حفلت ملاعبنا الرياضية خلال الأسبوع الماضي بالكثير من الحوادث المؤسفة التي تحتاج إلى علاج مباشر بدل التهرب منها أو ادعاء عدم المعرفة بها للتخلص من تبعاتها.
هذه الحوادث تتطلب علاجاً جذريّاً يمنع أو يقلل كثيراً من التسيُّب الحاصل في ظل شعور المعتدي بالأمان من أن يطاله العقاب.
ما حدث في مباراة البديع والبحرين بدوري الدرجة الأولى لكرة القدم بغض النظر عن المتسبب فيه أو ما حدث في مباراة الاتحاد والحد بدوري الشباب كلها نماذج تبين مقدار الجهد المطلوب من الاتحادات الوطنية ومن المسئولين عن الرياضة في ضبط الملاعب وإقامة بطولات تنافسية حقيقية وممتعة يشعر فيها الجميع بالأمان من جماهير ولاعبين وحكام وأجهزة فنية وإدارية على السواء.
الشعور بالأمان في المسابقات الرياضية مطلب أساسي لا يمكن التنازل عنه ومن دونه لا مجال لإقامة رياضة عادلة وتنافسية.
الشعور بالأمان ليس مسئولية رجال الأمن وحدهم الذين يتواجدون في معظم الملاعب الرياضية على مستوى الدرجة الأولى، ولكنه مسئولية مشتركة بين الاتحادات الوطنية وبين الأندية ومن خلال قوانين وإجراءات تعطي للرياضة قيمتها الحقيقية البعيدة عن التعصب الأعمى والبعيدة عن أخذ الحق باليد.
عندما نقارن ما يحدث في ملاعبنا بما نشاهده على الشاشات على صعيد الرياضة العالمية نصاب بالذهول للدرجة التي بلغها الآخرون في الوقت الذي مازالت ملاعبنا تحفل بحالات المطاردة والاعتداء والألفاظ النابية وحالات من الشغب الجماهيري وغيرها الكثير.
على صعيد مسابقات الفئات العمرية المشكلة أكبر في ظل غياب الأمن عادة عن مثل هذه المباريات فيكون الحكام عرضة للضغوط والهجوم ولا يستطيع الكثير منهم التعامل مع أجواء المباريات بالشكل الصحيح نتيجة شعوره بالخوف على سلامته الشخصية.
سبق أن طرحت أن مشكلة التحكيم لدينا قبل أن نناقشها أو ننقدها يجب علينا أن نسأل أولاً سؤالاً مركزيّاً، وهو هل يشعر الحكم بالأمان حقّاً لكي يتمكن من اتخاذ القرار العادل؟، وقبل توفير الأمان الكامل للحكام داخل وخارج الملعب فلا مجال للحديث عن مستوى التحكيم.
كما تطرقت سابقاً لحملة «احترام» التي دشنها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم واستهدفت مباريات الفئات العمرية، إذ نجحت هذه الحملة على مدار 7 سنوات في تقليل البطاقات الصفراء بسبب الاحتجاجات بمقدار الربع والاعتداءات الخطيرة كانت قليلة جدّاً ومتباعدة.
وبحسب دراسة قام بها خبراء من 3 جامعات بريطانية وبعد حصر 1.2 مليون مباراة في الموسم الماضي للفئات العمرية، وخصوصاً فئة الناشئين، كانت حالات الاعتداءات الخطيرة أقل بكثير من 1 في المئة، ما يجعل المشكلة تحت السيطرة، بحسب قولهم.
إذاً هم يعترفون بوجود مشكلة في أقل من 1 في المئة من أكثر من مليون مباراة وبحالات خطورة أقل بكثير مما يحصل لدينا، ونحن من أصل 200 مباراة في الموسم ربما هناك عشرات الاعتداءات الخطيرة والموثقة، والأدهى أننا لا نعترف حتى بوجود المشكلة.
حملة «احترام» نحن الأولى بها في ملاعبنا، والرياضة التي تخلو من الاحترام ليست رياضة، وإنما هي حلبة مصارعة، ومن دون مبادرات حقيقية تشخص المشكلة أولاً وتعترف بوجودها بدل التهرب منها فإننا بعيدون جدّاً عن الوصول للحلول.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 4931 - الإثنين 07 مارس 2016م الموافق 28 جمادى الأولى 1437هـ