بعد شهرين تقريبا من إعلان إدارة شئون الجمارك رفع الضرائب إلى 200 في المئة على واردات السجائر، وخلو منافذ البيع من جميع أنواع السجائر، حلت الأزمة لكن ليس كما صرحت به الإدارة بأن قيمة علبة السجائر الأميركية لن يتغير سعرها بتاتًا، في حين أن باقي الأنواع يمكن أن تزداد أسعارها بواقع 200 فلس على أعلى تقدير، وإنما تم رفع السعر إلى 50 و40 في المئة على جميع الأنواع بما في ذلك السجائر الأميركية ليصل سعر العلبة إلى دينار و500 فلس ودينار و400 فلس بحسب النوع.

وجاء في نص بيان الجمارك «في ضوء قرار السلطات الجمركية تطبيق الرسوم الجديدة على التبغ على إجمالي الشحنات المستوردة والتي لن تزيد أسعار المنتجات التي يستخدمها الأفراد بعد عملية البيع بالتجزئة أكثر من 200 فلس فقط كحد أقصى، وبذلك فإن علبة السجائر التي كانت تباع بقيمة دينار واحد بحريني سيصبح سعرها ديناراً ومائتي فلس فقط، أما أسعار السجائر الواردة من الولايات المتحدة الأميركية فستبقى كما هي بدون تغيير بموجب اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع الولايات المتحدة الأميركية».

بداية فإن رفع نسبة الضرائب إلى هذا الحد «200 في المئة» لم يمرر على مجلس النواب «أو ربما مرر من دون علم أحد ومن دون إعلان ذلك»، الأمر الآخر أن إدارة شئون الجمارك لم تذكر النسبة السابقة التي كانت تفرضها على استيراد السجائر، ولماذا إتخذت هذه النسبة العالية، فمنظمة الصحة العالمية طالبت دول العالم في التقرير الذي أصدرته في العام الماضي تحت عنوان «الوباء العالمي للتبغ 2015» بزيادة الضرائب المفروضة على التبغ بنسبة 75 في المئة إذ أشار التقرير إلى أنه «على رغم أن 33 بلداً يجمع رسوماً تمثل أكثر من 75 في المئة من سعر البيع في التجزئة لعلبة السجائر، فإن دولاً كثيرة أخرى تفرض معدلات ضريبية منخفضة للغاية، وإن دولاً معينة لم تفرض حتى أية ضريبة خاصة على منتجات التبغ»، ويشير التقرير إلى أن أعلى نسبة من الضرائب المفروضة على التبغ في العالم لا تتعدى 82 في المئة وهي في القارة الأوروبية، وأميركا الجنوبية، فمثلاً في فنلندا تبلغ الضرائب على السجائر 81.53 في المئة، وفي فرنسا 80.30 في المئة، وبولندا (80.29 في المئة)، سلوفاكيا (81.54 في المئة)، تركيا (82.13 في المئة)، بريطانيا (82.16 في المئة)، وتبلغ الضرائب على علبة السجائر في كندا (69.80 في المئة)، وفي الولايات المتحدة (42.54 في المئة).

جمعية حماية المستهلك البحرينية أصدرت بيانًا في (27 فبراير/شباط الماضي)، على لسان رئيسها المهندس ماجد ناصر شرف دعت فيه كلاًّ من شركات السجائر والجهات المعنية في الدولة إلى سرعة حل الخلاف الدائر بينهما بخصوص تسعيرة السجائر وذلك لتهدئة سوق السجائر الذي يشهد حاليا العديد من الممارسات غيرالمقبولة من التلاعب بالتوزيع والتخزين، واضطرار البعض إلى السفر إلى الدول المجاورة للحصول على السجائر الخاصة به.

البيان أكد أنه توجد كميات من شحنات السجائر في موانئ البحرين بانتظار الوصول إلى اتفاق بشأن سعر السجائر ، إذ حدث إشكال فني في معادلة تسعيرة السجائر بعد التصريح الذي بثته وكالة أنباء البحرين في (9 فبراير 2016) بشأن الأسعار الجديدة للسجائر والذي لم تتفق معه شركات السجائر. وأضاف أن اهتمام الجمعية بهذا الموضوع لا يعد تشجيعا منها على التدخين بقدر ما هو اهتمام الجمعية بمبدأ إستقرار السوق والمحافظة على آلية معادلة العرض والطلب وفق نظام اقتصاد السوق الذي تتبعه البحرين.

قد يتحاشى الجميع الخوض في مثل هذا الموضوع، خوفا من اتهامهم بالتشجيع على التدخين، لكن، ما تجب الإشارة إليه هو أن المدخنين ليسوا مجرمين لا يجب الدفاع عنهم، وإنما يعاملون في كثير من دول العالم المتحضر كمرضى تجب معالجتهم، كما أن المدخنين يبقون مستهلكين لبضاعة معينة، وهذه البضاعة ليس من الصحة احتكارها من قبل شركات محددة فقط، وإنما يجب أن يفتح السوق للمنافسة، وإلا كان ذلك بمثابة تفضيل هذه الشركات وفتح المجال لها للحصول على المزيد من الأرباح على حساب المستهلكين.