العدد 4935 - الجمعة 11 مارس 2016م الموافق 02 جمادى الآخرة 1437هـ

القطان: تدخُّل الآباء والأمهات في شئون الأزواج والزوجات خطر ينتهي بالطلاق

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

الوسط - محرر الشئون المحلية 

11 مارس 2016

وصف إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، تدخل الآباء والأمهات في شئون الأزواج والزوجات، بأنه «مكمن الخطر لدى كثير من الأسر»، وينتهي إلى الطلاق والفراق، مؤكداً أن الطلاق كثر بسبب كثرة النمّامين والحاسدين.

ورأى القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (11 مارس/ آذار 2016)، أن مثل هذه التدخلات في الحياة الزوجية، لهي مكمن الخطر لدى كثير من الأسر، فما بال الآباء والأمهات يهجمون على البيوت فيأتونها من ظهورها، ويمزقون ستارها، ويهتكون حجابها، وينتزعون الجرائد من أكنافها، والفرائد من أصدافها، ويوقعون العداوة والبغضاء والشحناء بين الأزواج؟!.

الخطبة التي خصصها القطان للحديث عن «الطلاق وآثاره الخطيرة على الأسرة»، استعرض من خلالها أسباب زيادة حالات الطلاق في الوقت الحاضر، مشيراً إلى أن «الطلاق كثر اليوم حينما فقدنا زوجاً يرعى الذمم، وعندما فقدنا الأخلاق والشيم، زوجٌ يطلب زوجته اليوم، فيأخذها من بيت أبيها عزيزةً كريمةً، ضاحكة مسرورة، ويردها بعد أيام قليلة، حزينة باكية، مُطَلَّقَةً ذليلة. وكثُر الطلاق حينما استخف الأزواج بالحقوق والواجبات، وضيَّعوا الأماناتِ والمسئوليات، سهرٌ إلى ساعات متأخِّرةٍ من الليل، أو سفر للهو والمتعة، وضياعٌ لحقوق الزوجات، والأبناء والبنات، يُضحك الغريب، ويُبكي القريب، يؤنس الغريب، ويوحش الحبيب».

وقال: «كثر الطلاق اليوم، حينما كثر النمّامون، وكثُر الحُسَّاد والواشون؛ كثُر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجاً يغفر الزلة، ويستر العورة والهنة، حينما فقدنا زوجاً يخاف الله، ويتقي الله، ويرعى حدود الله، ويحفظ العهود والأيامَ التي خلت، والذكرياتِ الجميلةَ التي مضت». وأضاف «كثر الطلاق اليوم، حينما فقدنا الصالحات القانتات، الحافظات للغيب بما حفظ الله، حينما أصبحت المرأة طليقةَ اللسان، طليقة العنان، تخرج متى شاءت، وتدخل متى أرادت، خرّاجة ولاّجة إلى الأسواق والمجمعات، إلى المنتديات واللقاءات، مُضَيِّعَةً لحقوق الأزواج والبنات والأبناء؛ يا لها من مصيبةٍ عظيمةٍ!.

كثر الطلاق اليوم، حينما تدخّل الآباء والأمهات في شئون الأزواج والزوجات، الأب يتابع ابنه في كل صغير وكبير، وفي كل جليل وحقير؛ والأم تتدخل في شئون بنتها في كل صغير وكبير، وجليل وحقير؛ حتى ينتهي الأمر إلى الطلاق والفراق.

كما بيّن أن الطلاق كثر «لما كثرت المسْكِرات والمخدِّرات، فذهبت العقول، وزالت الأفهام، وتدنَّت الأخلاق، وأصبح الناس في جحيم وألمٍ لا يُطاق... كثر الطلاق اليوم، لما مارس بعض الأزواج على الزوجات الضرب والقسوة والعنف والغلظة، والإهانة والتحقير، وفقد التفاهم بين الزوجين». وأردف قائلاً: «كثر الطلاق اليوم، لما كثرت النعم، وبطر الناس الفضل من الله والكرم، وأصبح الغني الثري، يتزوج اليوم ويطلق في الغد القريب، ولم يعلم أن الله سائله، وأن الله محاسبه، وأن الله مُوقِفُهُ بين يديه في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، ولا عشيرة ولا أقربون. ولما فُقِدت قوامة الرجل في بعض المجتمعات، إبَّان غفلةِ تقهقُرٍ عن مصدر التلقِّي من كِتَابٍ وسُنَّة، ورَكَنَ فئامٌ من الناس إلى مصادرَ مريضةٍ، قلَبَتْ مفاهيمَ العشرة، وأفسدت الحياة الزوجية، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وتولَّى كِبْرَ تلك المفاهيم، بعض وسائل الإعلام في بعض صوره، من خلال وسائل اتصالات مضللة، أو من خلال مشاهداتٍ متكرِّرة، يقَعِّدُ فيها مفاهيمَ خاطئةً، ومبادئ مقلوبة في العشرة الزوجية. والواقع أن داخل البيت المسلم يتأثر بخارجه، وتيارات الميوعة والجهالة، إذا عصفت في الخارج، تسللت إلى الداخل، فلم ينج من بلائها إلا مَن عصم الله عز وجل.

