لا يمكن لشخص أن يحتل مكاناً في قلوب من حوله إلا حينما يكون إنساناً، يتعامل مع من حوله من أشخاص ومواقف وأحداث بطبيعته الفطرية المجبولة على الحب والخير والوقوف إلى جانب الحق.
أن تكون إنساناً يعني أن تكون في العمق من المحبة لكل ما ومن حولك، بعيداً عن الحقد ورغبة في إحداث الشر أو تبنيه. أن تكون صادقاً غير منافق، أميناً لا تعرف الخيانة.
ما يدفعني لكتابة هذا هو ما وجدته قبل أيام في مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً «الفيس بوك» عندما ملأت صور الشاعر التونسي محمد الهادي الجزيري صفحات الأصدقاء ووصلت إلى أماكن صورهم الشخصية في ملفات التعريف الخاصة بهم، بعد أن أصيب بجلطة دماغية أدخلته المستشفى.
بعض الأصدقاء نشر الصورة مذيلة بالدعاء وطلب من الجميع الدعاء له بالشفاء، بعضهم نشر الصورة وهو متيقن أن رجلاً كالجزيري لابد أن يقاوم ويهزم المرض، وخصوصاً هو الذي يقول دائماً: الحياة حلوة، فيما عبّر بعضهم عن ألمهم لمرضه، بينما أرتأى آخرون أن يكتفوا بذكر خصاله الطيبة والدعاء له بالشفاء والعافية.
الجزيري - شفاه الله - ليس رئيس دولة أو رئيس حزب، ولا يمتلك منصباً يجعل الناس تتملقه، لكنه يمتلك قلباً أبيض أجمع على بياضه كل من عرفه، ويمتلك موقفاً شجاعاً ينصر فيه الحق ضد الباطل مهما كان ما سيتعرض له من هجوم، كما إنه يمتلك قلماً بديعاً وحساً شاعرياً يكتب خلاله ما يتناسب مع روحه الشفافة وقلبه النقي.
استوقفني الأمر كثيراً وكما فعل معي فإنه استوقف بعض الأصدقاء ممن يعرفونه، لكننا اتفقنا فيما بعد على أن ما يحدث اليوم هو نتيجة طبيعية لما حدث طوال تلك السنين التي يتعامل بها الجزيري مع كل من حوله بكل محبة وإيثار، فمازلتُ أتذكر كيف أنه آثر البقاء معنا، نحن مجموعة من الشعراء والشاعرات، بعد منتصف ليلة ماطرة كي يبحث لنا عن فندق مناسب نقضي فيه ليلتنا قبل سفرنا صباحاً عائدين إلى بلداننا، كنا نتجول في العاصمة التونسية والمطر يبللنا، لكن لم يهدأ له بال أو يذهب إلى بيته - وهو العائد معنا من الجنوب التونسي بعد غياب أسبوع - إلا حينما تأكد أننا بخير وأمان وقد حصلنا على غرف مناسبة في فندق مناسب ليودعنا بكل محبة وابتسامته تعلو محياه.
حين تكون إنساناً سيقف الآخرون معك من غير أن ينتظروا منك شكراً أو مقابلاً، سيقفون معك في شدتك قبل رخائك، وفي حزنك قبل فرحك وفي تعثرك قبل أن تقف ثانية، والأمثلة من حولنا كثيرة على هذا ابتداءً من التاريخ ومروراً بحياتنا العامة والخاصة.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4933 - الأربعاء 09 مارس 2016م الموافق 30 جمادى الأولى 1437هـ
نعم إنه محمد هادي الجزيري الإنسان .. شافاه الله وعافاه صديقتي سوسن دهنيم تحياتي
سوسن شكرالكم
مقال يحمل الإنسانيه بين كلماته لا أكثر ربي يحفظكم اختي سوسن ياريت هالمقالات الجميله تزين صفاحتنا الصحفيه والاجتماعيه والسياسيه
لم أسمع عنه من قبل ولكني اشتقت للتعرف عليه وان تأخرت فالإنسان يعرف بمواقفه وليس بموقف واحد كما يفعل البعض .. شفاه الله من مرضه.
خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ (الأمام علي) عليه السلام