احتفل العالم أمس، الثامن من مارس/ آذار، باليوم العالمي للمرأة، عبر سلسلة من الحفلات والأنشطة الفنية والفعاليات الاجتماعية، والمسيرات السلمية والبيانات.
هذه المناسبة فرصةٌ ليراجع كل بلد إنجازاته وإخفاقاته، ونجاحه وتقصيره، في النهوض بمستوى المرأة وفتح الآفاق أمامها للتطور والمشاركة في الحياة العامة، بما فيها المجال السياسي.
في البحرين، ستبقى أخبار الاحتفال بهذا اليوم، مستمرةً حتى نهاية هذا الشهر، عبر ما تنشره الصحف من أخبار تكريم وتقديم هدايا وورود للعاملات في مختلف الوزارات والمؤسسات والشركات، في القطاعين العام والخاص. ولاشك أن تكريم المرأة عنوانٌ على حضارية البلد ورقيّه، كما أنه استحقاقٌ واجبٌ للمرأة، لقاء ما تقدّمه للمجتمع من عطاء لا ينضب، ودون منَّةٍ أو طلب شكر. إنها رمز العطاء ومنبع الحب والحنان، ولولاها لأصبحت الدنيا فريسةً للرجل، الوحش الذي لم يتم ترويضه حتى الآن.
الاحتفال بهذا اليوم يقوم على أساس إحياء ذكرى أول تظاهرة للمرأة العاملة في شوارع نيويورك العام 1856، احتجاجاً على التمييز والمعاملة المهينة في العمل، بعد انتشار المصانع وزيادة الطلب على اليد النسائية العاملة. وظلّت المرأة منذئذٍ تناضل من أجل غدٍ أفضل وأرحم.
في تلك البلاد البعيدة أيضاً، وُلدت حركة الحقوق المدنية، والتي لم يفجّرها المنظّرون والفلاسفة والصحافيون، وإنّما سيدةٌ زنجيةٌ كادحةٌ كانت تعمل خيّاطة، وكانت تملك من الوعي والشعور بالأنفة والعزة والكرامة ما يفتقر إليه الكثير من الرجال، وهو ما أمدّها بطاقةٍ جعلتها تعترض على قوانين التمييز العنصري، التي تقضي بإخلاء الزنجي مكانه في الباص لصالح الأبيض، فتعرّضت للضرب والإهانة، واقتادها السائق إلى مركز الشرطة، حيث جرى تغريمها 15 دولاراً لأنها لم تخلِ مقعدها لشابٍ أبيض. ومن هنا بدأت شرارة حركة الحقوق المدنية، التي غيّرت الوضع المنحرف في أميركا، وألغيت تلك القوانين العنصرية البائسة التي تدلّ على أسوأ أمراض الإنسان. وبعد مرور نصف قرن، اشترى أحد المتاحف الأميركية الحافلة القديمة التي دخلت التاريخ بسبب تلك الواقعة، بمبلغ يقارب نصف مليون دولار.
هذه البطلة، روزا باكس، دخلت التاريخ من أوسع أبواب النضال ضد العنصرية والانحراف البشري، ومنحت الوسام الرئاسي في 1996. وكتبت عن مشاعرها في ذلك اليوم قائلة: «تذكّرت أجدادي وآبائي، والتجأت إلى الله، فمنحني القوة التي يمنحها للمستضعفين». وفي 2005، توفيت روزا عن 92 عاماً فبكاها الآلاف، وحضر تشييعها عشرات الآلاف، بينهم رؤساء دول، ونُكّس فيه علم البلاد.
المرأة هي المرأة، تلك الشمعة التي تضيء لنا في الظلام، وتشيع الدفء في قلوبنا والأمل في حياتنا. وحين نكتب للاحتفاء بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء في بلادنا، فإنها فرصةٌ أيضاً للتذكير بمكامن الألم والمعاناة. فرغم ما حقّقته البحرينية من إنجازات ونجاحات، مازالت تعاني من التهميش والإقصاء، وقبل أيامٍ قرأنا نتيجة أحد الاستطلاعات عن أنواع العنف الذي تتعرّض له، وهو واقعٌ خاطئ يحتاج إلى علاج وإصلاحات.
في بيانٍ لمكتب قضايا المرأة في جمعية «وعد»، صدر في هذه المناسبة، وضع اليد على الجرح، حين ذكّر بعدد من النساء خلف القضبان لمطالبتهن بالديمقراطية وبالمساواة. ونبّه البيان إلى ما تتعرّض له المرأة، الأم أو الزوجة أو البنت، جراء التوسع في حالات إسقاط الجنسية، وما يتركه ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية ونفسية.
تحيةً وإجلالاً للمرأة في يومها العالمي، التي تقدّم أرقى نماذج العطاء والتضحيات، لرعاية أسرةٍ سعيدةٍ، وخلق عالمٍ خالٍ من أمراض التمييز والعنصرية وثقافات الكراهية، ومن أجل مستقبل أفضل للإنسان.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4932 - الثلثاء 08 مارس 2016م الموافق 29 جمادى الأولى 1437هـ
تهنئه
للمرأه كل التقدير والاحترام لكل ما تبذله من جهد في سبيل خدمة عائلتها ووطنها، وبالذات المرأة العامله.
كل التقدير لها. المرأة هي المرأة، تلك الشمعة التي تضيء لنا في الظلام، وتشيع الدفء في قلوبنا والأمل في حياتنا.