واعتبر الحياة الزوجية «حياة اجتماعية، ولا بُدَّ لكل اجتماع من رئيس يرجع إليه عند الاختلاف في الرأي والرغبة. إن الرجل أحق بالرئاسة؛ لأنه أعلم بالمصلحة، وأقدر على التنفيذ، بما أودع الله فيه من ذلك، وإنَّ ما تتلقنه المرأة من الأجواء المحيطة بها، على منازعة الرجل قوامته، لَمِن الانحراف الصرف، والضلال المبين».

وأكد أن «قوامة الرجل في بيته لا تعني منحه حق الاستبداد والقهر والعنف، فعقد الزوجية ليس عقد استرقاق، ولا عقد ارتفاق لجسد المرأة، إنه أزكى من ذلك وأجلّ؛ وكلٌّ من الزوجين بشَرٌ تام، له عقل يفكِّر به، وقلب يحب به ويكره، فوجب الحق للمرأة حتى مع قوامة الرجل».

كما وصف القطان الطلاق بأنه «مصيبة عظيمةٌ»، داعياً من يريد الطلاق إلى أن يصبر الصبر الجميل.

وأوضح أن «الطلاق يكون حراماً إذا كان لغير سبب أو ضرورة، فالزواج نعمة، والطلاق من غير حاجة إليه فيه ضرر على الزوج والزوجة. ونرى اليوم -مع الأسف!- بعض الرجال ممن لم يُقدّر إكرام الله له، بجعل الطلاق بيده، يتسرع في إيقاع الطلاق لأتفه الأسباب، غير ناظر إلى ما يجره ذلك من نتائجَ وخيمةٍ عليه وعلى زوجه وذريته، فهو إن باع أو اشترى حلف بالطلاق، وإن أراد أن يُنزل أحداً على رغبته طلق، أو أراد منع زوجته من شيء حلف وطلق، بل ربما مازح بعض زملائه بالطلاق، أو راهن بالطلاق، فيعود إلى بيته والمسكينة منتظرة إياه، متزينة له، معدة طعامه، فيُروّعها ويقول لها احتجبي عني، والحقي بأهلك، فقد طلقتك». وقال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي: «لا شيء يخفِّف أثقال الحياة وأوزار المتاعب عن كاهل الزوجين، كمثل أحدهما للآخر، ولا شيء يعزي الإنسان عن مصابه في نفسه وغيره مثل المرأة للرجل، والرجل للمرأة، فيشعر المصاب منهما بأن له نفساً أخرى، تمده بالقوة، وتشاطره مصيبته.

ونوّه إلى أن «لكل من الزوجين حقّاً على الآخر، فحق على الزوج أن ينفق عليها ولا يقصر، ولا يكلفها من الأمر ما لا تطيق، وأن يسكنها في بيت يصلح لمثلها، وأن يعلّمها، ويؤدّبها، ويغار عليها، ويصونها، وألا يتخونها، ولا يلتمس عثراتها، وأن يعاشرها بالمعروف». وأضاف «من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في المعروف، وأن تتابعه في مسكنه، وألا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، وأن تمكنه من نفسها، وألا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه، وألا تخرج بغير إذنه، وأن تشكر له نعمته عليها ولا تكفرها، وأن تدبّر منزله، وتهيئ أسباب المعيشة به، وأن تحفظه في دينه وعرضه».

العدد 4935 - الجمعة 11 مارس 2016م الموافق 02 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً