تحزنين وأنت تعالجين الناس من الحزن، تلعبين مع ابنتك في الأماكن العامة وأنت تظهرين في وسائل الإعلام، تبتسمين دائماً وأنت تعملين في مهنة تتطلب الجدية، تهتمين بمظهرك وأنت في عمر قارب الأربعين، هكذا أتلقى الانتقادات في أحيان كثيرة وأجزم أن العديد من الأفراد يواجهون بعض الانتقادات المشابهة وخاصة إذا كانت طبيعة عملنا من وجهة نظر مجتمعنا تتطلب الجدية، ولهذا قد يكون هذا عامل ضغط في أحيان ليست بالقليلة على بعض الأفراد، فرغم ظروف العمل الضاغطة والتي من الممكن أن تسبب الاحتراق النفسي نجد أن هناك ضغوطاً أخرى من المجتمع تضعنا في إطار محكم، إن حياتنا تتكون من عناصر مهمة متعددة ومعقدة، ومن المهم بالنسبة لصحتنا العقلية العامة أن نحافظ على تحقيق التوازن المناسب بين العمل والحياة.
ويتمثل التحدي الحقيقي في فهم طبيعة عملنا وحياتنا، وكيفية تفاعل الاثنين، ونوعية تبعات التوازن غير الصحيح بين الاثنين، والأمور التي يمكنك القيام بها من أجل استعادة هذا التوازن. وحالما نحقق هذا التوازن الناجح، فيمكننا الحصول على أفضل ما في حياتنا، والعثور على درجة كبيرة من الرضا. وربما يأخذ هذا الامر بعض الوقت، والجهد، والتواصل، وحتى العلاج، ولكنه يستحق الاستمرار.
إن محاولة خلق هذا التوازن والفصل بينهما هو نجاح، ويبعدنا عن ما يسمى الاحتراق النفسي والذي يفسره علم النفس في الأبحاث والدراسات التي تناولت هذه الظاهرة هو أن الاحتراق النفسي «حالة من الإنهاك الجسدي والانفعالي والعقلي تظهر على شكل إعياء شديد وشعور بعدم الجدوى وفقدان الأمل وتطور مفهوم ذات سلبي واتجاهات سلبية نحو العمل والحياة والناس». ويتضمن ثلاثة مكونات هي: الإجهاد الانفعالي emotional exhaustion يتصف هذا البعد بالإرهاق والضعف واستنزاف المصادر الانفعالية لدى الفرد إلى المستوى الذي يعجز به عن العطاء، ويعد هذا البعد العنصر الأساسي للاحتراق النفسي ويظهر على شكل أعراض جسمية، أو نفسية، أو جمع بينها. تبلد المشاعر depersonalization
يتضمن هذا البعد تغيراً سلبياً في الاتجاهات والاستجابات نحو الآخرين، وخصوصاً الذين يتلقون الخدمات التي يقدمها هذا الفرد (أيّاً كانت وظيفته)، وغالباً ما يكون مصحوباً بسرعة الغضب والانفعال، وفقدان التقدير للعمل، وكذلك الاتجاهات الساخرة نحو المراجعين .نقص الشعور بالإنجاز الشخصي low personal accomplishment ميل الفرد إلى تقييم انجازاته الشخصية بطريقة سلبية، ويتمثل بمشاعر الاكتئاب، والانسحاب، وقلة الإنتاجية، وعدم القدرة على التكيف مع الضغوط، والشعور بالفشل، وضعف تقدير الذات.
وعلاجه في اغلب الاحيان يكون معرفة النفس واقامة علاقات متوازنة مع الأسرة والأصدقاء. لابد من استعادة التوازن الداخلي، إذا كان صوت الهاتف يزعجك في المساء أقفله. أعط لنفسك حقها. أحياناً تأخذنا المتاعب والسعي دون أن ندري فنصل إلى مرحلة ننتبه أننا خرجنا عن المألوف لدينا. نقف لنقول لأنفسنا: كفى. إلى أين؟ في تلك اللحظة يكون الإنذار الداخلي قد تلقيناه وسمعناه. لكن في بعض الأحيان يتكرر ذلك الإنذار ولا نعيره انتباهاً بل نمضي فيما نحن فيه فإذا بنا نحرق أنفسنا بأيدينا.
إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"العدد 4934 - الخميس 10 مارس 2016م الموافق 01 جمادى الآخرة 1437هـ
درر درر
بس حبيت آرفع معنوياتج ، شكراً