تواجه الرياضة الروسية، قبل خمسة أشهر من دورة الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو، كارثة ضخمة، إذ باتت قائمة الرياضيين الروس البارزين المتورطين في تناول مادة "ميلدونيوم" الشهيرة تتسع يوما تلو آخر.
وما كان اعتراف لاعبة التنس الروسية ماريا شارابوفا بتعاطي هذه المادة إلا البداية، فقد توالت بعد ذلك قضايا أخرى لرياضيين على مستوى رفيع في الرياضة الروسية مثل المتزلج بافيل كوليشينكوف ولاعب كرة الطائرة الكسندر ماركين.
وانضم أمس (الأربعاء) ثلاثة عدائين للمسافات القصيرة للقائمة، كما طالت فضيحة المنشطات أيضا رياضات التزلج الفني ورفع الأثقل والدراجات، لتضم القائمة حتى اليوم 10 أسماء لرياضيين من العيار الثقيل.
يذكر أن الاتحاد الروسي لألعاب القوى لا يزال يطبق عقوبة الإيقاف المفروضة عليه على خلفية تورطه في إقرار نظام منهجي لتناول رياضييه للمنشطات، مما يعني احتمالية استبعاده من المشاركة في الأولمبياد في أغسطس/ آب المقبل.
وكان نائب رئيس البرلمان الروسي ايجور ليبيديف قد طالب أمس (الأربعاء) عقد اجتماع استثنائي للجنة الأولمبية الوطنية لمناقشة أزمة مادة الـ "ميلدونيوم"، التي تتسبب في سقوط العديد من رياضي البلاد في فخ المنشطات.
ونقلت وكالة "انترفاكس" للأنباء عن ليبيديف قوله: "نرى كيف يقع واحد تلو الآخر في فضيحة المنشطات هذه، حيث سنفتقد وجودهم في أولمبياد هذا الصيف".
وبدأت موسكو في إدخال إصلاحات على معاملها الطبية، بعد أن قدمت اللجنة المستقلة التابعة للوكالة العالمية لمكافحة المنشطات "وادا" تقريرا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تشير فيه إلى تبني الرياضة الروسية نظاما منهجيا لتعاطي المنشطات.
وعلى رغم ذلك، لا ترى روسيا المنشطات كمشكلة ولكن كمؤامرة من الغرب ضدها.
ومن جانبه، أكد رئيس الاتحاد الروسي للتزلج أليكسي كرافزوف، أن تهمة تعاطي مادة الـ "ميلدونيوم" تم إلصاقها برياضي بلاده بشكل مناف للحقيقة.
وكانت مادة الـ "ميلدونيوم" يتم تدوالها بشكل طبيعي في أوروبا الشرقية تحت اسم "ميلديرونات" ولم تكن محظورة حتى نهاية العام 2015، كما كانت تباع بدون نشرة من الطبيب وكانت تستخدم كمكمل دوائي يساعد على تنشيط القلب.
واعتمد الرياضيون على هذا الدواء لتحسين الدورة الدموية ورفع معدلات التحمل البدني والذهني.
وقبل صدور قرار الحظر وجد مراقبو المنشطات الروس بقايا لمادة الـ "ميلدونيوم" في أربع ألاف و 316 عينة بول.
وتقع مسئولية إبلاغ المدربين والأطباء والرياضيين بالتعليمات الجديدة لـ "وادا" على كاهل الاتحادات الرياضية للألعاب المختلفة.
ولذلك، تتصاعد وتيرة الغضب بين العديد من السياسيين في البرلمان الروسي، إذ أشار النائب فاسيلي شيستاكوف من حزب روسيا الموحدة الحاكم إلى أن مشكلة تناول مادة الـ "ميلدونيوم" أكبر بكثير من أن يتم حصرها بين المدربين والأطباء بشكل فردي.
وقال السياسي الروسي: "أرى أن الذنب في هذا الأمر يقع على عاتق المدربين بشكل جماعي"، مؤكدا في الوقت نفسه أن الاتحادات تتحمل نصيبها من المسئولية: "القيادات أخفقت في هذا الموضوع".
وقالت صحيفة "سبورت-اكسبريس" الروسية: "هل نعتبر المنشطات شيئا ضارا لصحة الأمة، التي تعد أكثر قيمة من انتصاراتنا المحتملة؟".
وطالبت الصحيفة الروسية بالقيام بإجراء جاد وعدم الاكتفاء بتفسير ما يحدث بأنه حملة للرياضة العالمية موجهة ضد روسيا.
ويبدو أن انتقاد الذات يقف عند حد معين في جميع الأحوال، فقد قال ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأربعاء) في موسكو: "الأمر يتعلق ببعض الرياضيين وبحالات فردية، نشعر بالأسى حيال ذلك بالطبع ولكن لا يمكن تحميل الرياضة الروسية تبعات الموضوع برمته".