اختتمت أمس الخميس (10 مارس/ آذار 2016) مناورات «رعد الشمال» التي أقيمت في شمال المملكة العربية السعودية ووصفت بأنها «الأكبر» في المنطقة، باحتفال شارك فيه العديد من قادة الدول العربية والإسلامية العشرين المشاركة في التمارين.
وحضر المناورة الختامية للتمارين التي بدأت قبل زهاء أسبوعين، قادة ومسئولون بارزون تقدمهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي تشكل هذه المناورات الضخمة أحد مظاهر دور إقليمي متزايد وسياسة خارجية أكثر جسارة، منذ اعتلائه العرش قبل أكثر من عام.
وكان الإعلام الرسمي السعودي قال عند انطلاق المناورات التي شاركت فيها قوات برية وجوية وبحرية، إنها تهدف إلى التدرب على مواجهة قوات غير نظامية وجماعات «إرهابية».
وفي منصة زجاجية فرش خارجها السجاد الأحمر، استضافت «مدينة الملك خالد العسكرية» في مدينة حفر الباطن (شمال)، الملك سلمان وضيوفه كأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح ونظيره القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
كما حضر الرؤساء المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر حسن البشير واليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس الوزراء الإماراتي حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ونظيره الباكستاني نواز شريف. وشارك قادة ومسئولون سياسيون وعسكريون من دول عدة بينها تركيا والمغرب وسلطنة عمان والبحرين وتشاد والسنغال وماليزيا.
وتابع المسئولون عرضاً لنحو ساعتين يجسد معركة شاركت فيها طائرات حربية مقاتلة، ومروحيات هجومية وأخرى مخصصة لنقل القوات.
وتحركت الآليات العسكرية وسط سحب دخان متصاعدة من ضربات جوية ورمايات من رشاشات ثقيلة من البر عبر مدرعات ودبابات، ومن الجو باستخدام مروحيات من طراز «آباتشي».
كما نفذت قوات خاصة محمولة جواً، إنزالاً من المروحيات على أهداف «إرهابية»، تزامناً مع تقدم قوات من المشاة لمطاردة الأهداف نفسها، وتنفيذ عمليات تشمل تحرير رهائن، أو اقتحام مخابئ لعناصر مفترضين.
ووصف رئيس هيئة الأركان العامة للقوات السعودية قائد التمرين، الفريق أول ركن عبد الرحمن البنيان المناورات بأنها «أحد أكبر التمارين العسكرية من حيث عدد القوات المشاركة واتساع منطقة العمليات العسكرية التي تغطي مسرح عمليات المنطقة الشمالية» عند الحدود مع العراق والكويت.
ومن المقرر أن يقام اليوم (الجمعة) عرض عسكري ختامي للقوات المشاركة، والتي شملت دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وتركيا وغيرها.
ضد «الارهاب» ومع «استقرار» المنطقة
وتأتي المناورات في ظل أوضاع مضطربة في منطقة الشرق الأوسط لا سيما مع تنامي نفوذ التنظيمات الجهادية، ونزاعات في أكثر من بلد لا سيما سورية واليمن، وتوتر إقليمي حاد مع إيران.
وكان الإعلام الرسمي السعودي أشار عند الإعلان عن المناورات إلى أنها ستركز على «تدريب القوات على كيفية التعامل مع القوات غير النظامية، والجماعات الإرهابية، وفي نفس الوقت يدرب القوات من نمط العمليات التقليدية إلى ما يسمى بالعمليات منخفضة الشدة».
وذكرت وكالة (واس) في حينه إلى أن المناورات تأتي «في ظل تنامي التهديدات الإرهابية وما تشهده المنطقة من عدم استقرار سياسي وأمني»، وأن الدول المشاركة ترغب «في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة».
وتأتي المناورات في خضم دور سعودي إقليمي متزايد، يشمل المشاركة في التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)». وأعلنت المملكة استعدادها كذلك للمشاركة بقوات برية في قتال الجهاديين في سورية، شرط أن يكون ذلك في إطار التحالف الدولي.
كما أعلنت الرياض في ديسمبر/ كانون الأول تشكيل تحالف عسكري إسلامي ضد «الإرهاب»، وتقود منذ مارس 2015 تحالفاً عربياً ضد المتمردين الحوثيين في اليمن دعماً للقوات الحكومية.
وتأتي المناورات في ظل تزايد التوتر بشكل حاد بين السعودية وخصمها الإقليمي اللدود إيران، مع قطع الرياض علاقتها الدبلوماسية بطهران إثر مهاجمة بعثات لها في الجمهورية الإسلامية من محتجين.
وفي مؤتمر صحافي عقده في حفر الباطن الإثنين، أكد المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي العميد الركن أحمد عسيري أن المناورات تركز على مواجهة التهديد «الإرهابي»، وأنها لا تستهدف إيران.
كما قال عسيري إن المناورات غير مرتبطة بالتحالف الإسلامي العسكري الناشئ، والذي من المقرر أن يجتمع مسئولون عسكريون من دوله في السعودية خلال الشهر الجاري.
وأورد الحساب الرسمي للمناورات على موقع «تويتر» أن هدفها «إبراز القدرات القتالية العالية» للجيوش المشاركة، وقدرتها على «العمل في بيئة العمليات المشتركة»، وإظهار أنها «تقف صفاً واحداً لمواجهة التحديات».
وسبق لقوات حرس الحدود السعودية وقوات أخرى تابعة لوزارة الداخلية، أن نفذت في مارس من العام الماضي مناورات عند الحدود العراقية استمرت أسبوعاً. وبحسب «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، يعد الجيش السعودي الأفضل تجهيزاً من بين دول الخليج.
كيري يزور السعودية وفرنسا
قالت وزارة الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية، جون كيري سيسافر الخميس لزيارة السعودية وفرنسا.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر إن كيري سيجتمع في حفر الباطن بالسعودية مع مسئولين سعوديين كبار لمناقشة أزمتي سورية واليمن فضلاً عن قضايا أمنية أخرى. وأضاف تونر للصحافيين في إفادة يومية أن كيري سيزور باريس يومي السبت والأحد للاجتماع مع نظرائه من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي لمناقشة «سلسلة واسعة من القضايا الإقليمية والدولية».
العدد 4934 - الخميس 10 مارس 2016م الموافق 01 جمادى الآخرة 1437هـ