكم إخواني على مؤازرتكم

    • زائر 11 | 3:12 ص

      رائع

      جميل جدا ... كأني أشاهد فيلم مؤثر
      وكم نحن بحاجة لثقافة قبول هذه الفئة
      سلمت يداك

    • زائر 10 | 1:18 ص

      بارك الله فيش وجزاك الله أحسن جزاء. كلام وتصرفات بعض الناس يدل على جهل واستهتار

    • زائر 9 | 12:47 ص

      ليش الاعادة

      هالقصة عرضتوها من اسبوعين ... صج مؤثرة واتخلي العين تدمع ..... االه يصبركم ويحفظكم

    • زائر 8 | 11:48 م

      الحمدلله على كل حال

      الامر كله بيد الله فكم من معافى يبتلى بمرض يفقده عقله وصحته . اما بخصوص فصة الاخت فهذه تتكرر في اكثر من بيت لذالك يجب علينا جميعا ان نشعر بالخطأ ونعالجه وهي النظرة لذوي الإعاقة ولذويهم

    • زائر 7 | 9:51 م

      تكملة احمد

      بارك الله فيكِ وجعلكِ ذخراً لوالديكِ ولشقيقتكِ ونصيحةً مني اذا سخر شخص من اختكِ فلا تنفعلي ولا تتضايقي بل ادعي ان شاء الله يرزقه بأبتلاء جزاء سخريته.

    • زائر 6 | 9:48 م

      احمد

      الله يخليكم لبعض (انا افضل كلمة من ذوي الأحتياجات الخاصه على ان استخدم كلمة معاقه عقلياً)بعض الأحيان يكون الأنسان الصحيح العقل هو من يحتاج للرعايه وعلاجه من مرضه الشديد وهو مرض السخريه من الآخرين لأن الأنسان الذي يولد وهو غير مدرك لعقله وحواسه هو إنسان طاهر من الأخطاء وبالتالي هو إنسان يتقرب بهِ ِ الى الله من خلال الأهتمام به وعدم مضايقته ليست العباده في الصوم والصلاة فقط ولا يستعر منهم مثل ذلك الشخص الذي يقول لا تحضروها في خطوبتي فعلاً أحياناً كلنا نحتاج لمثل هذِهِ الدروس وبارك الله فيكِ ِ .

    • زائر 5 | 9:26 م

      أيضا من أكثر ما يؤلم أن يحتاجك صديقك لتساعده ولا تساعده رغم استطاعتك! بعدها وحين يطوف الزمن تستذكر الأمر وتتمنى لو أنك لم تخذل صديقك وهو بأمس الحاجة لك وتتمنى لو أنك قمت بالوفاء له وحمايته ودفع الأذى عنه ومساعدته بما تستطيع أن تساعده به!

    • زائر 4 | 9:01 م

      وأيضا من أكثر ما يؤلم أن يحتاجك صديقك لتساعده ولا تساعده رغم استطاعتك! بعدها وحين يطوف الزمن تستذكر الأمر وتتمنى لو أنك لم تخذل صديقك وهو بأمس الحاجة لك وتتمنى لو أنك قمت بالوفاء له سواء كان يحتاج لمال أو حمايته أو دفع الأذى عنه ومساعدته بما تستطيع أن تساعده به!

    • زائر 3 | 9:01 م

      الندم مؤلم
      من أكثر الأمور التي أندم عليها في صغري بأنني كنت أضرب أخي الصغير كثيرا وأؤلمه ولا أدري ما السبب من ذلك! الآن بعدما كبرت في السن! هل هو غيره؟ حسد! لا أظن! كان أمرا غريبا! ربما لأنه كان لا يطيعني! لكنه كان صغيرا لا يفهم كيف يطيع! وأنا أيضا واقعا كنت لا أفهم واقعا! أكثر شيء يجر للندم هو أنك تتذكر كيف أنك تسببت بإيلام إنسان صافي القلب وبريء لم يقصد مضرتك ولم يتسبب بها! لكنك بجهلك تؤلمه دون تأني وتفكر في لحظات ضعفه ولا تراعي أنه في لحظات ضعفه كان لا حول له ولا قوة وكان يحتاجك أن تراعيه

    • زائر 2 | 8:57 م

      ما ادري شقول لكن تاثرت وانا اقرأ شلون يرضون لانفسهم جذي ؟ ما يدرون ان الله خلقهم مثلنا حالهم من حال كل البشر اليهم احساس و عاطفه و حنان ويحسون واليهم رحمه
      الحمد لله رب العالمين فيه ناس عندها نعمة و تتكبر و تتطاول على غيرها بدون احساس و ضمير ما يلون انفسه بنفس الوقف وا يسعون روحهم هالكلام و التعليق اللي يقطونه على البشر ما عنده احترام للانسانية
      ما يتفشلون من المنافقين الجدابين و الحرامية بس يتفشلون من خلقه الله نحمد الله و نشكره على كل حال

    • زائر 1 | 8:23 م

      بارك الله فيش! حتى انا كنت أضرب أخوي الصغير واجد لما كنت صغير! لما كبرت صرت افكر في هالشي واحس بالندم! كنا أطفال ما نفهم! لكن الندم مؤلم!

اقرأ ايضاً