يؤكد «ريتشارد باخ» في رائعته «النورس جوناثان» أهمية الصمود والإصرار على تحقيق التميز والفرادة حتى وإن تسبب ذلك في الخروج عن السرب والتغرّب عن الجماعة. يحكي العمل قصة نورس لم يقبل بواقع وجوده ضمن جوقة، وآثر أن يتعلم الجديد ويحلق عالياً وبسرعة أكبر مما تعلم في صغره، فقد اعتادت النوارس على التحليق بطيران منخفض وبطيء يتيح لها الحصول على فضلات السفن، وما تمده لها أيدي المسافرين، وهو أقصى ما كانت تحلم به وتسعى إليه، إلا أنه كان يقف وحيداً ويحاول الطيران عالياً بسرعة كبيرة قياساً بما تعلمه وما يعيش عليه بقية أقرانه.
وعلى رغم تحذيرات والديه له ومحاولاتهما المتكررة لثنيه عما كان يفعل، وعلى رغم سقوطه المتكرر، وتعرضه للأذى إلا أنه استمر وحاول حتى استطاع أن ينجح في الطيران بسرعة سبعين ميلاً في الساعة، وعندما كانت سرعته تصل لذلك المعدل كان يفقد توازنه ويسقط سقوطاً مدوياً، وبعد عدة محاولات استطاع أن يزيدها إلى تسعين ميلاً في الساعة لكنه عاود الارتطام بصخرة أفقدته الوعي، وعندما أفاق كان قد تملكه اليأس قائلاً في نفسه إن الله لو أراد له أن يكون قوياً لخلق له جناحي صقر، وقرر العودة لسربه قبل أن يجد طائر الباز بأجنحته القصيرة، وهو يطير بقوة وثبات فكرر المحاولة وهو يضع طريقة طيران الباز أمام عينيه، وكانت المفاجأة أن سرعته تجاوزت المئة ميل في الساعة من دون أن يسقط، وبهذا استطاع أن يصنع معجزة في تاريخ النوارس.
المفاجأة أن النوارس رفضت ما توصل إليه، واعتبر كبيرهم ما قام به جوناثان خزياً وعاراً لأنه خرج عما خُلِقَت النوارس من أجله، وهو أن تقتات على فتات الطعام، وأنه يثير الفتنة بين النوارس ويجعلها تحلم أحلاماً أكبر منها، وقرر إقصاءه ونفيه عن السرب. وعلى رغم محاولات جوناثان لتغيير طريقة تفكيرها وإقناعها أن التحرر من التبعية والشعور بالكرامة أمران يبعثان السعادة إلا أن النوارس ابتعدت عنه وتركته في وحدته وشعوره بالخذلان، فرحل وهو يحلم بتعلم الكثير. استمر جوناثان في محاولاته وتعلم الكثير من الطيور التي كان يرافقها حتى غلبه الحنين ورغبته في تعليم أهله ما تعلمه فقرر العودة للسرب واستطاع أن يعلم عدداً من النوارس الصغيرة ما تعلمه وكان دائماً ما يقول لها: «حطم محدودية أفكارك وخيالك ستتحطم محدودية جسدك الذي سيستجيب لما تريد فعله». أبهر جوناثان وتلاميذه الذين زاد عددهم بقية السرب بما وصلوا إليه من مهارة في الطيران والحصول على طعام جيد بسهولة، وانضمت نوارس أخرى إليه وظل صوته يردد: الحرية هي صميم الوجود وأي شيء يعوقها يجب إزالته.
قد يكون جوناثان بطل رواية أدبية لكنه موجود في الواقع في كل مجتمع، فمن يريدون التغيير كثيرون ومن يحاولون التغيير كثيرون، ومن يتعرضون للتسقيط والمحاربة من هؤلاء أيضاً كثيرون، ومع استمرار المحاولة واستمرار الرغبة في التغيير نحو الأفضل لابد أن ينجح من يؤمن بفكرته مهما طال الزمن ومهما زادت الخسارة قبل بلوغ الهدف.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4937 - الأحد 13 مارس 2016م الموافق 04 جمادى الآخرة 1437هـ
غير صحيح الحرية ليست صميم الوجود .الحرية في حدود وضوابط الدين والأخلاق والعرف والقيم . الحرية إذا استغلت استغلال خاطيء تدمر الإنسان و المراهق إذا اعطي حرية دمرت حياته ومستقبله. والمرأة أيضا لها حدود في حريتها تبعا للدين والا أصبحنا مثل الغرب تفعل المرأة ما تشاء .إنجاب أطفال بلا زواج حرية زواج المثليين حرية .الحرية لها حدود وضوابط وكثير من الناس يستخدمون هذه الألفاظ ولا يعون مدى خطورة هذا اللفظ في نشره للمجتمع والأسرة والمدارس والنساء واستخدام الحرية بشكل غير صحيح يهدم مجتمع .
صباح الخير
مقال جميل وذو معنى عميق لو كل البشريه استسلمت بهاده السهولة ولم يقاوم أحد برغم تكسير العظام والسجن والاعدامات والتجريح لعاشت البشريه حياة ظنكئ مسودة كما قال أحد الشعراء كون حر في قبرك ولا تكن كا كاالدميه والعبودية وانت على قيد الحياة