العدد 4935 - الجمعة 11 مارس 2016م الموافق 02 جمادى الآخرة 1437هـ

قبلة الوداع

مالك عبدالله malik.abdulla [at] alwasatnews.com

.

في 18 فبراير/ شباط 2016 شاء الله أن يغادر الحاج عبدالله محمد (والدي) الحياة بعد سنوات قضاها في العمل والكفاح، لا أتحدث عنه إلا لأنه نموذج لأشخاص كثر عاشوا ويعيشون على أرض هذا الوطن الحبيب، وليس كوالدي.

عمل «أبومحمد» في الغوص والصيد ثم انتقل إلى العمل لسنوات طويلة في الزراعة، بين كل تلك الأعمال كانت هناك صعوبات كبيرة، انتهت بتركه لمهنة الزراعة بعد أن تم «تحويط المزرعة»!

منذ الثمانينيات وحتى التسعينيات وحتى بعد العام 2011 ظل أحد أفراد عائلته مفقوداً لا يمكنه رؤيته، وذلك نظراً للأحداث السياسية المتأزمة في البحرين، والتي عايشها قبل الثمانينيات بسنوات طويلة.

عندما أغمض عينيه كان دائماً ما يطلب رؤية ذلك الفرد من العائلة ليضمه إلى صدره، لكن أوضاع البحرين وما يجري فيها حرمته من ضم ذلك الفرد العزيز على قلبه.

حُرم «أبومحمد» من أن يرى وطنه الذي تعب كما تعب غيره من الآباء والأجداد في بنائه والعمل في أرضه، حُرم من أن يراه وقد ساده الأمن والأمان الناتج عن التوزيع العادل للثروة، وعن وقف كل أنواع التمييز ومحاربة الفساد، واعتماد المواطنة كمبدأ أساسي.

المواطنة التي كان من يحولون ألقابهم أو حتى لا يجيدون العربية أو لا يعرفون مناطق البحرين يتهمونه وهو الذي عاش سنوات طويلة فيه، كما عاش آباؤه وأجداده من قبله بأنهم طارئون على الوطن!.

الوطن الذي ضمهم وضم أجساد أبائهم وأجدادهم صاروا طارئين فيه على ألسن أنطقتها السياسة!.

من عملوا بالغوص وعاصروه، من زرعوا الأرض وحصدوها أصبحوا طارئين بينما أصبح الكلام لمن...؟!.

ووسط كل الآمال والآلام، نصيحة من القلب لمن يعيش بين والديه، لن ينفع الندم ولن تعود إليك عقارب الساعة أبداً لتفعل ما تريد وخصوصاً مع والديك.

في الليلة الأخيرة لوالدي... كنت معه وقبل أن أخرج ولست أعلم لماذا؟، قمت بتقبيل يده قبل الخروج، لكنها كانت القبلة الأخيرة، لو لم أقم بها لكنت نادماً، وأعتقد أن هذا شعور الكثير الكثير من الأشخاص الذين قد يكونون لأسباب طبيعية من غير تقصير لم يوفقوا لفعل ذلك.

قبل رأس أو يد والديك كل ما رأيتهم، لا تنتظر المناسبات، فلربما غادرا قبل المناسبة أو كنت مسافراً حينما ينزل بهما أمر الله.

ستكون حسرة في قلبك لا تنساها، وندامة لن ترجعك للوراء. فلربما كانت قبلة الوداع التي لا تعلم أنها كذلك، أطال الله أعمار الجميع.

إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"

العدد 4935 - الجمعة 11 مارس 2016م الموافق 02 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:13 م

      رحمك الله يا عم ؛ كنت عمود العائلة ووسام نفتخر به بأن لنا مثل شخصك الحنون ، الطيب ، السخي ، بل تفتخر بك كل القرية ، حقا ،، أن جرح فقدك مخلد فينا !؛ ففقد الاب غربة وانت عمنا وابونا !

    • زائر 5 | 8:34 ص

      رحمة الله عليه كان لنا ابا حنونا ،ملؤه عطاء وكرم وجود وتدين ورحمة، لاانسى ابتسامته وضحكته المعهوده في وجه كل الناس الصغير منهم والكبير ،لم اجده يوما يحقر احد صغيرا او كبيرا ولم اره يوما امسك عن نشر الخير والحب ،اسئل الله العلي القدير ان يرحمه ويرحمنا ويحشرنا مع محمد واله الطيبين الطاهرين... رحم الله من قرأ سورة الفاتحة،،،.

    • زائر 3 | 1:08 ص

      غادر عنا ابو محمد بجسده ولكن أعماله الخيريه و ابناءه ذو الخلق الرفيع والإيمان الكبير خير خلف له ... رحل ابو محمد رجل المسجد والمآتم وخلف جدرانهم تدعو له فهو لم يتركهم حتى اخر حياته .... سيد علي المرخي

    • زائر 2 | 11:27 م

      رحم الله والدك واسكنه فسيح جناته أن شاء الله ويقال ما مات شخص أنجب ولدا بار مثلك ارفع راسك انت بحريني محب ومخلص لوطنه وكفى

    • زائر 1 | 11:17 م

      رحمك الله يا أبا محمد.... وحشرك مع ساداتك الأطهار محمد وآله الطاهرين... نعم كم اب وام... له أمنية وهي العيش في وطن يحتضن الجميع... وطن يسوده الاستقرار والحرية والعدالة والكرامة

    • زائر 4 زائر 1 | 2:12 ص

      رحمه الله والدك بالنسبة للزمان الي نعيشه كل عجائب مثل مايقولون مقلوب الدهر

اقرأ ايضاً